هل تبحثين عن عطلةٍ تجمع بين البحر والذوق الفرنسي الرفيع؟ هل تحلمين بعطلةٍ قصيرة تعيد إليكِ طاقتكِ وتغمركِ بجمال الطبيعة وسحر الألوان وعبق الفن؟ نيس، درة الريفييرا الفرنسية، هي المكان الذي تتقاطع فيه الأناقة مع البساطة، حيث يلتقي البحر بالجبال ويغدو الضوء نفسه عنصرًا من عناصر الجاذبية. فما الذي يجعل هذه المدينة الصغيرة على شاطئ المتوسط وجهةً لا تُنسى لعطلة نهاية الأسبوع؟ أهو دفء شمسها التي ترسم ظلالًا ذهبية على واجهاتها ذات الطراز البِل إيبوك؟ أم عبق أسواقها المفعمة بألوان الزهور والتوابل؟ أم طابعها الفني الذي لا يفارق ملامحها منذ أيام ماتيس وشاغال؟ في نيس، كل لحظة تحمل لمسةً من الحياة البوهيمية الراقية؛ فالصباح يبدأ بغطسةٍ منعشة في مياه المتوسط الفيروزية والنهار يُقضى بين الأزقّة القديمة والمقاهي المفعمة بالحياة، أما المساء فيتحوّل إلى لوحةٍ متوهجة تحت أضواء الشاطئ وضوء القمر المنعكس على البحر. ومع كل زاويةٍ جديدة تكتشفينها، ستشعرين أن الزمن هنا يمضي ببطءٍ جميل، يمنحكِ فرصة التنفس والتأمل والاستمتاع. فهل أنتِ مستعدة لتجربة عطلةٍ فرنسية بطابعٍ متوسطي يجمع بين الرقي والراحة؟ لتذوق الحياة كما يعيشها أهل نيس، بين الأسواق المزدحمة برائحة اللافندر والياسمين والجلوس على الكراسي الزرقاء الشهيرة لمشاهدة الغروب الذهبي على الكورنيش؟
اليوم الأول
تُعرف مدينة نيس بسحر ضوئها المتلألئ، لذا يمكنكِ أن تبدئي يومكِ بغطسة صباحية تحت أشعة الشمس الذهبية ومن ثم تتجولين في أسواق المدينة والختام بتناول العشاء في المساء.
الصباح
اجعلي محطتك الأولى كورنيش برومناد ديز أنغليه الشهير. أي مكان على امتداد هذا الطريق مثالي للسباحة، حيث يمكنكِ الاستمتاع بالمياه الصافية بينما تنظرين من البحر نحو مشهدٍ سينمائي يزدان بصفٍّ من المباني ذات الطرازين آرت ديكو وبيل إيبوك. الدخول إلى البحر مجاني وتتوفر دُشّات عامة على الشاطئ. يتميز البحر الأبيض المتوسط بدرجات حرارة معتدلة طوال العام، مما يجعل السباحة ممكنة في كل الفصول. أما إن اخترتِ السباحة بعد الظهر، فاحذري من موجة مفاجئة تُعرف محليًا باسم La Vague وهي موجة واحدة كبيرة تضرب الشاطئ فجأة وقد تُغرق أمتعتكِ في لحظة. بعد السباحة، توجهي إلى سوق كور ساليا، الواقع خلف الواجهة البحرية مباشرة. صحيح أنه مزدحم بالسائحين، لكن التجول بين الأكشاك المفعمة بالحياة متعة لا تُفوَّت. يغمر المشهد بأكمله طيف نيس الزاهي من الألوان الأساسية وتحيط به مظلات المقاهي الحمراء والمباني ذات الدرجات اللونية الصفراء والخردلية التي تتوهج تحت شمس الصباح. تفيض الأكشاك على طول الشارع بالمنتجات المحلية من أعشاب وتوابل وصوابين يدوية الصنع وجبال من الزيتون واللافندر والياسمين والميموزا والحمضيات. الباعة ودودون ويتحدثون بسعادة مع الزائرين. يُقام سوق الزهور من الثلاثاء إلى الأحد ويتحوّل بعد ظهر الأحد إلى سوق للسلع المستعملة. وإن لم يكن الوقت مبكرًا جدًا، تذوّقي فطيرة البصل النيّسواز Pissaladière الغنية بالأنشوجة والزيتون من أحد الأكشاك، ورافقِيها بقهوة فلات وايت قوية وهي نادرة في نيس.
فترة الظهر
تجوّلي في شوارع Vieux Nice الضيقة والمعتمة التي تفوح منها رائحة التاريخ واتركي نفسكِ تضيعين بين أزقتها القديمة. للاستمتاع بإطلالةٍ لا تُنسى على كورنيش Promenade des Anglais، اصعدي الدرج أو استخدمي المصعد إلى تلة القلعة Colline du Château وهناك يمكنكِ حتى تجربة اليوجا في الهواء الطلق وسط نسيم البحر ومنظر المدينة. بعد ذلك، امشي في اتجاه الميناء وتوقفي عند سوق Les Puces de Nice، حيث يمكنكِ اكتشاف الكنوز القديمة مثل العملات النادرة، إطارات الصور أو القبعات البيريه الكلاسيكية. المكان مثالي للاستمتاع بمشهد الحياة اليومية؛ ستجدين السكان المحليين يرتدون نظارات شمسية كبيرة ويتبادلون الأحاديث في أجواء يغمرها أشعة الشمس المتلألئة على القوارب الراسية. خذي استراحة ثم توجهي نحو شاطئ Coco Beach، المفضل لدى السكان المحليين، حيث يمكنكِ القفز مباشرة من الصخور إلى البحر الفيروزي. ولا تفوتي زيارة قاعة العرض Espace Lympia التي تستضيف معارض فنية جديدة ومميزة دائمًا.
المساء
يُعد تناول الطعام في الهواء الطلق من التقاليد العريقة في نيس. إذا كان الطقس دافئًا، خذي وجبة بيتزا جاهزة وتوجهي إلى الشاطئ لتستمتعي بعشاءٍ تحت ضوء القمر المنعكس على سطح البحر. لن تكوني وحدكِ؛ فالأمسيات على الشاطئ تشهد تجمعات لعائلات وأصدقاء وطلاب يحتفلون بنهاية الأسبوع في أجواء ودّية وآمنة.
اليوم الثاني
من المشاركة في نشاطات اللياقة الصباحية، مرورًا بالسباحة في شاطئ Plage de la Darse ظهرًا والاستمتاع بساعة الغروب، يقدم يوم السبت أوقاتًا ممتعة خلال زيارة نيس.
الصباح
ابدئي يومكِ بالمشاركة في نشاطات اللياقة الصباحية على الكورنيش المخصص للمشاة والمليء بالمنحوتات الفنية في نيس. أي شكل من أشكال الحركة مقبول هنا سواء كنتِ ترتدين ملابس رياضية مبهرة أو تتزلجين بالعجلات أو تسيرين بعربة الأطفال أو على الـSegway وحتى إن كنتِ تحملين سماعة موسيقى متنقلة. فقط احرصي على الالتزام بالمسار الأيمن لتجنّب غضب السكان المحليين. يمكنكِ استئجار دراجة بسهولة وركوبها حتى منطقة Cagnes sur-Mer. أو ببساطة اجلسي على الكراسي الزرقاء الشهيرة التي تصطف على الواجهة البحرية، مكان مثالي للتحدّث مع السكان المحليين ومشاهدة السباحات يعبرن الخليج.
فترة الظهر
اتجهي إلى Villefranche-sur-Mer بالحافلة أو القطار، أو يمكنكِ المشي حول الخليج من نيس عبر طريق Sentier du Littoral الساحلي والخالي تقريبًا من الحشود. تجولي في الأزقّة الضيقة خلف الميناء لتكتشفي سحر البلدة القديمة. وبالقرب من المرسى، تابعي السير على طول أسوار القلعة حتى شاطئ Plage de la Darse لتستمتعي بسباحة هادئة في مياه صافية تحميها جدران الميناء، على عكس الشواطئ المزدحمة في وسط نيس.
المساء
عُودي إلى نيس واستمتعي بساعة الغروب، حيث تُطلّين على حركة الناس في الكورنيش أثناء تناول المكسرات الساخنة أو الدونات من الباعة المتجولين. احجزي مسبقًا مكانًا في التراس العلوي لأحد المقاهي، لتشاهدي المدينة وهي تكتسي بلون المشمش مع غروب الشمس.
اليوم الثالث
من تناول طبق من اللحوم الباردة صباحًا، مرورًا بزيارة المتاحف التاريخية ظهرًا، بتجربة طبق الكالاماري مع كافيار الباذنجان بنكهة السماق، يُعد يوم الأحد خير ختام لعطلة نهاية الأسبوع في نيس.
الصباح
ابدئي يومكِ بركوب الترام رقم 1 إلى سوق Marché de la Libération، أحد أكثر الأسواق الحيوية في نيس. تناولي طبقًا من اللحوم الباردة، ثم اجلسي لتشاهدي المزارعين وهم يعرضون منتجاتهم بحماس بينما يتزاحم السكان المحليون في طوابير المساومة حاملين سلالهم المصنوعة من القش والمليئة بالخضروات الطازجة، الجبن والأسماك. ولا تفوّتي فرصة تذوّق ساندويتش Pan Bagnat الشهير في نيس، المحشو بالتونة والبيض والخضروات والمغموس بزيت الزيتون بكرمٍ محلي.
فترة الظهر
اتجهي إلى منطقة Cimiez الراقية، التي تضم اثنين من أجمل المتاحف في المدينة وكلاهما يقع وسط حدائق غنّاء وعلى مسافة قصيرة من بعضهما البعض. ابدئي بـ متحف Musée Chagall وتأمّلي روعة نوافذه الزجاجية الملونة بتفاصيلها الدقيقة. تحققي مسبقًا من الفعاليات الخاصة، فقد صادفتُ هناك عرضًا راقصًا استلهم حركاته من الشخصيات الطافية في لوحات شاغال الخيالية. بعدها توجّهي إلى متحف Musée Matisse، حيث تتجلّى محبة الفنان لمنطقة الريفييرا في لوحاته الزاهية. يمكنكِ الوقوف طويلاً أمام لوحة Danseuse créole 1950 التي تجسّد حيوية اللون والحركة في أبهى صورها.
المساء
إن كنتِ ترغبين في تجربة راقية لتختتمي رحلتكِ، فاختاري مطعمًا أنيقًا، يقدم أطباقًا فنية المظهر ولذيذة المذاق. يُنصح بتجربة طبق الكالاماري مع كافيار الباذنجان بنكهة السماق، تجربة متوسطية خالصة تنقلكِ إلى قلب نيس بنكهاتها الأصيلة. وإن كنتِ تفضلين أجواء أكثر استرخاءً، توجّهي إلى أحد الأسطح المفتوحة في نيس لمشاهدة المدينة وهي تتلألأ باللون الذهبي عند الغروب.
