أن تبتعد عن مكتبك لا يعني بالضرورة أنك خرجت من العمل، فالعقل قد يرافقك في الإجازة محملاً بالبريد الإلكتروني، والمواعيد المؤجلة، والمهام التي لم تُنجز. تجد نفسك في قلب البحر تفكر في الاجتماعات، أو تتناول القهوة على شرفة فندق وأنت تحلل آخر تقرير. هذا النوع من التفكير المستمر يسرق منك لحظة الاستراحة التي يفترض أن تكون متنفساً. السؤال هو: كيف تتعلّم أن تُغلق الباب فعلياً، وتمنح نفسك إجازة عقلية لا جسدية فقط؟ توضح لك الخبيرة في مجال علم النفس والاجتماع، الدكتورة هبة المغربي، خمس خطوات بسيطة، لكنها جوهرية؛ تساعدك على استعادة لحظة الراحة المفقودة.
ابدأ الفصل مبكراً
الاستعداد للإجازة لا يبدأ حين تغادر المكتب، بل قبل ذلك بأيام. عندما تترك مهامك غير مكتملة، أو تودع زملاءك من دون تنظيم واضح لما سيجري أثناء غيابك، ستبقى أفكار العمل تلاحقك. لا بد من تفريغ عقلك تدريجياً؛ وذلك عبر ترتيب الأولويات، إغلاق الملفات العالقة، وتفويض ما يمكن تفويضه. حين تشعر أن كل شيء في مكانه؛ يصبح عقلك أكثر استعداداً لتقبّل فكرة الراحة من دون شعور بالخطر أو التقصير.
هل تعلم: ما هي أخطر مهنة قانونية في العالم؟ 5 أسباب تجعلها لا تُطاق نفسياً
غيّر أدواتك الرقمية
الهاتف والبريد الإلكتروني هما الجسر العقلي الذي يربطك بالعمل، حتى من على بُعد آلاف الكيلومترات، لذلك فإن الاستمرار باستخدام نفس الأدوات يعني أنك لا تزال في الدائرة نفسها. خصص هاتفاً للإجازات أو أوقف إشعارات البريد، وابعد التطبيقات التي تربطك بزملائك أو بمهامك اليومية. كلما وضعت مسافة بينك وبين أدوات العمل؛ زاد شعورك بالتحرر، وبدأت تشعر أن الوقت لك وحدك، لا للمهام العالقة.
املأ وقتك بالجديد
الفراغ الذهني هو أخطر ما يواجهك في الإجازة؛ لأنه يفتح الباب لتسرب التفكير القديم من جديد. لذلك، اختر نشاطاً جديداً لم تفعله من قبل، حتى لو كان بسيطاً؛ كزيارة مكان غير مألوف، أو تجربة نوع جديد من الهوايات. هذه الأنشطة تساعد في إعادة توجيه التركيز إلى مسارات خارج بيئة العمل، وتُبقي ذهنك مشغولاً بما يبهجك، بدلاً من أن يعود إلى ما يُرهقك.
حرّر نفسك نفسياً
بعض الموظفين يشعرون بالذنب حين يستمتعون بالإجازة، وكأنهم يتخلون عن التزاماتهم. هذا الإحساس يربك الراحة، ويجعلها مقيدة بشروط لا أحد يطلبها منهم أصلاً. من المهم أن تفهم أن الاستراحة ليست انسحاباً، بل وسيلة لتجديد الطاقة والقدرة على العطاء. حين تؤمن بأن الراحة من حقك، لا مجرد مكافأة، تصبح أكثر تصالحاً مع لحظات الاسترخاء، وتتخلص من الشعور الداخلي بأن عليك أن تكون متصلاً طوال الوقت.
عُد تدريجياً للعمل
المشكلة ليست فقط في مغادرة العمل، بل في العودة إليه. حين تكون العودة مفاجئة وقاسية؛ يميل العقل إلى البدء في التحضير لها حتى أثناء الإجازة، مما يفسد اللحظات الأخيرة منها. خصص في اليوم الأخير بعض الوقت لمراجعة المواعيد المقبلة، من دون أن تفتح ملفات أو تدخل في تفاصيل. هذه العودة التدريجية تمنح عقلك القدرة على الانتقال بسلاسة، من دون أن يشعر بأنه يُنتزع من حالة الراحة بقسوة.
لماذا لا نستطيع أحياناً الانفصال عن العمل حتى ونحن بعيدون عنه؟
التفكير المستمر في العمل لا يعني دائماً أنك شخص مخلص، بل قد يكون علامة على أنك دخلت في حالة تداخل خطيرة بين نفسك ووظيفتك! هذا التداخل يجعل من الصعب عليك أن تسترخي؛ لأنك ربطت قيمتك الذاتية بإنتاجك فقط. الانفصال المؤقت لا يعني الخيانة أو التقصير، بل هو تمرين نفسي ضروري لتبقى قوياً على المدى الطويل، فالعقل يحتاج هو الآخر لإجازة، وربما أكثر مما يحتاجها الجسد.
شاركنا رأيك: هل موظف خدمة العملاء هو الأكثر صمتاً والأكثر غضباً؟ 4 أشياء يعيشها ولا يبوح بها