mena-gmtdmp

الثقافة التنظيمية الملائمة لتحقيق التوازن والنمو.. مهمتك كقائد

الثقافة التنظيمية - الصورة من freepik تصوير rawpixel.com
الثقافة التنظيمية - الصورة من freepik تصوير rawpixel.com

تُعدّ الثقافة التنظيمية محركاً قوياً للنجاح، فهي تؤثر على النمو الشامل، وعلى شعور فرق العمل الداخلية في بيئة العمل؛ بالارتياح وبالقدرة على إظهار مهاراتهم في المكان الصحيح، وفي إطار تنظيمي داعم ومحفز تتحدد فيه المسؤوليات والمهام؛ تتضح فيه الخصائص الحالية للشركة، والرؤى المستقبلية.
وتشكّل الثقافة التنظيمية تحدياً كبيراً لقادة المؤسسات والشركات، لا سيّما أنه يصعب قياسها وتتبعها بشكل كامل، لذا نناقش في هذا الموضوع أبرز الجوانب التي تساعد القادة المؤسسيين على بناء وتطوير ثقافة تنظيمية؛ تُنتج بيئة عمل أكثر استقراراً ونمواً وإنتاجية.

 

ما هي الثقافة التنظيمية؟

في مقال متخصص، نُشر عبر الموقع الإلكتروني لكلية هارفارد للأعمال، وكتبته كاثرين كوت، يتم تعريف الثقافة التنظيمية بأنها مجموعة من القيم والمعتقدات والافتراضات والمعايير التي توجّه النشاط والعقلية في المنظمة. وتشير كوت إلى أن هذه الثقافة تؤثر على كل جانب من جوانب العمل، بما في ذلك:

  • طريقة تواصل الموظفين مع بعضهم بعضاً.
  • المعايير المتعلقة بالتوازن بين العمل والحياة.
  • التوقعات الضمنية عند ظهور التحديات.
  • شعور كل موظف تجاه عمله.
  • إمكانية ارتكاب الأخطاء.
  • كيفية تعاون كل فريق وقسم.

 

لماذا تعد الثقافة التنظيمية مهمة؟

الثقافة التنظيمية تحفز الموظفين وتعزز الابتكار - الصورة من freepik تصوير 8photo


وفق المقال، إنّ وجود ثقافة مؤسسية قوية يُؤتي ثماره مالياً؛ فهو يُحفّز الموظفين، ما يُؤثر بدوره على جودة عملهم وكفاءته، وقدرتهم على تحقيق الأهداف، ومعدلات استبقائهم. كما أنّ وجود ثقافة تُشجع الابتكار يُثمر أفكاراً جديدة للمنتجات وحلولاً إبداعية للمشاكل. لذا، لا يُمكن الاستغناء عن وجود ثقافة مؤسسية، لأنه إذا لم تُبذل جهود في بنائها، قد تنشأ بدلاً عنها ثقافة سلبية.
وفي سياق ذكر الابتكار، من الأسئلة التي ناقشناها سابقاً هو أن الابتكار وقود ريادة الأعمال: كيف نغرسه في الأجيال الجديدة؟

 

سمات ثقافة تنظيمية استثنائية

تقول كيلا ديوار، في مدونتها عبر موقع Achievers.com، والتي تتحدث فيها عن الثقافة التنظيمية وأهميتها، إن "الثقافات عالية الأداء لا تظهر من تلقاء نفسها، بل تُبنى وتُرعى وتُعزز باستمرار"، وتضيف: "تُبنى أفضل بيئات العمل على عدد قليل من السمات الرئيسية التي تُحوّل النوايا الحسنة إلى أفعال يومية".
ووفق ديوار، هذا ما يُميّز الثقافات المزدهرة عن تلك التي تُستخدم فقط في العروض التقديمية:

التوافق مع الهدف:

عندما يُدرك الموظفون كيف ترتبط جهودهم بأهداف الشركة، يصبح التحفيز طبيعياً لا قسرياً، فالموظف يرغب في معرفة أهمية عمله والهدف منه، وهذا الهدف هو الذي يُعطيه سبباً للاهتمام.

ثقافة التقدير:

التقدير المتكرر والهادف ليس أمراً ثانوياً، بل هو ما يُحفّز المشاركة، ويُعزّز التواصل، ويُساعد الموظفين على تحسين أدائهم، ويُشعرهم بانتمائهم للشركة، لذا فإن فكلمة "شكراً" البسيطة قد تُحدث فرقاً كبيراً.

أساس الثقة:

لا تُبنى الثقة بالوعود الفارغة، بل بالأفعال، وبالتواصل المستمر، والصادق، والشفاف. عندما تكون الثقة راسخة، يتبعها التعاون والابتكار، يُقدّم الأفراد أفضل ما لديهم؛ لأنهم يعلمون أن بيئة عملهم تدعمهم.

التركيز على الأداء:

لا تقتصر الثقافات المتميزة على الدفء، بل هي مدفوعة بالطموح. تُشجّع الفرق عالية الأداء بعضها بعضاً على تجاوز الحدود، والمجازفة المحسوبة، والاحتفاء بالنجاحات (كبيرة كانت أم صغيرة)، يجب أن يكون النجاح مُجزياً وقابلاً للتكرار.

المرونة المتأصلة:

التغيير حتمي، لا تكتفي أفضل الثقافات بمواجهة التغيير، بل تتكيف معه وتنمو من خلاله، تدعم موظفيها في أوقات عدم اليقين، وتخرج منه أقوى لا مُشتّتة.

عقلية الفريق أولاً:

الفرق التي تدعم بعضها بعضاً تنجح معاً، التعاون والاحترام والمسؤولية المتبادلة هي نبض المؤسسات المزدهرة، فلا يوجد مكان للانفراد والتقوقع.

النزاهة والشفافية من أعلى الهرم:

يضع القادة المعايير، فعندما يقودون بصدق وانفتاح؛ ينتشر ذلك في جميع المستويات، مما يُرسي ثقافةً يثق بها الجميع ويدعمونها. لا مجال للخداع أو التضليل، إنها قيادة حقيقية.

روح الابتكار:

الابتكار ليس حكراً على فرق تطوير المنتجات. الثقافات التي تُشجع التفكير الإبداعي تُحل المشكلات بسرعة أكبر، وتعمل بذكاء، وتواكب التطورات، حتى في ظل التغيرات المفاجئة.

بيئة آمنة نفسياً:

غالباً ما تبدأ أفضل الأفكار بمبادرة جريئة. يجب أن يشعر الأفراد بالأمان للتعبير عن آرائهم، وتحدي الوضع الراهن، ومشاركة أفكارهم الجريئة، من دون خوف من الرفض، وهنا يكمن النمو الحقيقي.

 

الأنواع الرئيسية للثقافة التنظيمية:

هناك عدة أنواع من الثقافة التنظيمية - الصورة من freepik


هناك أربعة أنواع رئيسية للثقافة التنظيمية للمؤسسات، وفق مقال نُشر عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالاتحاد الدولي للمنهجيات المرنة ICAgile، ولكل نوع سمات وقواعد وأساليب إدارية مميزة تؤثر على ديناميكيات المؤسسة ونجاحها، والتعرف إلى أساليب العمل المختلفة يُساعدك على اختيار الثقافة التنظيمية الأنسب لفريقك. ما هي هذه الأنواع؟

هذه الأنواع الأربعة هي:

الثقافة الأدوقراطية (Adhocracy Culture):

توفر هذه الثقافة في المؤسسات مساحة واسعة للموظفين للإبداع والابتكار. يحتفي هذا الهيكل التنظيمي بعقلية ريادية متجذرة في المرونة والإبداع والمبادرة، ويمنح كل عضو في الفريق مساحة لتجربة أفكار جديدة والمشاركة في صنع القرارات على أعلى المستويات، مما قد يؤدي إلى تطوير منتجات فريدة وحلول مبتكرة للعملاء، كما يخلق بيئة من الاستقلالية التامة، حيث يمكن للموظفين تحديد أولويات مشاريعهم الخاصة أو العمل من المنزل.

ثقافة العشيرة - العمل الجماعي (Clan Culture):

تتميز هذه الثقافة بالتعاون، وتطوير الموظفين، والعمل الجماعي. يحافظ القادة الذين يتبنون هذا الإطار على الروح المعنوية ويعززونها من خلال تعزيز روح الفريق. وتشمل القيم الأساسية لهذه الثقافة الولاء، التقاليد، والشعور بالانتماء، وتتمتع بالعديد من المزايا التي قد تُسهم في خلق بيئة عمل إيجابية؛ مثل رفع الروح المعنوية، وتعزيز العمل الجماعي، وزيادة معدلات الاحتفاظ بالموظفين.

ثقافة التسلسل الهرمي (Hierarchy Culture):

تتميز ثقافة التسلسل الهرمي بهيكلها الرسمي الذي يُرسي الاستقرار والتحكم في مكان العمل. يلتزم هذا الفريق بتسلسل قيادي واضح ومستويات سلطة محددة، حيث تكون الإجراءات قابلة للتنبؤ، ومحددة، وفعّالة. تُعدّ الشركات الكبيرة ذات العمليات الموحدة ونظام الإدارة القوي مثالاً بارزاً على ثقافة التسلسل الهرمي. يُنظَّم الموظفون ضمن نظام هرمي واضح، ويرفعون تقاريرهم إلى القادة في مجال تخصصهم.
وتشمل السمات الشائعة لثقافة التسلسل الهرمي ما يلي:

  • مسارات وظيفية مفصلة للترقية داخل المؤسسة.
  • الإرشاد والتوجيه.
  • التواصل الواضح.
  • عمليات صنع القرار المُعتمدة.
  • كفاءة العمليات.

قد تُقيّد ثقافة التسلسل الهرمي أحياناً الإبداع والاستقلالية، لذا فإن إضافة قدر مناسب من المرونة إلى هذا النمط من العمل سيُحسّن تجربة الموظفين.

ثقافة السوق (Market Culture)

تتميز ثقافة السوق بالتركيز على النتائج، والتنافسية، والالتزام بتحقيق الأهداف. تُقدّر هذه المؤسسات إنجازات الموظفين ورضا العملاء فوق كل اعتبار. يُحفّز القادة في ثقافة السوق فرقهم على التفوق على المنافسة وتقديم منتجات متميزة لعملائهم.
وتشمل السمات الشائعة لثقافة السوق ما يلي:

  • الحرص على تحقيق المبيعات واكتساب عملاء جدد.
  • التركيز على مؤشرات الأداء والربحية.
  • المكافآت والحوافز لتحفيز الموظفين.
  • التنافس.

في هذه البيئة التجارية المُتطورة، يُحتفى بالنتائج القابلة للقياس، وفي حين أن الحفاظ على التركيز على السوق أمر بالغ الأهمية، فإن دمج برامج رفاهية الموظفين والاستثمار في الثقافة يمكن أن يُسهم في استقرار النهج.
وبالحديث عن رفاهية الموظفين، اقرأوا: لروّاد الأعمال: إستراتيجيات لتحسين رفاهية الموظفين في الشركة