اعتنق الإسلام على يديه 75 ألف شخص

على الرغم من كل ما يواجهه الإسلام من حملات لتشويهه، فإن زيادة أعداد المسلمين في أوروبا وأميركا تثير مخاوف الغرب، حيث ظهرت دراسة حديثة تؤكد أن عدد المسلمين فاق عدد الكاثوليك، ليصير أتباع الإسلام الأكثر في العالم للمرة الأولى في التاريخ، كما أن الإسلام أصبح يحتل المرتبة الثانية في السويد بعد الدين المسيحي، وهو ما حدا بالحكومة السويدية إلى الاعتراف به وتدريسه في المدارس الحكومية، ومازالت قصص إسلام الغربيين تثير الدهشة، ومنها قصة القس والمبشر بالنصرانية «جوزيف إستس»، سابقًا، والذي تحوّل الى داعية أسلم على يديه أكثر من 75 ألف شخص حتى الآن.

«سيدتي» التقت الشيخ يوسف إستس للتعرف الى قصة إسلامه، وتحوله من مبشر وداعية للنصرانية الى داعية إسلامي.

قصة اعتناق الإسلام

  حدثنا عن قصة اعتناقك للإسلام...

اسمي يوسف إستس بعد الإسلام، وقد كان قبل الإسلام جوزيف إدوارد إستس، ولدت في غربي أميركا لعائلة نصرانية (1944)، شديدة الالتزام، آباؤنا وأجدادنا لم يبنوا الكنائس والمدارس فحسب، بل وهبوا أنفسهم لخدمة النصرانية، بدأت بالدراسة الكنسية أو اللاهوتية، حتى صرت قسًّا وداعية من دعاة النصرانية، وكذلك كان والدي، وكنا نعمل بالتجارة في الأنظمة الموسيقية وبيعها للكنائس.

كنت عدوًّا للإسلام، وكنت أرى المسلمين وثنيين لا يؤمنون بالله، وهم همجيون وإرهابيون، يقتلون من يخالف معتقدهم، ولم أكن أتوانى عن نشر النصرانية، وعندما قابلت ذلك الشخص الذي دعاني للإسلام، فإنني كنت حريصًا على إدخاله في النصرانية، كان ذلك في عام 1991، عندما بدأ والدي عملاً تجاريًّا مع رجل من مصر، وطلب مني أن أقابله، وعلى الرغم من سعادتي؛ لأننا سنتوسع في تجارتنا، فإنني تضايقت بشدة عندما علمت أنه مسلم، واضطررت لمقابلته؛ لأنني كنت أقيم مع والدي، وتحضيرًا للقاء لبست قبعة عليها صليب، ولبست عقدًا فيه صليب ضخم، وعلقت صليبًا كبيرًا في حزامي، وأمسكت بنسخة من الإنجيل في يدي، وحضرت إلى طاولة اللقاء بهذه الصورة، ولكني عندما رأيت الضيف ارتبكت. فقد كنت أتوقع رجلاً كبيرًا يلبس عباءة ويعتمر عمامة كبيرة على رأسه، وحواجبه معقودة، فلم يكن على رأسه أي شعر «أصلع»، وبدأ مرحبًا بنا وصافحنا، كل ذلك لم يعنِ لي شيئًا، ومازالت صورتي عنهم أنهم إرهابيون، وتطرقنا في الحديث عن ديانته، وتهجمت على الإسلام والمسلمين حسب الصورة المشوهة التي كانت لديَّ، وكان هو هادئًا جدًّا، وامتص حماسي واندفاعي بهدوء، ثم بادرت إلى سؤاله: هل تؤمن بالله؟ قال: أجل، ثم قلت: ماذا عن إبراهيم وتضحيته لله؟ قال: نعم، قلت في نفسي: هذا جيد، سيكون الأمر أسهل لتنصيره، ثم تحدثنا عن المعتقدات لساعات، وقد وجدت الرجل لطيفًا جدًّا، وكان هادئًا، استمع بانتباه الى كل كلمة، ولم يقاطعني أبدًا.

 

أربعة قساوسة ومسلم واحد

ودعا والدي الضيف المصري للإقامة لدينا لظروف ما، فتعمدت دعوة قس صديقي يتبع المذهب الكاثوليكي، له خبرة 12 عامًا في دعوته في القارتين الأميركيتين، فصار بالمنزل خمسة: أربعة من علماء ودعاة النصارى، ومسلم مصري عامي، أنا ووالدي من المذهب البروتستانتي النصراني، وكان والدي قسًّا معترفًا به في الكنيسة، وزوجتي تتبع مذهب «البورنجين» المتعصب وله ميول صهيونية، وأنا نفسي درست الإنجيل والمذاهب النصرانية، وانتهيت من حصولي على شهادة الدكتوراه في العلوم اللاهوتية، وكان لديَّ الكثير من المنصرين في ولاية تكساس، بعد الاستقرار في المنزل بدأنا جميعًا نجتمع حول المائدة بعد العشاء كل ليلة لمناقشة الديانة، وكان بيد كل منا نسخة إنجيل مختلفة، وأنا شخصيًّا منذ أن كنت قسًّا لم أستطع أن أقتنع بمسألة التثليث، وسألت الضيف في إحدى المرات: كم نسخة من القرآن ظهرت طوال السنوات الـ1400؟ أخبرني بأنه ليس هناك إلا مصحف واحد، وأكد لي أن القرآن قد حفظ في صدور مئات الآلاف من الناس الذين علموه لمن بعدهم، واندهشت، كيف يمكن أن يحفظ هذا الكتاب المقدس، ويسهل على الجميع قراءته ومعرفة معانيه؟! هكذا بدأ الحوار..

لعل ما أثار إعجابي أثناء الحوار أن محمدًا لم يتعرض للتجريح أو التهجم على معتقداتنا أو إنجيلنا وأشخاصنا، وكنا نجلس نحن النصارى الأربعة المتدينين، مع المسلم المصري، ونناقش مسائل الاعتقاد، وحرصنا كمبشرين أن ندعو هذا المسلم إلى النصرانية، فكان جوابه محددًا بقوله: أنا مستعد أن أتبع دينكم إذا كان عندكم شيء أفضل من الذي عندي في ديني، إذا أثبتم لي ذلك بالبرهان والدليل، واندهشت، فالدين عندنا لم يرتبط بالبرهان والاستدلال والعقلانية، إنه شيء مسلّم به، وهو مجرد اعتقاد محض! فكيف نثبته بالبرهان والدليل؟! وتطرقنا لمسألة التثليث، وكل منا قرأ ما في نسخته، ولم نجد شيئًا واضحًا.. سألنا الأخ (محمد): ما هو اعتقادكم في الرب في الإسلام؟ فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وكأن صوته لا يزال يرن صداه في أذني، ولا أزال أتذكره، أما معناها فلا يوجد أوضح ولا أفضل ولا أشمل منه إطلاقًا، ولما أردت دعوته للنصرانية قال لي بكل هدوء ورجاحة عقل: إذا أثبتَّ لي أن النصرانية أحق من الإسلام، فوافقت وسأل محمد: أين الأدلة التي تثبت أفضلية دينكم وأحقيته؟ قلت: نحن لا نؤمن بالأدلة، ولكن بالإحساس والمشاعر، قال محمد: ليس كافيًا أن يكون الإيمان بالأحاسيس والمشاعر، ولكن الإسلام فيه الدلائل والأحاسيس والمعجزات، التي تثبت أن الدين عند الله الإسلام، فطلبت هذه الدلائل من محمد، فقال: إن أول هذه الأدلة هو القرآن الكريم، الذي لم يطرأ عليه تغيير أو تحريف، منذ نزوله على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، منذ 1400 سنة، وهذا القرآن يحفظه ما يقرب من 12 مليون مسلم بنفس الطريقة، ولا يوجد أي كتاب في العالم على وجه الأرض يحفظه الناس كما يحفظ المسلمون القرآن الكريم من أوله لآخره...{إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، من ذلك الحين بدأتُ البحث، ووجدت في الكتاب المقدس أن العقيدة الصحيحة التي ينتمي إليها سيدنا عيسى، عليه السلام، هي التوحيد، فهو رسول وليس إلهًا، وفي يوم من الأيام طلب صديقي القسيس من محمد الذهاب معه إلى المسجد؛ لنعرف أكثر عن عبادة المسلمين، فرأينا المصلين يأتون إلى المسجد يصلون ثم يغادرون، قلت: غادروا؟ دون أي خطب أو غناء؟ قال: أجل، مضت أيام وسأل القس محمدًا أن يرافقه إلى المسجد مرة ثانية، وعندما فتحت الباب وجدت شخصًا يلبس ثوبًا أبيض وقلنسوة! كان هذا صاحبي القس! قلت له: هل أصبحت مسلمًا؟ قال: نعم أصبحت من اليوم مسلمًا! ذهلت، ثم ذهبت إلى أعلى للتفكير في الأمور قليلاً، وبدأت أتحدث مع زوجتي عن الموضوع، فقالت لي: أظن أنني لن أستمر بعلاقتي معك طويلاً، فقلت لها: لماذا؟ هل تظنين أني سأسلم؟ قالت: لا، بل لأنني أنا التي سوف تسلم!

فقلت لها: وأنا أيضًا، في الحقيقة أريد أن أسلم، وخرجت من باب البيت وخررت على الأرض ساجدًا تجاه القبلة، وقلت: يا رب اهدني، وأدركت أنني يجب أن أتوقف عن خداع نفسي، وأنه ينبغي أن أصبح مستقيمًا مسلمًا، وفي الصباح أعلنت شهادتي، وبعد لحظات قليلة أعلنت زوجتي إسلامها بعدما سمعت بإسلامي، كان أبي أكثر تحفظًا على الموضوع، وانتظر شهورًا قبل أن ينطق بالشهادتين.

 وكيف رأيت الإسلام؟

هو شعور غريب كأنك في مركب بوسط النيل، وكأن بأذنيك شيئًا يجعلك لا تسمع وبعينيك شيئًا، فلا ترى ولا تدري أين تذهب؛ حتى يحثك شخص ويقول لك «أسلم» فيزيل الله ما بك من غشاوة، وتستشعر حلاوة الإيمان.

 في حديثك دليل على أهمية أن يتحلى الداعية الإسلامي بصفات معينة، ما هي صفات الداعية؟

لغة الداعية يجب أن تكون بسيطة وخالية من التعقيد، ويكون الكلام هادئًا رزينًا؛ جلبًا لتركيز المخاطب وتحبيبًا له في الدعوة، إضافة إلى الحساسية في التعامل مع الأطفال؛ لأن ما يقال لهم يبقى عالقًا في أذهانهم.

كذلك يجب أن يملك الداعية الثقافة والدراية الواسعة بأحوال المجتمع الذي سيدعو فيه، والتي تمكنه من الرد على الشبهات، عبر تجنب العبارات الخبرية التي تلقى في صيغة سؤال، وأسئلة نعم ولا، ويجب دائمًا العودة إلى النقطة الأصلية (الحق والباطل)، فإن من معه الحق يستطيع دائمًا بناء القصة بشكل أكثر وضوحًا.

 ولماذا ينظر الغرب للمسلمين دائمًا من خلال صورة مشوهة سيئة؟

إن الإعلام الغربي يتربص بنا، والقضية كلها مرتكزة على قيمة واحدة؛ هي قيمة الحق بإزاء الباطل، وأن لدينا الحقيقة، وعلينا واجب نقلها وتعليمها بأفضل الطرق والوسائل، وهي وسائل على الرغم من كونها بسيطة فإنها كافية وحدها بدون أي رتوش أو تجميل، غير أننا بسلوكياتنا السلبية نتحمل جزءًا كبيرا من مسؤولية تشويه صورتنا لدى الغرب.

 وكيف ينظر الغربيون للمرأة المسلمة؟

اضطهاد الإسلام للمرأة أكذوبة، فالإسلام ينتشر باطراد، وبرغم الكلام عن اضطهاد المرأة في الإسلام، فإن أكثرية معتنقيه الجدد هم من النساء، وبرغم تهمة الإرهاب التي ألصقت بالإسلام، فإن نسبة اعتناق الإسلام زادت بعد 11 سبتمبر. والإعلام الغربي يبحث عن الزوايا التي يمكن أن ينفذ منها إلى مآربه الدنيئة؛ حيث يركز الصورة دائمًا على النساء المنتقبات، مغفلاً اللواتي يرتدين حجابًا ملونًا عصريًّا دون نقاب، متخذًا منهن نموذجًا لبيان قمع المرأة في الإسلام، وغافلاً الحرية الشخصية في الزي، وكل ذلك لتشويه صورة الإسلام