هل فكرتِ يوماً ما الذي يجعل مدينة فينيسيا فريدة بهذا القدر؟ هل هو مجرد القنوات المائية والجندولات التي تعبرها، أم أن هناك أسراراً وأجواءً خاصة تميز أزقتها وأحيائها؟ كيف يمكن لمكان صغير نسبياً أن يحتفظ بكل هذا التاريخ الغني والروعة الفنية، وفي نفس الوقت يحتضن حياة محلية نابضة ومتجددة؟ هل تعلمين أن خلف كل زاوية في فينيسيا قصة تروى، وكل مبنى يحمل عبق عصور مختلفة من العصور الوسطى إلى عصر النهضة والباروك؟ هل تودين أن تستكشفي أكثر من مجرد المعالم السياحية التقليدية وأن تعيشي تجربة فينيسا الحقيقية كما يراها سكانها؟ من خلال استكشافك لسُلم كونتاريني ديل بوفولو ذي التصميم الفريد، إلى التوقف في مكتبة أكوا ألتا التي تجمع بين الكتب والفوضى المنظمة، مروراً بمناطق هادئة مثل دورسودورو وساحة كامبو سانتا مارغريتا، حيث تختلط الحياة اليومية مع الفن والثقافة، إلى جسر ريالتو الشهير وسوقه القديم الذي ينبض بالحياة والتاريخ، وأخيراً قصر الدوق وجسر التنهدات الذي يحمل في طياته قصص الأسر والغموض، ستكتشفين أن فينيسيا ليست فقط متحفاً مفتوحاً، بل مدينة تحكي قصصاً متشابكة من الجمال والسياسة، الأسطورة والحياة اليومية.
سُلَّم كونتاريني ديل بوفولو
مختبئ في أزقة ضيّقة بالقرب من ريالتو، يبدو هذا السُلَّم الخارجي الحلزوني وكأنه خرج من إحدى القصص الخيالية. بُني في القرن الخامس عشر لعائلة كونتاريني، التي أرادت من خلاله إثارة إعجاب باقي طبقة النبلاء، واستخدمته كرمز للهيبة والمكانة. يجمع التصميم بين الطراز القوطي وعناصر من النهضة ولمسات بيزنطية فريدة. واسمه بوفولو يعني الحلزون باللغة الفينيسية؛ بسبب شكله الحلزوني المميز. وعندما تصعدين إلى أعلاه، ستستمتعين بإطلالة ساحرة على أسطح فينيسيا، وبرج سان ماركو الشهير.
يمكنك قراءة أيضًا السياحة في فينيسيا.. جزر شهيرة تعدك برحلة استثنائية
مكتبة أكوا ألتا
تُعد مكتبة أكوا ألتا من بين أكثر المكتبات أصالة في العالم، حيث لا توضع الكتب على رفوف تقليدية، بل في جندولات وأحواض استحمام وبراميل، تحسباً لارتفاع منسوب المياه. ستجدين قططاً تنام بين الموسوعات، وسُلّماً مصنوعاً من كتب قديمة، وباباً صغيراً يفتح مباشرة على القناة المائية. من المستحيل ألا تُخرجي كاميرتكِ لتوثيق هذا المكان، لكن الأجمل من كل ذلك هو الأجواء؛ فوضى ساحرة، حيث تقاوم صفحات الورق الرطوبة والزمن بشموخ.
فوندامينتا ديلا ميزيريكورديا
قصر الدوق
حي دورسودورو
يُعد هذا الحي من أهدأ وأكثر الأحياء الفنية التي يمكنكِ زيارتها في فينيسيا. على عكس مناطق سان ماركو أو ريالتو المكتظة، يتميز دورسودورو بهدوئه الفينيسي الهادئ؛ شوارع واسعة، ورشات حرفية، مكتبات، معارض فنية، وتراسات جميلة يجلس فيها السكان المحليون للاسترخاء، كما يحتضن هذا الحي كنيسة سانتا ماريا ديلا سالوتي، ومتحف بيغي غوغنهايم، مما يمنحكِ فرصة مثالية للجمع بين الفن والتنزه في أجواء بعيدة عن الازدحام.
ساحة كامبو سانتا مارغريتا
تُعد هذه الساحة من أكثر الساحات حيوية في فينيسيا، ويقصدها كل من الطلبة والسكان المحليين. خلال النهار، تسودها أجواء هادئة، مثالية لاحتساء قهوتكِ أو تناول وجبة خفيفة في الهواء الطلق. أما في الليل، فتمتلئ بالشباب، حيث تنتشر فيها التراسات التي تتميز بأسعارها المعقولة، مقارنة بالمناطق السياحية. قد لا تجدين هذه الساحة ضمن كل القوائم السياحية التقليدية، إذ لا توجد فيها قصور أو معالم مشهورة، بل ما هو أندر؛ فينيسيا الحقيقية، كما يعيشها أهلها يوماً بعد يوم.
ما رأيك بمتابعة أيضًا اكتشفوا سرّ جاذبية ساحة سان ماركو الشهيرة بمدينة فينيسيا
جسر ريالتو
يُعد جسر ريالتو أقدم جسر يَعبر القناة الكبرى، كما أنه من أكثر المعالم السياحية شهرة في فينيسيا. لقرون طويلة، كان الجسر هو الممر المباشر الوحيد بين جانبي المدينة، وكان تصميمه بالحجر في ذلك الوقت مغامرة معمارية جريئة. واليوم، تعبره آلاف السائحات يومياً، لكنه في الماضي كان القلب التجاري النابض لفينيسيا.
السوق القديم
عند أسفل الجسر يقع سوق ريالتو، الذي يُعرف بالسوق القديم، وهو أحد أكثر الأماكن حيوية في المدينة منذ العصور الوسطى. كانت السفن المحمّلة بالتوابل والحرير والأسماك والفواكه الغريبة ترسو هنا لتملأ السوق بكل ما هو نادر. وحتى اليوم، لا يزال السوق ينبض بتلك الأجواء النابضة بالحياة، حيث تجدين أكشاكاً تبيع الأسماك الطازجة، والخضراوات القادمة من الجزر القريبة، وعبقاً من التاريخ لا يُمكن أن تُحصلي عليه من أي متجر هدايا.
جسر التنهدات
الجسر الأشهر في المدينة؛ فهو جسر التنهدات، الذي يربط بين القصر والسجون القديمة. اسمه ليس من باب الشعر فقط، بل تقول الأسطورة إن المحكوم عليهم بالإعدام كانوا يُطلقون تنهدهم الأخير وهم يلقون نظرة وداعية على ضوء الشمس، عبر نافذته الحجرية الصغيرة. ومن أشهر من عبر هذا الجسر كان جياكومو كازانوفا، السجين المغامر المعروف، ورغم عبوره، فإن حكايته لم تنتهِ هناك.
القناة الكبرى
لا يمكن أن تكوني في فينيسيا من دون أن تختبري سحر القناة الكبرى، تلك القناة المتعرجة على شكل حرف S، التي تُعد الشريان الرئيسي للمدينة. ورغم أنكِ قد مررتِ بها مرات عدة أثناء زيارتكِ لمعالم المدينة، فإن ركوبكِ على امتداد القناة نفسها هو تجربة لا بدّ منها قبل مغادرتكِ فينيسيا. الطريقة المثالية والأكثر رومانسية لاكتشاف القناة؛ هي عبر جولة بالجندول. أما إذا كنتِ تبحثين عن خيار أكثر اقتصادية؛ فيمكنكِ ببساطة ركوب الـ فابوريتو، العبّارة المائية العامة. يُنصح أن تأخذي الرحلة بين محطة سان ماركو ومحطة القطار، في أي اتجاه ترغبين به. والأفضل أن تقومي بذلك عند الغروب، فالإضاءة في ذلك الوقت ساحرة، وعدد الركاب يكون أقل بكثير مقارنة بالنهار.
