أحلام بعض الزوجات "الأفلاطونية".. هل هي خيانة؟

ذهن الإنسان يغوص في أمور كثيرة في اليقظة وفي الأحلام، فما قد يكون من المستحيل تحقيقه في اليقظة يمر عبر اللاشعور إلى عالم الأحلام، الإنسان يحلم بكل شيء، يحلم بأنه يطير، وبأنه قادر على القفز من علو شاهق، ومواجهة جيش بأكمله، والصعود إلى القمر، والهبوط من قمة جبل في قفزة واحدة.. هذه المستحيلات في اليقظة ربما تمر من اللاشعور إلى الخيال، ثم إلى الحلم، ومن بين الأحلام رؤية المرأة أحياناً نفسها وكأنها تعرف شخصاً غير زوجها في المنام. فكيف تحدث هذه الأحلام وما أسبابها، وكيف تمكن معالجتها؟ 


 

 

في الحلم المستحيل يتحول إلى واقع مؤقتاً، ولكن ما هو لافت في دراسة برازيلية هو أن 35 % من النساء في كل أنحاء العالم يحلمن في المنام بأنهن يخنَّ أزواجهن، خاصة إذا كانت الخيانة ليست واردة على الإطلاق في الحياة الواقعية، أو في اليقظة. استطلاعات الرأي التي أجرتها مجموعة من ثلاثين باحثًا اجتماعيًّا زاروا أنحاءً مختلفة من العالم بينت أن عددًا كبيرًا من النساء اللاتي يحلمن بأنهن يخنَّ أزواجهن محرومات من العلاقة الرومانسية مع الزوج، وهذا الحرمان يتحول إلى رغبة دفينة في اللاشعور يتجسد في الحلم. أما الجزء الآخر من النساء فقلن إن فعل الخيانة غير ممكن..

 

موجات كالراديو

قالت الدراسة التي أجراها معهد غاريبالدي -المختص باستطلاعات الرأي في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية- إن ذهن الإنسان يبث الرسائل، والأفكار، والآراء، والأحاسيس لمنطقة اللاشعور لدى الإنسان من وقت لآخر، ومن بين هذه الرسائل أمور متعلقة بعالم «الفانتازيا»، ومن الشائع أن تتخيل المرأة حالة رومانسية مع رجل غير زوجها، خاصة إذا كانت محرومة من لمسات الرومانسية من الزوج.

وأضافت الدراسة أن بث الذهن للأفكار، والرسائل، والرغبات يشبه إلى حد كبير موجات الأثير في الراديو، من حيثُ إنك لا ترين تلك الموجات، لكنها تتحول إلى كلمات، وأصوات في جهاز الراديو.. الذهن كذلك يبث الكثير إلى الشعور الواعي، واللاواعي، فما يصطدم بالوعي يتم تنفيذه على أرض الواقع، وما يمر إلى منطقة اللاشعور يصطدم بجدار عالم الأحلام، فتشعر المرأة بتلك الأحلام بعد الاستيقاظ، وتتذكر أهم ما جاء في شريط أحلامها.. ومن أكثر ما يمكن تذكره من الأحلام، بحسب الدراسة، هي الأمور المتعلقة بالعلاقة الحميمية.

 

لماذا تحدث؟

هناك حبّ أفلاطونيًّ لا يتضمن أي احتكاك جسدي، وحلم المرأة أنها خانت زوجها في المنام يسمى علميًّا بـ «الخيانة الأفلاطونية»، أي أن الحلم هو مجرد وهم كان في اللاشعور، وأضافت الدراسة أن الخيانة الأفلاطونية في المنام أمر شائع جدًّا، ويأتي من عالم اللاشعور، ثم يتحول إلى مشهد في الحلم.

 

الرغبة في اليقظة والحلم

تابعت الدراسة، التي استلهمت فكرتها من دراسة أميركية سابقة مشابهة، إن هناك نساءً كثيرات يفقدن الرغبة في العلاقة الحميمية لأسباب عدة؛ منها التقدم في العمر، أو إنجاب أولاد كثيرين، أو عدم حب الزوج لها، والعيش تحت ضغوط مستمرة، ومن هذا المنطلق فإن الرغبة المعدومة في اليقظة تتحول إلى رغبة جامحة في المنام.

واستنادًا إلى ما يعرف بـ «كل ممنوع مرغوب» فإن المرأة المحرومة من اللمسات الرومانسية تدخل في عالم الخيال و«الفانتازيا» لتتحقق في الحلم فقط، ومما قاله المشرفون على الدراسة إن هذا ليس خطأ، فالمرأة لم تخن، وما برز هو شيء مدفون أثناء اليقظة.

 

نقطة إيجابية

أكدت الدراسة أن مرور النساء بعالم «الفانتازيا» الحميمية أثناء المنام قد يحسن إلى درجة كبيرة حالة المرأة بعد الاستيقاظ، لأن ما يفعله حلم من هذا النوع هو إضفاء نكهة على مشاعرها، فتقترب من زوجها، ويكون بالإمكان إيجاد جو رومانسي حقيقي، واعتبرت الدراسة أنها نقطة إيجابية، طالما أن عالم الأحلام خارج عن نطاق السيطرة.

فالخيانة الأفلاطونية في الحلم قد تساعد أيضًا على إحياء الحب المدفون بين الزوج والزوجة، خاصة عندما يشتكي الزوج كثيرًا من البرود العاطفي لزوجته، وأوضحت الدراسة أن الحلم بالخيانة الأفلاطونية أثناء النوم يغير الحالة النفسية لغالبية النساء اللاتي يشاهدن مثل هذه الأحلام.

 

هل هي ذنب؟

تذكر الدراسة البرازيلية، أن شكوكًا كثيرة تحيط بذلك، فهل يمكن اتهام المرأة بأنها خائنة لمجرد أنها شاهدت حلماً من هذا النوع في منامها؟ الجواب هو لا؛ لأن من يوصف بأنه خائن هو الذي يمارس الخيانة في اليقظة، ولكن وبرغم ذلك فهناك نساء يشعرن بنوع من الذنب لمجرد مشاهدة أنفسهن في وضع غير طبيعي، حيث تشعر المرأة أن ذلك يخدش الحب الذي يربطها بزوجها.

وهذا الشعور بالذنب نابع من حقيقة أن شعور المرأة بالذنب هو أكبر من شعور الرجل به، وبمعنى آخر فإن المرأة التي تخون زوجها بالفعل تشعر بذنب أثقل، وأقوى بكثير من ذنب الرجل الذي يخون الزوجة.

 

الحل في المصارحة

تابعت الدراسة بقولها: وبرغم أن الأحلام تبقى أحلامًا، فإنها قد تكون انعكاسًا لرغبات حقيقية كامنة في الإنسان، ولذلك فهي تستحق الانتباه، والمرأة التي ترى الكثير من أحلام الخيانة الأفلاطونية، ربما لا تكون في حياة اليقظة سعيدة في زواجها، كما يمكن أن تشير إلى تطلعها للاهتمام الذي لا يعطيه إياها زوجها.

فعلى المرأة مصارحة زوجها بذلك للفت انتباهه بأنها محرومة من أمور عاطفية، ولمسات رومانسية لا تحصل عليها إلا في الأحلام، هذه المصارحة ليست جارحة بالنسبة للزوج الناضج والواعي، لأن ما تشاهده الزوجة مجرد أحلام، وعليه أن يغير من موقفه اللامبالي تجاه زوجته، لكن من ناحية أخرى هناك رجال يغارون حتى من خيالهم، وما على المرأة مع رجال كهؤلاء إلا أن تراعي ذلك وتكتفي بالإشارة غير المباشرة.

 

في الحلم فقط

إيلينا كليبر، عالمة النفس المختصة بتفسير الأحلام تعقيبًا على الدراسة، قالت لـ «سيدتي»: إن الحلم هو ربع الحقيقة، كما أنه يمثل 80 % من رغبة كامنة تتراكم مع مرور الزمن، إلى أن يصل التراكم إلى حد الإشباع الذي بدوره ينشط اللاشعور، ويفتح فتحة كبيرة أحيانًا، وصغيرة أحيانًا أخرى لخروج ما هو كامن أثناء النوم.

وأضافت إيلينا -ردًّا على سؤال لـ «سيدتي» حول رأيها في الدراسة- أن التراكم في الرغبة شبيه إلى حد كبير بالصبي الذي يبول أثناء النوم، فعندما يكون هذا الصبي في فترة اليقظة تتناقص لديه الرغبة في التبول لأسباب عدة، منها الكسل للذهاب للتبول، أو شرب كميات كبيرة من السوائل قبل النوم، فتتراكم الرغبة في التبول أثناء النوم.

وتابعت الخبيرة بقولها: إن الدراسة مثيرة بحق، ويجب احترام ما ورد فيها، لأنها تمثل نوعًا من أنواع تفسير الأحلام، فالخيانة الأفلاطونية قد تكون -إلى جانب ما أوردته الدراسة- دليلاً على الإخلاص غير المتناهي للشريك، بحيث إنه لا يوجد مكان للخيانة الحقيقية في الواقع، لعدم سماح المرأة لنفسها حتى التفكير بذلك، إلا أن صراعًا ينشب بين اليقظة والأحلام، فما يكون غير مرغوب فيه أثناء اليقظة يتحول إلى حلم غير قابل للتحقيق، أي أن المرأة لن تخون زوجها أبدًا، وإن حدث فإن ذلك سيكون في الحلم فقط.