mena-gmtdmp

مؤسّس مجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون هدى إبراهيم الخميس: الثقافة تكمل مسار الدبلوماسية

هدى إبراهيم الخميس
هدى إبراهيم الخميس

«الفنونُ، والثقافةُ ركيزتان استراتيجيَّتان للنهضةِ، واستمرارِ الحضارة، والثقافةُ أساسُ الهويَّة». بهذه الكلماتِ الملهمة، بدأت الإماراتية هدى إبراهيم الخميس، مؤسِّسةُ مجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، حديثها لـ «سيدتي». فهي تستثمرُ في تمكينِ الشباب، وتعملُ على تعزيزِ هويَّتهم، وتنميةِ قدراتهم، وفتحِ أبوابِ المعرفةِ أمامهم للابتكارِ، والإبداعِ، والتواصلِ مع العالم، والظهورِ إلى جانبِ كبارِ المبدعين العالميين في المسارحِ الدوليَّة، وترى في الفنونِ وسيلةً للارتقاءِ بالإنسانيَّة، وخلقِ الوعي، ورسمِ المستقبل، وتهدفُ إلى إثراءِ الرؤيةِ الثقافيَّةِ لأبو ظبي عبر توفيرِ الفرصِ للمبدعين، وإعطاءِ المسرحِ لهم لتقديمِ أعمالٍ، تُحقِّق طموحاتهم، وتوصلُ رسالتهم، وتُجسِّد تجاربهم.
هي سيدةٌ، تُخطِّط لكلِّ موسمٍ ثقافي من أجل دعمِ النهضةِ الثقافيَّة، ورفدِ الحضارةِ بأعمالٍ عالميَّةٍ. تستغلُّ فعاليَّاتِ مهرجانِ أبو ظبي بالاستثمارِ في الموارد، واللقاءِ الفكري مع شركائها الاستراتيجيين من أهمِّ المؤسَّساتِ الثقافيَّةِ العالميَّة، والمهرجاناتِ الدوليَّة، وتلتزمُ بأعلى المعايير، وأفضل الممارساتِ العالميَّة حتى تمَّ اختيارُ الحدثِ من قِبل هيئةِ الإذاعةِ البريطانيَّة بوصفه أفضل مهرجانٍ موسيقي في الشرقِ الأوسط. التقينا هدى إبراهيم الخميس في حوارٍ راقٍ، دارَ حول عالمِ الثقافةِ والفنِّ، وترسيخِ الهويَّةِ الوطنيَّةِ الإماراتيَّة.


هدى إبراهيم الخميس

هدى إبراهيم الخميس


يأتي مهرجانُ أبو ظبي لعامِ 2025 تحت شعارِ «أبو ظبي: العالمُ في مدينةٍ»، وهو مرآةٌ للعاصمةِ الإماراتيَّة. تقولُ عنه: «يحفلُ المهرجانُ بجماليَّاتِ التلاقي الإنساني عبر قوَّةِ الفنون، ويمتازُ بمكانةٍ رائدةٍ في مشهدِ الثقافةِ العالميَّة، ويحملُ رسالةَ التعدُّديَّةِ الثقافيَّةِ، والتميُّزِ الفني، ويسهمُ في ترسيخِ قيمِ التنويرِ، والسلامِ، والفكرِ المتجدِّدِ الحر». وتستطردُ في الحديثِ عن المهرجانِ الذي وصلَ للعالميَّة: «قدَّم المهرجانُ العامَ الجاري برنامجاً عالمياً حافلاً بالتميُّز الفنِّي، ما أسهم في تعزيزِ الحضورِ الإماراتي على الصعيدِ العالمي، كما استضافَ كبارَ الفنَّانين العالميين في أبو ظبي، ووفَّرَ فرصاً جديدةً لصقلِ المواهب، وتنميةِ المهارات، وبناءِ القدرات، وقدَّمَ مبدعي الإماراتِ الشباب على خشبةِ مسرحِ مهرجانِ أبو ظبي جنباً إلى جنبٍ مع أكبرِ فرقِ الأوركسترا في العالم، والهدفُ من ذلك بناءُ جسورِ الحوارِ الثقافي والتواصلِ الإنساني في إطارِ التناغمِ والوحدة، والجمالِ والسلام». وتلفتُ إلى أن «مهرجان أبو ظبي، احتفى منذ تأسيسه بـ 21 دولةً، كانت ضيفةَ شرفٍ في دوراته المتتالية، وفي 2025، اختيرت اليابان ضيفةَ الشرف حيث استضفنا أهمَّ فرقِ الأوركسترا، والفنَّانين اليابانيين، كما نُقدِّم الآن فنَّاني الإمارات في اليابان ضمن إكسبو أوساكا في الفنِّ التشكيلي، والموسيقى، والفنِّ المعاصر، والمقبلُ أكثر».


تجربة عميقة


يعدُّ معرضُ «الوسائط المتعدِّدة: كلُّنا دوائر مفتوحة» الأكبرَ من نوعه لمقتنياتِ متحفِ سول للفنون SeMA الذي نُظِّمَ تحت رعايةِ الشيخِ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائبِ رئيسِ مجلسِ الوزراء وزيرِ الخارجيَّة، الراعي الفخري والمؤسِّس لمهرجانِ أبو ظبي، والشيخةِ شمسة بنت حمدان آل نهيان. تتحدَّثُ عنه السيدة هدى: «يُجسِّد المعرضُ رحلةً معرفيَّةً عميقةً في أبعادِ فنِّ الوسائطِ المتعدِّدة New Media Art، والأثرِ الذي تتركه، متَّحدين بعناقِ الفنِّ، ورباطِ الثقافة، وقد تألَّق فيه 29 فناناً كورياً رائداً، و48 عملاً بإشرافِ القيِّمتَين الفنيَّتَين كيونج هوان يو، ومايا الخليل. هذا المعرضُ جزءٌ من سرديَّةٍ أشمل من SeMA من سول، العاصمةِ الكوريَّة، وبدأنا فيه مع فنَّاني الإمارات، بينهم محمد كاظم وجُميري، بتكاليفَ حصريَّةٍ، وإقاماتٍ فنيَّةٍ، وندواتٍ حواريَّةٍ، وأعمالٍ متفرِّدةٍ، مقدِّمةً استجابَتَنا للتغيير، ومُسائلةً الذاكرةَ، والهويَّةَ، والتكنولوجيا، والذكاءَ الاصطناعي، وداعيةً للاحتفاءِ بمنجزٍ رائدٍ، ووالد فنِّ الفيديو نام جون بايك». وتضيفُ: «معرضُ متحفِ سول للفنون، هو الدليلُ على أن الثقافةَ تُكمِلُ مسارَ الدبلوماسيَّة، وتفتحُ الأبوابَ، وتتجاوزُ كلَّ الحدود، وتصلُ كما الأنشودةُ والقصيدة، وأجملُ ما فيه التجربةُ بعمقها وأبعادها الثقافيَّةِ المتكاملة».
ما رأيك بالتعرف على روز العمّاري المستشارة القانونية في السلك القضائي الإماراتي


رسالة خالدة في الإيقاع


لم يتوقَّف «أبو ظبي للثقافة والفنون» يوماً عن التخطيطِ لتقديمِ مبادراتٍ، تعكسُ هذه الرؤيةَ محلياً وعالمياً في النشرِ، وأعمالِ الإنتاجِ المشترك، والتكليفِ الحصري، والاقتناء، وفقَ هدى إبراهيم الخميس. توضحُ: «على سبيلِ المثالِ لا الحصر، يُنظَّم في ديسمبر من العامِ الجاري معرضُ الفنِّ التشكيلي الإماراتي في سول مع أعمالِ نحو 40 فناناً من البلاد، تُجسِّد نشأةَ التشكيلِ الإماراتي المعاصرِ خلال 50 عاماً من التطوُّرِ والازدهار مع ما يعنيه ذلك من حركةٍ تبادليَّةٍ للإبداع، تُمكِّن التنميةَ المجتمعيَّةَ والإنسانيَّة، وتُغذِّي المنظومةَ الثقافيَّةَ في الإماراتِ وكوريا والعالم». وتُكمِلُ: «قدَّمنا في السياقِ نفسه، وضمن برنامجِ مهرجانِ أبو ظبي في الخارج، وللمرَّةِ الأولى، على مسرحِ قصر كنزنجتون في بريطانيا ثلاثةَ مبدعين إماراتيين من قلبِ العاصمةِ لندن بفكرِ، وحضارةِ، ورسالةِ الإمارات الحيَّةِ في الروح، والخالدةِ في الإيقاع، والأبديَّةِ في الأثر. بين ماضٍ مجيدٍ، ومستقبلٍ واعدٍ، نبنيه بالأمل، جسَّد فنانونا عَبَق وعراقةَ تاريخ دولةِ الإمارات بأداءٍ فتي، وأرواحٍ طموحةٍ مع المؤلِّفِ الموسيقي إيهاب درويش، وعملِه أطلال الزمن».
وتذكرُ قائلة: «تولي دولةُ الإمارات العربيَّة المتَّحدة أهميَّةً قصوى لقطاعِ الثقافةِ والفنون، وقد وضعت بفضلِ توجيهاتِ القيادةِ الرشيدة للشيخِ محمد بن زايد آل نهيان، رئيسِ الدولة، حفظه الله، الأسسَ، والركائزَ المثلى لمستقبلٍ زاهرٍ للثقافةِ والفنون، ويكفي دليلاً على ذلك الاستراتيجيَّةُ الوطنيَّةُ للصناعاتِ الثقافيَّةِ والإبداعيَّة 2021 – 2031، واستراتيجيَّةُ أبو ظبي للصناعاتِ الثقافيَّةِ والإبداعيَّةِ التي أعلنتها دائرةُ الثقافةِ والسياحة – أبو ظبي نوفمبر 2019، وما تشهده الدولةُ، على سبيلِ المثالِ لا الحصر، من مبادراتٍ رائدةٍ، بينها المنطقةُ الثقافيَّةُ بالسعديَّات في أبو ظبي مع متاحفِ اللوفر، وجوجنهايم، وزايد الوطني، ومتحفِ التاريخ الطبيعي».
وتُؤكِّد: «أبو ظبي، هي بالفعلِ الفضاءُ العالمي الواسعُ، والممتدُّ للثقافةِ الإنسانيَّة. لقد كانت على الدوام، تؤدي دورَ المنارةِ للفكرِ الحرِّ، وتنظرُ للمستقبلِ بطموحِ ورؤيةِ الشيخِ زايد، طيَّب الله ثراه، بكلِّ ما تعنيه الثقافةُ الإنسانيَّةُ من قيمِ التعدُّديَّةِ، والتنوُّعِ، واحترامِ الآخر، وحوارِ الثقافات».

"كل مقتنياتي قريبةٌ إلى قلبي وهي بالنسبة لي لا تعني عملاً فنياً بذاته بل هي مرآةٌ لشخصية الفنان وسيرة حياته"

هدى إبراهيم الخميس


مصدر إلهامنا


في يومِ المرأةِ الإماراتيَّة، تُقيِّم مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، حضورَ الإماراتيات في المشهدِ الثقافي اليوم. تقولُ: «الشيخةُ فاطمة بنت مبارك، رئيسةُ الاتحادِ النسائي العام رئيسةُ المجلسِ الأعلى للأمومةِ والطفولة الرئيسةُ الأعلى لمؤسَّسةِ التنميةِ الأسرية، أمُّ الإمارات، هي قدوتنا في قيادةِ المرأة، وحضورها بالمشهدِ الثقافي، والمنجزاتِ الوطنيَّةِ والعربيَّةِ والإنسانيَّةِ بشكلٍ عامٍّ. لقد ظلَّت على الدوام دانةَ فكرٍ، ومصدرَ ثقافةٍ وإلهامٍ، والتزمت بأعباءِ النهضةِ الإماراتيَّةِ بوعي حضاري حتى أصبحت هذه الثقافةُ متأصِّلةً لدى المرأةِ الإماراتيَّة منذ البداياتِ الأولى مع تأسيسِ جمعيَّةِ المرأةِ الظبيانيَّة بوصفها أوَّلَ جمعيَّةٍ نسائيَّةٍ في أبو ظبي 8 فبراير 1973، ووصولاً إلى يومنا هذا. نحن نستلهمُ من رؤيتها في إعدادِ المرأة، لتكون عنصراً فاعلاً في المجتمع، وفي خدمةِ وطنها، وبناءِ المهاراتِ والقدراتِ التي تُؤهِّل الإماراتيَّةَ لتحتلَّ الصدارةَ إقليمياً وعالمياً، ونسعى إلى ترجمةِ رؤيةِ قيادتنا الرشيدة بجعل يومِ المرأةِ الإماراتيَّة في 28 أغسطس من كلِّ عامٍ احتفاليَّةً وطنيَّةً وإنسانيَّةً واعدةً بكلِّ خيرٍ، ومعبِّرةً عن الإنجازاتِ العظيمةِ طوال أعوامٍ كثيرةٍ مضت في دولةٍ، أدركت مبكِّراً معنى أن تكون المرأةُ صانعةً للهوية، ومدرسةً للأجيال، واحتفالنا بهذا اليوم، لم يكن ليعكسَ هذه الدلالاتِ العظيمة، والمشاعرَ الغامرةَ بالاعتزازِ والفخر لولا ريادةُ الشيخةِ فاطمة بنت مبارك، أمّ الإمارات، حفظها الله، ومسيرةُ عطائها في محبَّةِ الإنسانيَّة، وحرصُها على تمكين المرأةِ، وبالتأكيد نهجُ زايد الخير».
وعن رسالتها للمبدعاتِ من الجيلِ الجديد، تمنَّت عليهن، أن «يتمثَّلن سيرةَ، ورؤيةَ، وحكمةَ الشيخةِ فاطمة، حفظها الله، وأن يكن قائداتٍ لما نشهده من تمكينٍ للمرأةِ الإماراتيَّة بقرارهن، وشراكتهن الوطنيَّةِ في رسمِ السياسات، وصناعةِ القرارات بإبداعٍ وابتكارٍ، ومساهماتٍ فاعلاتٍ في مسيرةِ التنميةِ وبناءِ الوطن، وأن يسجلن حضورهن على الصعيد العالمي، ويقدن حوارَ الثقافات».
يمكنك أيضًا التعرف على سيدة الأعمال ومدربة الذوق العصري العنود الحوسني


عظمة الحضارة العربية


تقتني هدى إبراهيم الخميس تحفاً فنيَّةً متنوِّعةً، ترتبطُ بذكرياتٍ مؤثرِّةٍ في حياتها. تحكي عنها في ختام حديثها: «كلُّ مقتنياتي قريبةٌ إلى قلبي، وهي لا تعني بالنسبةِ لي عملاً فنياً بذاته، بل هي مرآةٌ لشخصيَّةِ الفنَّان، وسيرته، ومسيرةِ معايشته الحياةَ بحلوها ومرِّها. هي سجلٌّ مبدعٌ لتفاصيلَ، يسردها بمفهومه الخاصِّ للجمالِ المحيط الذي يأسرُ قلبه، ويطغى على تفكيره ووجدانه. كلُّ عملٍ فنِّي له حيِّزه الخاصُّ من الإبداعِ، والتعبيرِ الخلَّاقِ، والتأثيرِ في المتلقي والمقتني، وكلُّ تحفةٍ أثريَّةٍ، تحكي تاريخاً مجيداً. من جهتي، أعتزُّ بأنني استطعتُ أن أقتني في منزلي من التاريخ ما يُمكِّنني من أن أسردَ، وأعيشَ تفاصيلَ حكايةِ حضارتنا، وأن أنقذَ، وأحفظَ الكثير من تاريخنا العريق. منزلنا، السبيل، هو لقاءٌ للفكرِ، ومرآةٌ لعظمةِ الحضارةِ العربيَّةِ التي أتمنَّى ألَّا نضيِّع روائعها وآثارها الباقية».
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط