«عربيزي» لغة تجتاح عقول شبابنا

تطور طبيعي
رنا عيسى (خريجة كلية تجارة) تقول: «أستخدم الفرانكو آراب كثيرًا في تعاملاتي على الإنترنت والموبايل، وأرى أنه تطور طبيعي للغة العصر الذي نعيشه، ولكنه قد يؤثر على لغتنا بشكل كبير في المستقبل؛ لذا أحاول أن أبدأ في الاعتماد على اللغة العربية في كتاباتي. وأتذكر أنني مررت بفترة في حياتي كنت أستغرب كثيراً ممن يكتبون باللغة العربية على الإنترنت، لكن بمرور الوقت أدركت أن علينا الاعتزاز بلغتنا العربية لغة القرآن. لكن حقاً كل من يستخدم الإنترنت والموبايل ينجرف مع هذا التيار من دون قصد».
أما إسراء صبري (خريجة كلية سياسة واقتصاد) فتعلق على الموضوع قائلة: «أستخدم الفرانكو آراب على الإنترنت، وأعتقد أن كثيرين يهولون من استخدامها، ويطلقون حملات للتوقف عن استخدامها فلماذا كل هذا؟! فالفرانكو مجرد أسلوب كتابة يستسهله الشباب، فأنا مثلاً أستخدمه مع من لا يجيدون الإنجليزية، وأعتمد عليه؛ لأنني تعودت على أماكن الحروف الإنجليزية في لوحة المفاتيح ليس أكثر. وأعتقد أن هويتنا ولغتنا أكبر من أن تتأثر بمجرد ساعة أقضيها على الإنترنت وأستعمل فيها الفرانكو.
وأحاول أن أنظر للأمر بإيجابية أكثر، فعندما يكتب بعضنا بالإنجليزية مثلاً، ويشعر أن هناك معنى معيناً لا يستطيع التعبير عنه باللغة الإنجليزية، نجده يستخدم اللفظ العربي والكتابة بأسلوب فرانكو آراب في وسط كتاباته حتى يعبر عما يريد، فارتباطنا بلغتنا كبير؛ لذا نعود إليها للتعبير عما لا نستطيع التعبير عنه باللغات الأخرى، وإن اختلف أسلوب الكتابة.
عقدة نقص
وتخالفها الرأي آلاء عبدالجليل (خريجة كلية التجارة جامعة القاهرة) حيثُ تقول: أتعجب كثيراً ممن ينساقون وراء أي عادة حتى لو كانت لا تتشابه مع ثقافتنا وهويتنا. فهؤلاء الذين يستخدمون الفرانكو آراب أغلبهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية، فوجدوا فيه السبيل للظهور بمظهر أكثر رقياً وتحضراً أمام غيرهم.. ولا أقصد أننا لا نواكب المتغيرات في عصرنا ولكن علينا التدبر قبل الانسياق وراء أي جديد، فأنا مثلاً أستخدم إما اللغة العربية وإما الإنجليزية في كتاباتي وحديثي، ولكن ما يطلق عليه الفرانكو آراب هو تشويه لكلتا اللغتين ولهويتنا العربية كذلك.
من جانبه يحذر تيموثي سامح (طالب جامعي) من اللغة المستخدمة قائلاً: أنا على يقين أن استخدام الفرانكو آراب في الكتابة أمر خطير للغاية، وسيظهر تأثيره على لغتنا العربية في المستقبل، وشاركت في حملات تدعو لعدم استخدامه والاعتماد على اللغة العربية، ولكن للأسف استخدامه أصبح أمراً واقعاً. فعندما دخلت إلى عالم الإنترنت ووجدت هذا الأسلوب الجديد في الكتابة أحببت كثيراً التعرف إليه، وسألت أصدقائي عن معنى الأرقام والاختصارات. وأشعر بأن استخدام الفرانكو أسهل بكثير من استخدام اللغة العربية أو حتى الإنجليزية، خاصة لما في هذا الأسلوب من اختصارات تسهل التواصل. وأجمل ما في الأمر أن من أحاورهم فاهمون لهذا الأسلوب وهذه الاختصارات؛ فنشعر أن لنا لغتنا الخاصة وعالمنا الخاص بنا.
نعمة اللغة العربية
أحمد علي (خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة) يبدي اعتزازه بلغتنا العربية، ويقول: لا أنساق وراء تيار غريب علينا وعلى ثقافتنا. فلم أرَ في الفرانكو لغةً ولا أسلوباً، فلا هو قريب من الإنجليزية ولا من العربية. وحتى إذا كتب إليَّ شخص على الإنترنت باستخدام الفرانكو أرد عليه باللغة العربية، حتى لو كنت في محادثة مع زملائي ويكتبون جميعهم بالفرانكو لا أنساق وراءهم وأكتب بالعربية ولا أخجل من هذا إطلاقاً.. وإذا كنت أريد «المنظرة» لاستخدمت اللغة الإنجليزية في كتاباتي معهم، وهي لغة دراستي لكني اعتز بلغتي العربية.
ولا يعني هذا أننا ننعزل عن العالم ولا نتطور معهم، ولكن علينا أن نكتسب من الآخرين ما يتلاءم معنا ومع ثقافتنا وهويتنا، وأن نعتز بنعمة اللغة العربية ونحافظ عليها، وألا نستغني عنها مقابل ما هو أدنى مما نملك.
ويؤيده مصطفى أبو زيد (طالب بكلية الإعلام جامعة القاهرة) إذ يقول: أستخدم الفرانكو في «الشات» على الإنترنت وفي رسائل الموبايل، وقد يرجع السبب لتعودي على أماكن الحروف الإنجليزية في لوحة المفاتيح حيثُ إن دراستي باللغة الإنجليزية.. ورغم هذا أعي تماما أننا سنعاني من آثار استخدام الفرانكو على لغتنا وانتمائنا لهويتنا العربية، وأتمنى ألا يتطور استخدام الفرانكو معنا إلى أكثر من هذا.. فللأسف هناك من الشباب من يستخدمونه الآن في أبحاثهم العلمية ولو بنسب بسيطة، لكن مجرد الجرأة على استخدامه خارج نطاق الإنترنت والموبايل أمر خطير للغاية.
أجيال ضحلة
الدكتور عدلي رضا الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة تحدث حول هذه الظاهرة فقال: يجب على الشباب الاعتزاز بلغته القومية لأنها جزء من شخصيته ومن قوميته. وأرى أنه من الكارثة أن يوجد لدى الشباب أسلوب خاص في التواصل لا تفهمه الأجيال الأخرى، فالأب يجلس بجوار ابنه وهو يستخدم الإنترنت ولا يفهم الأب ماذا يكتب ابنه وكيف يفكر ومع من يتواصل، وهذا ليس دليلاً على اتساع الاتصال بل هذا يؤدي إلى وجود أنماط اتصالية غريبة في المجتمع.. ويتساءل لماذا من الأساس يستخدم الأبناء هذا الأسلوب الغامض الذي لا يفهمه الآباء إلا إذا كانت هناك أمور يريدون إخفاءها أو أن هناك شيئاً يخجلون منه؟

وعن تقديم شركة ميكروسوفت برنامجاً يدعو المستخدم للكتابة بالفرانكو، ويقوم البرنامج بتحويله للغة العربية علق دكتور عدلي قائلاً: «أمر كهذا يؤدي إلى خلق أجيال ضحلة وغير مؤهلة علمياً؛ فالهدف من عمل برنامج كهذا هو الربح على حساب كفاءة العقول المستخدمة، وهذا فيه تعمد لتشويه لغتنا العربية وطمس هويتنا العربية، وهذا ما يتمناه أعداء الأمة العربية والإسلامية.
وعن الحل يرى دكتور عدلي: «علينا أن نتعلم ما يسمى بالتربية الإعلامية؛ لأن الشباب يستخدم وسائل الإعلام والوسائل التكنولوجية دون وعي بكيفية استخدامها بشكل سليم، ونحن نكتفي بمشاهداتهم دون توجيههم وتوعيتهم بخطورة الانسياق وراء أي جديد وغريب دون التدبر في نتائج استخدام هذا الجديد وتأثيره على مستقبلهم وهويتهم وثقافتهم. والأسرة يجب أن يكون لها دورها التربوي، وأن تتحاور مع أبنائها فوجود الحوار بين الآباء والأبناء وكذلك في المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام يؤدي للوضوح وتعلم الأبناء كيف يعبرون عن آرائهم من دون استخدام أساليب رمزية لا يفهمها غيرهم».
الكتابة الصوتية
الدكتور إبراهيم ضوة الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية قال: «هذا الأسلوب من الكتابة ليس غريباً، وليس مفاجأة علينا كلغويين بل إننا نعلِّمه للطلبة بالجامعات في علم الأصوات تحت مسمى (الكتابة الصوتية)، ونستخدمها عندما لا يعرف من نتواصل معه قراءة الحروف العربية فنحولها إلى لاتينية، ولكنها لا تحتوي على أرقام مثلما يكتبها الشباب، وهي علم يختلف بالطبع في قواعده عما يفعله الشباب».
وبالنسبة لاستخدام الشباب لهذا الأسلوب على الإنترنت يقول: «أرقام مثل (7،3،5) وغيرها يستخدمها الشباب في هذا الأسلوب من الكتابة؛ لأن الحروف التي تعبر عنها هذه الأرقام لا يوجد مقابل لها في اللغة الإنجليزية، ويحرص هذا الأسلوب على كتابة كل صوت بالحرف الذي يعبر عنه تماماً فيكتب السين (s) ويكتب الباء (B) وهكذا. فهو إذن حريص على النطق، وعندما يتحدث فهو يتحدث باللغة العربية».
وعن التخوف من تأثير هذا الأسلوب في الكتابة على اللغة العربية يضيف: «لا خوف من تأثير هذا النمط من الكتابة على العربية؛ لأن لكل منهم نظاماً مختلفاً تماماً عن الآخر، واندثار اللغة العربية أمر مستحيل فنحن نعيش في مجتمع يستوعب مختلف الاتجاهات والأفكار.
أضاف: نحن نخشى من التأثير على لغتنا العربية، إذا كان هناك نوع من التقارب يسمح بالتداخل فنخشى عليها من لغة مثل الفارسية، فهي تكتب بحروف عربية باستثناء بعض الحروف، لكن الحروف اللاتينية التي تستخدم في هذا الأسلوب الذي يطلق عليه الشباب «الفرانكو آراب» لم ولن تؤثر تماماً على لغتنا؛ لأنها نظام مختلف تماماً كما ذكرت.
وإذا أردنا أن نتواصل مع الشباب فكما نحاول فهم طريقة تفكيرهم علينا أن نفهم هذا الأسلوب في الكتابة الخاص بهم. فلكل جيل طريقة تفكيره، وقيام البعض بحملات ضد هذا الأسلوب في الكتابة هم أناس لهم آراؤهم وفكرهم، ولم يعنِ هذا أن رأيهم صحيح. فكل جديد يُختلَف عليه، ومستحيل أن يتفق الجميع على أمر واحد».