تحرر المرأة شبح يطارد الرجال ..كيف يتقبلونه؟

عادة ما تَسعد النساء بكل تغيير يعطيهن حقا من حقوقهن الطبيعية، التي كن محرومات منها في السابق، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو قانونية، لكن هل تدري النساء أن الكثير من الرجال يصبحون أكثر تعاسة عندما يجدون في المرأة منافسة لهم على كثير من الجبهات الاجتماعية، لدرجة أن سؤالا يطرحونه على أنفسهم: «هل تحولنا إلى ضحايا تحرر النساء؟ وكيف نتصرف على هذا الأساس؟ ولماذا لم يتذمرن عندما كن عبر مئات بل آلاف السنين ضحايا لقوة وجبروت الرجل؟»، أحاسيس الرجال تكشفها الدراسة التالية.

 

سؤال

رأت دراسة حديثة لجمعية الدفاع عن حقوق المرأة في مدينة ساو باولو أن جوابه بسيط لدرجة لا تصدق، فحيث أن المرأة كانت محرومة من حقوقها لعصور طويلة فإن غالبية الرجال لا يعرفون كيفية التعامل مع المرأة، التي اكتسبت القوة والشخصية المتميزة بعد أن أخذت مكانتها الطبيعية في المجتمع، وبدأت تتكلم وبصوت عال، وتناقش وتتحدى، بل تتفوق في كثير من الأحيان على الرجل.

ما يخيف الرجل في الحقيقة من تحرر المرأة هو إعادة توزيع الأدوار الاجتماعية على أساس جديد، ومما هو لافت أن المرأة استطاعت التلاؤم بشكل مثير للإعجاب مع توزيع الأدوار، وإن لم يكن متساويا مائة بالمائة مع الرجل! أما الرجال فيشعرون بأنهم ضحايا؛ لاعتقادهم أن المرأة في عصر تحررها قد حرمت الرجل من بعض حقوقه، لكن هذا الاعتقاد خاطئ، حسب رأي الدراسة؛ لأنه عندما كان كل شيء بيد الرجل كانت المرأة قادرة على التلاؤم والتعامل مع التوزيع القديم للأدوار الاجتماعية.

 

استيعابها أسرع

أمام هذا الوضع يمكن القول: إن المرأة أكثر قدرة على استيعاب المتغيرات رغم حداثتها، وبرأي الدراسة هناك سبب ربما يكون منطقيا حول استيعاب المرأة الأسرع للتغيرات الاجتماعية، فإذا قلنا إن عصر تحرر المرأة بدأ منذ بداية العقد السادس من القرن الماضي، فإن مدة العصرنة بالنسبة لهن من حيث التحرر قصيرة، وهي خمسون سنة. أما الوضع بالنسبة للرجل فهو أعقد، واستيعابه للتغيرات التي تشهدها المرأة من حيث تحررها وحصولها على حقوقها الطبيعية أصعب.

وأضافت الدراسة: «تحرر المرأة بالنسبة للرجل هو بمثابة قطرة ماء ملونة في المحيط، فالزمن الغابر هو بمثابة المحيط الكبير الذي كان يعوم فيه بحرية دون أدنى اعتبار لوجودها، المحيط كان أزرق بالنسبة له، وفجأة ظهرت قطرة ماء بلون آخر، هو يريد أن يفهم: هل وجود قطرة الماء الملونة في المحيط شيء عادي أم غريب؟ المنطق يقول: إن هذا القطرة الملونة هي شيء طبيعي وعادي؛ لأنها ورغم تغير لونها فهي مازالت قطرة ماء، وجزء من المحيط الضخم الذي لونه الرجل في مخيلته كما يشاء.

 

الفروق تتلاشى

تساءلت الدراسة مستعينة بقطرة الماء الملونة بقولها: لماذا لا يعتبر الرجال أن قطرة الماء الملونة في محيطهم ربما تكون رمزا للجمال، وبوصلة تدلهم على شواطئ جديدة لم يكونوا على علم بها، أو ربما لم يلاحظوها عبر آلاف السنين؟ فبرأي الدراسة أنه مع ظهور توجهات تحرر المرأة منذ ستينات القرن الماضي اعتقد كثير من الرجال أن ذلك لن يطول كثيرا، وما هي إلا مجرد طفرة ستزول، كنقطة الماء الملونة التي اعتقد الرجال أن المياه الزرقاء للمحيط ستغيرها، وتصبغها باللون الذي تعودوا عليه.

لذلك بدأ الرجال يدركون أن عصر تحرر المرأة لم يكن مزحة أو مجرد كبوة حصان؛ لأنها مستمرة وستستمر وتتطور وتسير باتجاه مزيد من الجدية، الفروق الشاسعة بين الرجل والمرأة تتلاشى شيئا فشيئا إن شاء الرجل أم أبى؛ لأنه عندما يتحول الحلم إلى حقيقة يصبح من الصعب العودة إلى الوراء.

 

عوامل مشتركة

حسب الدراسة، هناك عوامل مشتركة كثيرة بين الرجل والمرأة، لكن الرجل كان يتجاهلها أو يحاول التظاهر بأنها غير موجودة، وأن الفرق الشاسع بين الذكر والأنثى يغيّبها، لكن الحقيقة مختلفة تماما، والدليل:

1 ـ قديما كان يقال: إن المرأة هي التي تبكي بينما الرجل لا، لكن الوقائع تثبت أن الرجل يبكي، وربما يكون بكاؤه أقوى من بكاء المرأة بكثير.

2 ـ كان يعتقد أيضا أن المرأة هي المخلوق الحساس، أما الرجل فهو ذلك المخلوق الخشن الذي لا يرف له جفن أمام أي من المواقف، لكن ثبت أن هناك رجالا أكثر حساسية من المرأة بكثير.

3 ـ كان يقال دائما: إن المرأة هي من تحب أكثر، لكن أيامنا هذه بدأت تظهر عواطف حب جياشة لدى الرجال أيضا.

 ومن هنا خلصت الدراسة إلى أن التقاليد حول المرأة والرجل هي التي كانت تغيب العوامل المشتركة بين الجنسين، لكن مع تطور المفاهيم ودخول بعض التقاليد السلبية سجل التاريخ الماضي، الذي لن يستطيع إعادة نفسه، بدأ يزيد ويسهم في ظهور كثير من القواسم المشتركة بين الرجل والمرأة، وإذا تابعنا تصرفات الرجال الذين يتقبلون تحرر المرأة فإننا سنشاهد أن الفجوة العميقة التي كانت موجودة بين الجنسين بدأت تضيق أكثر فأكثر، وبدأ رجال كثيرون يملكون الشجاعة على إظهار ما كانوا يخفونه في السابق؛ لتجنب تشبيه أنفسهم بالنساء أو بالتصرفات النسائية.

وقالت الدراسة: إن نقطة الماء الملونة في المحيط بدأت تتسع دائرتها بنمو العوامل المشتركة بين الجنسين.

 

لتحرر مدروس

 

لتحرر مدروس دون الرجوع إلى الوراء أو المبالغة فيه، تنصحك اختصاصية علم الاجتماع مارسيا ميندونك باتباع الخطوات التالية:

  

1 تحررك مرآة تعكس الرغبة في تفهم أن العلاقة بينك وبين الرجل هي علاقة تفاهم ومشاركة متبادلة، وليست علاقة مبنية على أساس تحكم أحدكما بالآخر، فاحذري أن تكوني متحكمة!

 

2 لا تضعي متطلباتك على الرف، كما هو الحال مع الأمور غير العاجلة، فأنت مازلت في بداية المساءلة عن أسباب هضم حقوقك، وعليك أن تنالي من احترام الرجل الكثير؛ للتعويض عن الأزمنة السابقة.

 

3 اعلمي أن تحررك أصبح واقعا يوميا يتسع وينمو ككرة الثلج المتدحرجة، ولن تكون هناك عودة للوراء، وقضاياك ليست تاريخا مؤقتا يزول، إنها حقيقة ستكون لها علاقة بالماضي والحاضر والمستقبل، فاعملي عليه.

  

4 جابهي الرجل برفق، واجعليه يستعد للمزيد في مجال تحررك، والذي لن يتجاوز المجتمع؛ لأنك قد تحملت وتقبلت على مضض تاريخا طويلا كان الرجل خلاله الآمر الناهي في كل ما يتعلق بشؤونك كمخلوق إنساني مثله تماما.

 

5 ثقي بنفسك، فتحررك قد ساهم حتى في تغيير نمط الأسرة الحديثة، فالأم أصبحت صديقة للابنة والابن والزوج، ولم تعد تلك الخادمة التي كانت ترعى الجميع وتنسى نفسها