في صناعةِ الموضةِ والأزياء، لم تعد العلامةُ التجاريَّةُ مجرَّد اسمٍ، أو شعارٍ، بل أصبحت هويَّةً متكاملةً، فهي مرئيَّةٌ، مسموعةٌ، ومقروءةٌ، لكنْ السؤالُ الأهمُّ اليوم:
هل تقرأ علامتك التجاريَّة جيداً؟
نحن نعيشُ في عصرٍ، تتوفَّرُ فيه أدواتٌ تكنولوجيَّةٌ مذهلةٌ، تساعدنا في تحليلِ الهويَّةِ البصريَّة، وسلوكِ الجمهور، ومستوى التفاعلِ، ومكانةِ العلامةِ في السوق، بل وحتى تفضيلاتِ العملاء. تجاهلُ هذه الأدواتِ، هو بمنزلةِ العملِ بعينٍ مغمضةٍ. صحيحٌ أن أهميَّةَ الوجودِ الرقمي والظهورِ الإلكتروني أصبحت من المسلَّماتِ في عالمِ الأعمال، وفعلاً، الوجودُ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعي له تأثيرٌ كبيرٌ، لكنْ الأهمُّ «وغالباً ما يُغفل»، هو العلاقةُ المباشرةُ مع العملاءِ والمورِّدين، كيف يمكنك قراءتها؟ كيف تحافظُ على ديمومتها واستمراريتها؟ وكيف تفهمها بوضوحٍ إذا لم يكن لديك فريقٌ مختصٌّ، يديرُ هذه العلاقات، ويُحلِّل بياناتها؟
في مرحلةِ التأسيس، قد يكون من الصعبِ توفيرُ هذا الفريقِ، لكنْ غيابُ التحليلِ السليم، يؤدي إلى رؤيةٍ ضبابيَّةٍ لهويَّتك التجاريَّة. قد لا تعرفُ ما الذي يُفضِّله عملاؤك فعلاً: هل هو لونٌ معيَّنٌ؟ خامةٌ؟ أسلوبُ تصميمٍ؟ أم مُنتَجٌ بعينه؟
هنا تكمنُ الخطورةُ، لأنك قد تعتمدُ على التفاعلِ في وسائلِ التواصلِ لتحديدِ التوجُّهاتِ، بينما جمهورك الحقيقي «مَن يشتري ويعودُ ويكرِّر» له تفضيلاتٌ مختلفةٌ كلياً، وقد تستثني منتجاتٍ، تظنُّ أنها غير مرغوبةٍ، وتستثمرُ كلَّ جهدك فيما لا يُشكِّل أي أهميَّةٍ لدى عملائك، فتتأثَّرُ مبيعاتك، ويُخيَّل إليك أن هذا هو نهايةُ الطريق. تشعرُ بخللٍ جسيمٍ في مشروعك، وتبدأ بكتابةِ قِصَّةٍ حزينةٍ على الرغمِ من كلِّ الجهودِ المبذولةِ، لذا أكرِّرها دائماً:
علامتك التجاريَّةُ لا تعنيك أنت، بل تعني جمهورَك المستهدف. استثمر في بناءِ علاقاتٍ قويَّةٍ مع المورِّدين لضمانِ جودةِ المنتجاتِ، وتوفُّرها بأسعارٍ تنافسيَّةٍ.
واستمع إلى صوتِ البياناتِ، ولا تكتفِ بقراءتها، بل اجمع بين بياناتِ التفاعلِ «ما يُعجب الجمهور»، وبياناتِ المبيعاتِ «ما يشتريه العميلُ فعلياً».
حينها فقط، ستكون جهودُك في مكانها الصحيح، وتركيزُك له أثرٌ، وسيصبحُ حلمك التجاري مستداماً، متجدِّداً، وواضحَ المعالم.. ما دمت تسمعُ وتقرأ علامتَك التجاريَّةَ بوعي.