مَن منا لا يشتاقُ إلى عصرِ ما قبل الإنترنت، ولا يُفضِّل وجهاتِ السياحةِ الصيفيَّةِ البسيطةِ قبل سطوةِ القرى السياحية؟! عن الحنينِ للماضي، وأهميَّةِ العيشِ في الحاضر، والشعورِ بمميَّزاته، كان لنا حوارٌ خاصٌّ مع النجمِ المصري صدقي صخر، حوارٌ مستوحى من عالمِ مسلسله الرمضاني «النص» الذي أخذَ المشاهدين في رحلةٍ لعصرِ الثلاثينيَّات من القرنِ الماضي، وما فيها من سحرٍ وخصوصيَّةٍ. استضافنا صدقي في منزله المرتَّب بشكلٍ استثنائي، ليناسبَ حياةَ شابٍّ أعزبَ، يهوى القراءةَ، إذ تُزيِّن الكتبُ أرجاءَ الغرفِ كلِّها، إلى جانبِ ركنٍ خاصٍّ محاطٍ بمكبِّراتِ الصوت، وآلاتِ الموسيقى. أطلعنا الفنَّانُ على روتينه الصباحي، وحضَّر لنا وصفةً، يواظبُ على تناولها يومياً، وتحدَّث لنا بشغفٍ عن حياته، وأصدقائه، وموضوعاتٍ فنيَّةٍ من مسيرته.
حوار : ندى محسن
تصوير : يحيى أحمد
نظرة على مسلسل «النص»

كيف كان انطباعُك عندما قرأتَ دورَك في مسلسلِ «النص»؟
شعرتُ بالسعادةِ لكوني جزءاً من فريقِ عملِ هذا المسلسل. العملُ مأخوذٌ عن قصصٍ حقيقيَّةٍ لأبطالٍ، قاوموا الاحتلالَ على الرغمِ من أنهم نشَّالون. توليفةٌ عجيبةٌ وسحريَّةٌ من واقعِ الشخصيَّة المصريَّة القديمة. كلُّ عناصرِ هذا العمل جعلتني متحمِّساً للمشاركةِ فيه، خاصَّةً مع دوري «الصاغ علوي»، وهو ضابطٌ غير بشوشٍ وشديدُ الانضباط، فالشخصيَّةُ كانت تحتاج لدقةٍ كبيرةٍ كيلا تتحوَّل إلى نسخةٍ مُبالغٍ فيها «فارس»، وفي الوقتِ نفسه إخراجُ الكوميديا منها.
ماذا عن النجمِ أحمد أمين، كيف كانت علاقتكما، لا سيما مع وجودِ حبِّ الموسيقى كقاسمٍ مشتركٍ بينكما؟
بالضبط. كان حبُّ الموسيقى أوَّلَ القواسمِ المشتركةِ بيننا، تلاه تطابقُ أبراجنا، فنحن من مواليدِ برجِ السرطان. بصراحةٍ، كانت فرصةً عظيمةً للتعرُّفِ على شخصيَّةٍ متواضعةٍ، ومُساعدةٍ، ومحبَّةٍ للتطوير، ومرحِّبةٍ بالاقتراحات مثل أحمد أمين. سُعدنا بكيمياءَ قويَّةٍ، سهَّلت علينا العملَ بشكلٍ استثنائي، وأعتقدُ أنها أثَّرت في الشكلِ النهائي للمسلسل.
ما أوَّلُ شيءٍ فعلته بعد الانتهاءِ من تصويرِ المسلسل؟
سافرتُ، وأغلقتُ هاتفي، وانطلقتُ إلى رأسِ البر، مدينةٌ هادئةٌ ومسالمةٌ، قبل أن تزدحمَ بالسادةِ المصيِّفين، وقضيتُ أربعةَ أيَّامٍ في معزلٍ عن الناس حيث كان الشاطئ لي وحدي تقريباً، واستمتعتُ بالهدوءِ والبحر.
تدورُ أحداثُ المسلسلِ في الثلاثينيَّات، لذا فكَّرنا في أن نصحبَك في رحلةٍ، نفاضلُ فيها بين الماضي والحاضر، ونرى كيف تُفضِّل بعضَ ملامحِ الحياةِ، على الطرقِ الكلاسيكيَّة أم الحديثةِ والمعاصرة.
تربية الأبناء؟
الطرقُ المعاصرةُ طبعاً. تقدَّمت التربيةُ بشكلٍ ملحوظٍ، ولا غنى عنه، لذا لا عودةَ إطلاقاً للطرقِ القديمةِ في تهذيبِ الأبناء. الوعي بالصحَّة النفسيَّة، وسبل تنشئةِ الطفل الصحيَّة، لا يمكن تجاهلها فتأثيرها الإيجابي في تنشئةِ الأجيالِ أفضل من القديمة.
إجازة الصيف:
الإجازاتُ القديمةُ دون أي تفكيرٍ. كانت الإجازاتُ بشكلٍ عامٍّ أكثر هدوءاً، وسهلةً، وبسيطةً، ولا تحملُ في طيَّاتها كلَّ هذا التكلُّفِ والاهتمامِ بالمظاهر كما نراه في العطلاتِ حالياً.
الأعراس:
لا تجذبني، لا قديماً ولا حديثاً، لكنَّني أميلُ للأعراسِ المعاصرةِ بعض الشيء، إذ يشدُّني "تمرُّد العروسين" حالياً. حفلاتُ الزفافِ قديماً، كانت تستهدفُ إرضاءَ الضيوفِ والمعازيم على حسابِ سعادةِ العروسين! عكسَ الحالِ اليوم حيث يستمتعُ الشابُّ والفتاةُ بحفلِ زفافهما أكثر، ويختاران له وجهاتٍ غير تقليديَّةٍ مثل البحر، ويقضيان أوقاتاً تشبه ذوقهما.
طرق التعبير عن الحب:
حالياً بالتأكيد. حالةُ النضجِ العاطفي، والوعي الذي نعيشه في مجالِ العلاقاتِ أفضلُ اليوم، إذ أصبح من المهمِّ الآن معرفةُ لغةِ الحبِّ لدى الطرفِ الآخر التي يستقبلُ من خلالها المشاعر، كما صار التواصلُ، والتعبيرُ عن احتياجاتنا من العلاقةِ أسهلَ من الماضي.
أثاث المنزل:
كما ترون حولكم في منزلي، أميلُ للأثاثِ الحديث، وتحديداً الدافئ منه. أحبُّ الأخشابَ بألوانها الطبيعيَّة في المنزل، كما أحبُّ الرفوفَ، والطاولاتِ الكبيرة. أعتقدُ أنها تعطي هدوءاً محبَّباً لنفسي، عكسَ الأثاثِ البارد، عديمِ اللونِ المنتشرِ هذه الأيام.
يمكنك أيضًا الاطلاع على لقاء سابق مع نجمة "لام شمسية" يسرا اللوزي
"لا أحب الأسئلة العاطفية التي تمس خصوصية العلاقة"
عالم تقديم البرامج

أخيراً قدَّمت موسمَين من برنامجك الحواري الخاصِّ الذي استضفت فيه عديداً من نجومِ الوسطِ الفنِّي، وبدَّلت المقاعدَ، واختبرت حياةَ الإعلاميين، لذا سسألك: ما هو أوَّلُ سؤالٍ شطبته من إعدادك، وقرَّرت ألا تسأله لضيفٍ أبداً؟
كيف حضَّرت للشخصيَّة والدور؟ إنه أحدُ الأسئلةِ التي تُحيِّرني تماماً، ولا أفهم كيف يجيبُ المرءُ عنه إجابةً جديدةً. ساعدني في هذا موضوعُ البودكاست «كلام عائلي»، الذي يُبعدني بطبيعةِ الحال عن عالمِ الفنِّ والتمثيل، والأسئلةِ النمطيَّة التي يُقابلها الممثِّل.
مَن الضيفُ الذي فاجأك، وخالفَ توقُّعاتِك عنه؟
أشرف عبدالباقي. لم أتوقَّع كم الثقافةِ الموجودةِ لدى هذا الشخص، وفلسفته الخاصَّةِ عن الفشل، إذ يراه ميزةً وفرصةً للتعلُّم. تحدَّث عن محطاتٍ، فشلت في حياته بمنتهى التصالحِ مع الذات، وما الذي تعلَّمه من هذا الفشل، وكيف تعاملَ معه! لقد ألهمني بطريقةِ تفكيره.
شخصيَّةٌ، كنت تشعرُ بالقلقِ قبل لقائها؟
الجميلةُ فيفي عبده. تبيَّن لي بعدها أنها جميلةٌ، وبسيطةٌ، ولم يكن هناك ما يستدعي القلق. كانت حلقتي معها من أكثر الحلقاتِ البسيطةِ والملهمة، واستمتعتُ بإدارةِ الحوارِ فيها.
إذا طلبنا منك اختيارَ شخصيَّةٍ من خارجِ الوسطِ الفنِّي، تتمنَّى استضافتها في «كلام عائلي» بشرطِ أن تكون قد ألهمتك في حياتك، فمَن تكون؟
أبي، بكلِّ سهولةٍ. هو شخصيَّةٌ ملهمةٌ لكلِّ مَن يتقاطعُ معه في حياته. غيَّر مجالَ عمله مثلي تماماً، وهو كاتبٌ مهمٌّ ومبدعٌ، وسأحبُّ أن أقدِّمه للجمهور.
اختر سؤالاً «عائلياً»، لا تحبُّ الإجابة عنه؟
لا أحبُّ الأسئلةَ الشخصيَّةَ العميقةَ في الحياةِ الخاصَّة. أحبُّ مشاركةَ بعض الخبراتِ الشخصيَّة، والمشاعر بالطبع، لكنْ هناك موضوعاتٌ حسَّاسةٌ، وفرديَّةٌ بشكلٍ استثنائي.
ماذا عن العلاقاتِ العاطفيَّة؟
العلاقاتُ العاطفيَّةُ من الملفاتِ التي أفضِّل أن تبقى خاصَّةً، لكيلا تتأثَّر حياةُ وخصوصيَّة الطرفِ الآخر في العلاقةِ معي، ولتكون العلاقةُ في أمانٍ دون ضغطٍ من أي نوعٍ.
سؤالٌ شخصي، ليس عن العلاقات: ما أكثرُ عذرٍ قدَّمته في العام الماضي؟
ما فعلته هذا كان نابعاً من خوفٍ، وأعتقدُ أن الخوفَ كان مصدرَ عديدٍ من التصرُّفات غير الموفَّقة التي فعلتها، واعتذرت عنها لمَن حولي. خوفٌ حقيقي، يقعُ خلفَ عديدٍ من تصرُّفاتي، بالتالي يكون عذري دائماً.
التمثيلُ، وقبله الغناءُ، وحالياً تقديمُ البرامج. تنقَّلت بين عديدٍ من المهن، لكنْ مهنتك الأساسيَّة، كانت «مهندساً»، لعل هذا يؤهلك للإجابةِ عن السؤالِ الذي حيَّر العديدين: لماذا يعتزُّ المهندسون بأنفسهم بصورةٍ تفوق العادة؟
أعتقدُ أن هذا الفخرَ مستحقٌّ، فنحن ندرسُ الحياةَ بشكلٍ يجعلنا قادرين على فعلِ أي شيءٍ. أي مهنةٍ يمكن تعلُّمها، وتطبيقُ نظرياتِ الهندسةِ نفسها في النظامِ والدقَّة، واحترافها تماماً، هذا ما يجعلُ المهندسَ مميَّزاً في نظري، ويزهو بذاته بشكلٍ يفوق العادة.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط