إن كونك رائد أعمال ناجحاً يعني بالضرورة أنك شخصية تتمتع بالتركيز العالي، والقدرة التحليلية، والنَّفَس الابتكاري؛ فكل مشروع ريادي هو في جوهره حل مبتكر لمشكلة رصدها رائد الأعمال، وبنى على أساسها نموذج عمل قابلاً للنمو؛ ليشكل قيمة مضافة ومنفعة للمجتمع والاقتصاد، ولنفسه أولاً.
ولكن خلف هذه الصورة البرَّاقة، يمتد طريق طويل محفوف بالصعوبات والتحديات، وهي تفاصيل نادراً ما يتم تداولها بمجرد أن يلمع نجم النجاح وتظهر الانعكاسات الإيجابية للمشروع.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز هذه التحديات المشتركة التي ترافق الرحلات الريادية حول العالم؛ إن كان في مرحلة ما قبل التأسيس، أو ما يتعلق بالتحديات اليومية والمخاوف المستقبلية.
صعوبات لا يُفصح عنها رواد الأعمال

في مقال عبر موقع "DUE" المتخصص في التمويل والأعمال، تشير الخبيرة المالية Kayla Sloan إلى 5 عقبات يميل رواد الأعمال إلى كتمانها:
- العمل الشاق "وراء الكواليس": نادراً ما يتحدث الرواد عن حجم الجهد البدني والذهني المبذول؛ حيث قد تصل ساعات العمل إلى 20 ساعة يومياً، وأحياناً السهر أياماً متواصلة لضمان استمرارية العمل؛ ما يؤدي إلى إنهاك جسدي شديد.
- الضائقة المالية المستترة: بعيداً عن صفقات التمويل المعلنة، يعاني الكثيرون من تأخر الدفعات المالية من العملاء، أو حتى تهرب البعض من السداد. يتحمل رائد الأعمال هذه الضغوط بصبر وجلد، ويضاعف جهده لتغطية النفقات دون إظهار أي عجز مالي أمام السوق.
- ضريبة العلاقات والراحة: قلة وقت الراحة تضع ضغطاً هائلاً على الدائرة المقربة لرائد الأعمال؛ فالتضحية بالمناسبات العائلية والفعاليات الاجتماعية تصبح أمراً واقعاً؛ ما قد يولِّد شعوراً بالإهمال لدى الأطفال أو الشركاء ويخلق فجوات اجتماعية.
- فجوات المعرفة المهارية: لا يحب الرواد الاعتراف بنقص خبرتهم في مجالات معينة مثل البرمجة أو التسويق. ومع محدودية الموارد المالية للتوظيف في البداية، يضطرون لتعلم كل شيء بأنفسهم، وهو ما يفسر ساعات العمل الطويلة والضغط الذهني المستمر.
- الخوف الكامن من الفشل: هو "العدو الخفي"؛ حيث يتفاقم هذا الخوف مع قلة النوم والضغط النفسي. وعلى الرغم من أن الرغبة في الاستسلام قد تراودهم؛ فإن وجود نظام دعم قوي هو ما يساعدهم على تجاوز لحظات الشك الذاتي.
هنا، لربما من الضروري لك كقائد أن تطلع على عناصر الثقافة التنظيمية الملائمة لتحقيق التوازن والنمو..
الطريق الشائك

ما ذُكر سابقاً ليس إلا جزءاً من جبل الجليد، ونستعرض هنا بعض الصعوبات الإضافية التي قد تشكل عائقاً في طريق رواد الأعمال أو تشعرهم بالإحباط والرغبة بالاستسلام والتخلي عن المشروع، وفق مقال نشره الموقع الإلكتروني لشركة "الجدوى" وهي شركة سعودية رائدة في إعداد دراسات الجدوى وتطوير منظومة قطاع الأعمال، بعنوان "سلبيات ومخاطر ريادة الأعمال"، ومن هذه الصعوبات:
- عدم الاستقرار المالي: إذ قد يمر رائد الأعمال بفترات طويلة دون تحقيق أرباح بالأخص في المراحل الأولى؛ ما يدفعه لاستنزاف مدخراته الشخصية.
- المنافسة الشرسة: فالسوق مفتوح للجميع لكن التميز هو سر النجاح والاستمرارية وسط حشود المنافسين، ويجب على رائد الأعمال تقديم قيمة مضافة حقيقية للبقاء.
- المخاطر القانونية والتنظيمية: ويتضمن ذلك استكمال الإجراءات الحكومية والحصول على التصاريح والتراخيص، ومواجهة قوانين تجارية وضريبية متغيرة.
- نقص الخبرة الإدارية: فكرة المشروع وحدها لا تكفي؛ إذ إن إدارة الفريق والموارد المالية واتخاذ القرارات تتطلب مهارات قيادية.
لماذا يخشون الاعتراف؟

يطرح مدرب وخبير الأعمال Simon Lovell في مقال عبر موقع Entrepreneur العالمي المتخصص بريادة الأعمال، سؤالاً بارزاً وهو: لماذا يخشى رواد الأعمال أن يكونوا صادقين بشأن معاناتهم؟
الجواب باختصار: "الخوف من فقدان الصورة الذهنية".
فالحديث عن التحديات والصعوبات قد يثير المقارنات، وبالتالي يغير الصورة الذهنية عن المشروع ورائد الأعمال ويؤثر في ثقة المستثمرين أو العملاء، وأبرز المساحات التي يصعب الحديث عنها بصراحة وفق لوفيل هي الأمور المالية، والانعكاسات الصحية والجسدية نتيجة الإرهاق والجهد الكبير، والجوانب النفسية كالشعور بالوحدة، والانتكاسات أو محطات عدم النجاح، والجوانب الاجتماعية والعلاقات الإنسانية والعائلية، والأخطاء وهذه من أهم المساحات التي غالباً ما يتجنب رواد الأعمال الإفصاح عنها، وذلك للحفاظ على صورة "القائد الملهم" الذي يمسك بزمام الأمور دائماً.
وكما نقول دوماً: الابتكار وقود ريادة الأعمال: كيف نغرسه في الأجيال الجديدة؟





