هل تمنيت يوماً أن تتمكن من إيقاف القرن الحادي والعشرين مؤقتاً؟ تخلَّ عن الإشعارات، وزحمة المرور، وسيل الأخبار اللامتناهي، وانطلق نحو عالمٍ يتحرك بسرعةٍ مختلفة. بعض الأماكن حول العالم لا تحتاج إلى ميزانيةٍ ضخمةٍ؛ لتشعر وكأنك عبرت بوابةً إلى الماضي. من المدن القديمة التي تجمدت بفعل الكوارث إلى متاهات العصور الوسطى النابضة بالحياة، تُتيح لك بعض الوجهات فرصةً لتجربة حقبةٍ جديدة. احزم حقائبك، ولكن ربما عليك ترك هاتفك الذكي في جيبك. في السطور الآتية، جولة في 7 وجهات سياحية تُعيدك إلى الزمن الجميل.
بومبي

هناك كنوز أثرية تستحق الاستكشاف في مدينة بومبي الإيطالية، إذ تقدم هذه المدينة القديمة تجربة سفر آسرة ومؤثرة في آنٍ واحدٍ. في عام 79 ميلادي، ثار بركان جبل فيزوف، دافعاً بومبي تحت أطنان من الرماد. كانت الكارثة مأساوية، حافظ الرماد على كل شيء كما كان عليه في ذلك اليوم المشؤوم، من الفيلات الفخمة ذات الفسيفساء المعقدة إلى المخابز المتواضعة. عند السير في الشوارع المرصوفة بالحجارة، يمكنك إلقاء نظرة خاطفة على المنازل والمعابد؛ لتتعرف إلى الحياة اليومية الرومانية بتفاصيلها الدقيقة. أما البركان المهيب في الخلفية، فهو تذكير دائم وقوي بتاريخ المدينة. إنه أحد أكثر المواقع الأثرية اكتمالاً وإثارة للإعجاب على وجه الأرض.
هافانا

دخول عاصمة كوبا يعني دخول عالمٍ يبدو فيه الزمن متوقفاً عند عام 1959. المدينة بمثابة متحفٌ نابضٌ بالحياة، تشتهر بالسيارات الأمريكية الكلاسيكية التي تجوب شوارعها. سيارات كاديلاك وردية زاهية وشيفروليه فيروزية اللون، تُصدر هديراً أمام مبانٍ إسبانية استعمارية فخمة لكنها متداعية، واجهاتها الباستيلية باهتة بفعل الشمس وملح البحر. تجوّل في هافانا القديمة، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو؛ حيث تُرفرف الملابس من الشرفات، وتنبعث أصوات موسيقى الرومبا من الأبواب المفتوحة. يُضفي غياب الإعلانات الحديثة والهندسة المعمارية المحفوظة بجمالٍ أجواء فريدةً من نوعها. إنها مدينةٌ تتحرك على إيقاعها الخاص، إيقاعٌ لم يتغير منذ عقود.
ماتشو بيتشو

مدينة الإنكا الضائعة، المخبأة في أعالي جبال الأنديز، تُعدّ أسطورةً. الرحلة نفسها، سواءً بالقطار أو برحلة طويلة تستغرق عدة أيام، تُثير ترقب اللحظة التي ترى فيها أخيراً آثارها الحجرية الشهيرة تبرز من بين السحاب. بُنيت في القرن الخامس عشر، وهُجرت بعد قرن واحد فقط، ولا يزال غرضها الأصلي لغزاً آسراً. تتجلى هنا عبقرية هندسة الإنكا بكل وضوح، مع أحجار مقطوعة بدقة متناهية تتلاءم مع بعضها البعض ومدرجات مُلتصقة بواجهات جبال شديدة الانحدار، وأنظمة مائية متطورة. يُضفي هذا الموقع الأخّاذ، المُحاط بقمم خضراء وارفة، أجواء ساحرة على الموقع.
تشيسكي كروملوف

إذا طُلب منك رسم مدينة من عالم القصص الخيالية، فغالباً سترسم شيئاً يُشبه تشيسكي كروملوف إلى حد كبير. هذه المدينة التي تعود للعصور الوسطى والمحفوظة بإتقان في جنوب بوهيميا، مُحاطة بمنعطف حادّ على نهر فلتافا، مع مُجمّع قلعة رائع يقع على جرف يُطلّ على المنازل ذات الأسقف الحمراء في الأسفل. إنها مثالية كقصص خيالية لدرجة أنها تكاد لا تبدو حقيقية. المدينة القديمة بأكملها مُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وأزقتها الضيقة والمتعرجة المرصوفة بالحصى تُضفي متعةً على التجول فيها. مع عدم وجود إشارات مرور ونادراً ما تُفسد المباني الحديثة المنظر، وتُعتبر ملاذاً ساحراً في قلب أوروبا القديمة. ابحث عن مقهى على ضفاف النهر واستمتع بكل ما فيها.
فاس
جهّز حواسك لرحلة إلى العصور الوسطى. تُعد مدينة فاس القديمة واحدة من أكبر مدن العالم وأكثرها أصالة، فهي متاهة مترامية الأطراف خالية من السيارات، تضم أكثر من 9000 زقاق. يكشف كل ركن عن شيء جديد: فناء خفي، سوق صاخب، أو حمار يحمل بضائع في زقاق ضيق جداً. يمتلئ الهواء برائحة التوابل، وصوت الحرفيين وهم يطرقون المعادن، وصوت الأذان يتردد صداه من المآذن القديمة. لا تنسَ زيارة مدبغة شوارة الشهيرة؛ حيث يُعالج العمال الجلود في أحواض حجرية عملاقة باستخدام أساليب لم تتغير منذ قرون. إنها تجربة فوضوية، غامرة.
ماراموريش

في منطقة ماراموريش الريفية شمال رومانيا، ستجد ركناً من أركان أوروبا لا تزال فيه ثقافة الفلاحين التقليدية جزءاً من الحياة اليومية. إنها أرضٌ ذات تلال خضراء متدحرجة؛ حيث تُعد العربات التي تجرها الخيول مشهداً مألوفاً على الطرق، ولا يزال القرويون يعملون في الحقول بأيديهم، ويجمعون التبن في أكوام مخروطية عالية. تشتهر المنطقة بكنائسها الخشبية الرائعة، بأبراجها العالية والنحيلة المميزة. وتُعد هذه المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي روائع النجارة. زيارتك إلى ماراموريش أقرب إلى زيارة متحف شعبي حي، لا إلى زيارة سياحية؛ حيث تُقدم لمحة حقيقية عن أسلوب حياة أبسط يعود إلى ما قبل العصر الصناعي، والذي اختفى من معظم أنحاء القارة.
برانيا لا بورناكال
لرحلةٍ فريدةٍ إلى عالمٍ من الزمن، توجّه إلى جبال أستورياس النائية شمال إسبانيا. برانيا لا بورناكال هي مستوطنةٌ موسميةٌ من الأكواخ الحجرية ذات الأسقف السميكة المصنوعة من القش، والمعروفة باسم "تيتوس". يعود هذا الأسلوب المعماري القديم إلى ما قبل العصر الروماني، وكان يستخدمه الرعاة الذين كانوا يصطحبون مواشيهم إلى المراعي المرتفعة في الصيف. لا توجد متاجر، ولا فنادق، وبالكاد يوجد سكان. إنه مكانٌ صامتٌ تعصف به الرياح؛ حيث لا يُسمع سوى صوت حشرات السيكادا وأصوات أجراس البقر من حينٍ لآخر. زيارة هذه المجموعة المعزولة من المباني القديمة تُعدّ رحلةً إلى أسلوب حياةٍ شبه منسي، تُبرز صلةً عميقةً وأصليةً بين الناس ومناظر طبيعية وعرة.