أريد حلا

أريد حلا

 

سيدتي السلام عليكم، أنا فعلا محتاجة لنصيحة أم؛ لأني أشعر بتعب كبير، كما لو كنت على وشك انهيار عصبي، تزوجت منذ تسع سنوات، لدي ابنتان: الأولى 8 سنوات، والثانية 3 سنوات، زوجي أناني جدًا لا يفكر إلا في نفسه أولا، وفي عمله ثانيا، إنه طموح جدا ولكن طموحه هذا على حسابي وحساب البيت، فهو غير مسؤول عن البيت ولا البنات، كل ما عليه المصروفات فقط، ويقول: هذا دوري في الحياة بالنسبة لكم، فهو يريد أن يكبر ويكبر، ولا يسمح لي بأن أكبر معه، بمعنى أنني أريد أن أتواكب مع العصر، أريد أن أطوّر نفسي وأكمل تعليمي، فأنا حاصلة على شهادة متوسطة، علما بأن والدي جاهد معي كثيرا؛ لكي أتعلم تعليما عاليا، ولكني فشلت في التعليم بسبب ارتباطي بصديقات فاشلات،  أنا الآن أريد أن أكبر، أريد أن يكون لي هدف، ولكن البيت والبنات يمنعانني؛ نظرا لضيق الوقت، حياتي تفقدني الإحساس بأنني يمكن أن أحقق هدفا في الحياة، هذه الظروف تشعرني بالتعاسة وعدم الرغبة في الحياة، الحمد لله أن بناتي متفوقات دراسيا، الأولى تنجح بتفوق وترتيبها الأولى على الفصل في اختبارات المدرسة، ولكن هذا لا يحقق لي الشعور بالسعادة، زوجي يريدني جارية وعبدة تحت قدميه، لا أشعر معه بغير ذلك، من فرط الطلبات والأوامر أنا متعبة، وأفكر جديّا في الانتحار وقتل بناتي؛ لأني أشعر بذل وجروح كثيرة سببها لي زوجي من خيانة وإهمال وعدم احترام، لم يعد لي أحد ألجأ إليه؛ زوجي لا يريدني أن أعمل، ماذا أفعل وهم يريدون أن يأخذوا فقط ولا يعطوني حقي في الحياة؟! آسفة على الإطالة، ولكن هذا آخر ما استطعت أن أفعله، وهو الكتابة لك.

زوجة تعيسة

 

 

عزيزتي هل سمعت بالمثل القائل: «ما حك جلدك مثل ظفرك»؟، أول خطوة على طريق تحقيق ما تتمنين هي الاعتراف بأن قرارك بيدك، وأنك المسؤولة الأولى عن كل ما يجري في حياتك، لا زوج ولا ولد ولا صديقة ولا رئيس عمل يمكن أن يضع في يدك مفاتيح الإحساس بأنك حققت ما تريدين.
فهمت من رسالتك أن زوجك لا يقصر في الإنفاق، وأن بناتك متفوقات، ولكن ما تتضررين منه هو أن كل طاقتك مكرسة لخدمة البيت والأولاد، وأنك تعتبرين ذلك عائقا يمنعك من تطوير نفسك، وهنا أختلف معك؛ لأن بإمكانك الاستعانة بخادمة تخفف عنك الأعباء المنزلية، هناك أعمال روتينية لا يدخل فيها إبداع ست البيت مثل الغسيل وكي الثياب وشراء الطلبات من السوبر ماركت وتنظيف المطبخ والحمامات، وهي مهام ضرورية وتستغرق وقتا ومجهودا، يمكن أن تنوب عنك فيها معاونة منزل في غير وجود زوجك وأولادك، أما الدراسة فما عليك سوى اختيار حقل الدراسة المفضل والانتساب لمعهد أو كلية، أو حتى دراسة منهج على الإنترنت، والعقل يقول إن انقطاعك عن الدراسة طوال المدة السابقة يستدعي أن تأخذي الأمر تدريجيا، ابدئي بداية متواضعة؛  حتى لا تبدو المهمة تعجيزية فيزيدك الإحساس بالعجز يأسا وتذمرًا.
انظري إلى الصورة كاملة وليس إلى الجزء الخاص بما ينقصك، انظري إلى ما حباك الله به من نعم؛ لا عيب في تمني الأفضل، وإنما العيب هو في نكران النعم الأخرى.
التوتر بينك وبين زوجك سببه أنه يشعر بتذمرك، وحين ينتقل إليه هذا الإحساس يشعر بأنك لا تحبينه بل وترفضينه نفسيا وعاطفيا، فيزيده هذا الإحساس غضبًا، ويدفعه إلى فرض سطوة أعمق لعلها تضمد جرح الكبرياء الذي يفرضه عليه غضبك. يا ابنتي، ربك يقول: «اسع يا عبدي وأنا أسعى معك».

 

 

كذبة كبيرة


سيدتي عندي مشكلة، أنا مخطوبة منذ سنتين، وأشعر برفض كامل لخطيبي مع أن بنات العائلة يحسدنني عليه، بدأت المشكلة بكذبة؛ لأنه حين خطبني كذب علي وعلى أهلي، وقال إنه متعلم تعليمًا جامعيًا، وإنه يشغل وظيفة مرموقة، ثم اكتشفت أنه لم يدرس بالجامعة، بل اكتفى بالثانوية العامة والتحق بالجيش، وراتبه «على قده»، صُدمت كثيرًا، وجلست أبكي؛ لأني كنت أحلم بالزواج بشخص متعلم وخريج جامعة، أستفيد من علمه، وفي نفس طبقتي الثقافية، وأن أكمل الدراسة في الخارج معه، فأنا يسحرني الرجل المثقف، كلما أسمع أن بنتا خطبت لواحد يدرس في الخارج أو لدكتور أو حتى لمدرس أحس بأني أموت من القهر وأحترق من الداخل، فالجندي ممنوع أن يخرج من بلده حتى في شهر العسل.

أشعر بأن الدنيا تدور بي والأرض تميد تحت قدمي، أريد أن أفسخ الملكة (الخطبة)، وإن فعلت سأكتسب لقب المطلقة، وأنا في الثانية والعشرين، وما تزوجت أصلا حتى يلقبوني بالمطلقة. تحدد موعد زواجي والكل مترقب للموعد، ولكني أحترق، أرجوكِ ساعديني

يا أمي؛ أمي تخلت عني، وتقول: هذا دلال وغرور، أنت شايفة نفسك؛ لأنك بالجامعة، وهو معه ثانوية عامة. أنا أفكر في أن أقابله وأطلب منه أن يكمل الجامعة أو يطلقني. 

أرجوكِ ردي عليّ ...

 

عزيزتي تعاطفت معك فيما يتعلق بأن يمارس الأهل الكذب؛ لكي يقنعوا الفتاة بقبول خاطب بعينه، ولكني أختلف معك فيما يتعلق بقرار الانفصال؛ لأن الخاطب لم يلتحق بالجامعة رغم اقتناعي بأن التوافق الثقافي ضروري وهام في الزواج، أما اختلافي معك فيرتبط بما جاء في الرسالة، فأنت لا تذكرين شيئا عن تفاعلك معه، ولا تذكرين شيئا عن أسلوبه في التعامل معك، وعن صفاته كإنسان، الثقافة يا ابنتي ليست حكرًا على طلاب الجامعة. الثقافة ميل لتحصيل العلم والمعرفة وتوظيفها؛ لتطوير تفاعلنا مع الحياة والناس، ما أنصحك به هو طلب تأجيل إتمام الزواج، ومنح فرصة جديدة للعلاقة بينك وبين خاطبك. صارحيه بأحلامك عن إكمال التعليم في الخارج، ربما يكون التحاقه بالجيش مؤقتا، وربما تكون عنده أحلام مؤجلة أيضا.

ولكن إن لم يتحقق الوفاق والقبول في فترة المهلة فلا تترددي في طلب الانفصال؛ لأنه من غير العدل أن تبدئي معه حياة زوجية، وأنت غير راضية، فمن المؤكد أن ينعكس عدم الرضا على تعاملك معه، فيصبح للحياة بينكما طعم مر.

 


القرار الصعب

 

سيدتي أبلغ من العمر 32 سنة، عراقية الجنسية، غير متزوجة ومقيمة مع عائلتي في الأردن منذ عام2004  ،  عائلة تتكون من أبي وأمي وأختي وأخ متزوج، معه الجنسية البريطانية ومقيم في دولة الإمارات.

 المشكلة هي أنه في عام 2004 قام والدي بالتقديم للهجرة إلى كندا، ولكن كل واحد قدم بصورة مستقلة عن الآخر.

 أختي تبلغ من العمر أربعين سنة، وغير متزوجة -ماجستير لغة إنكليزية- كانت أستاذة جامعية في  بغداد، وهي حاليا بدون عمل، عند تقديمها  لمدارس أجنبية أو منظمات دولية للعمل يرفض الطلب، بدون إبداء أسباب.

 أما أنا   فوضعي مختلف، فأنا أعمل منذ أربع سنوات بشركة محاماة، وأنا بالأساس خريجة   كلية القانون بجامعة بغداد، وظيفتي مساعدة مدير عام الشركة، وطبيعة العمل في هذه   الشركة هي التعامل مع بنوك محلية في عمان وبنوك دولية لها فروع في دولة الإمارات؛  كونها شركة محاماة وتحصيل ديون في آن واحد، أشعر بالراحة في عملي ولم يتعامل معي زملائي يومًا كأنني غريبة عنهم، بل بالعكس تعاملوا معي بكل ودّ واحترام، ولعل هذه هي المشكلة ، منذ حوالي شهرين تسلمنا أنا وأختي فقط بريدا إلكترونيا من قسم الهجرة في السفارة الكندية يطلبون منا تزويدهم بالوثائق اللازمة؛ لغرض دارستها للتسريع في طلب الهجرة؛ لعلك تتساءلين عن مصير معاملة أبي وأمي، المعاملة ما زالت قيد الدراسة  كما ذكرت، منذ حوالي شهرين وأنا في دوامة: هل أرحل مع أختي أم لا؟  لأول مرة في حياتي لا أستطيع أن أتخذ قرارًا؛ خوفا من تحمل العواقب، والسبب إذا بقيت في الأردن أخشى أن يأتي يوم ويتم فيه ترحيلنا إلى العراق، حاليا إقامتنا تتجدد كل سنة في الأردن مع أن إقامتنا هنا قانونية، ولدينا هوية إقامة صادرة عن وزارة الداخلية،  لكن في نفس الوقت أخاف من السفر إلى كندا؛ لأنه عليّ البقاء هناك ثلاث   سنوات لأتمكن بعدها من الحصول على الجنسية الكندية، والعمل هناك صعب جدا، لابد من الدراسة في أحد المعاهد أو الجامعات الكندية، وبعدها العمل بشكل تطوعي لاكتساب الخبرة الكندية؛  كون خبرة العمل في الدول العربية غير معترف بها هناك، بالإضافة إلى الإحساس بالغربة. لا أدري ماذا أفعل وأحتاج إلى المشورة ؟

 الحائرة مها

 

 

عزيزتي في مثل حالتك لا يمكن أن نتعامل مع المشكلة القائمة بالأبيض والأسود فقط، فهناك ظلال كثيرة ودرجات، إذا كان طلب الهجرة يسمح بسفرك أنت وأختك فقط فأنصحك بالقبول والسفر والاستقرار هناك، ثم طلب انضمام والديك إليك أنت وأختك وهذا جائز ومتاح.

 ولكن مثل تلك النصيحة تخيفك؛ لأنك مرتاحة في عملك ومستقرة نفسيا مع زملائك في وطن عربي مألوف الثقافة واللغة والمعاملات، وإن نصحتك بالهجرة فرضت عليك أن تعودي إلى حالة الدراسة والتأقلم والمجازفة بفقدان وظيفة مستقرة قد لا تحصلين على مثلها في كندا، وهذا ظلم لك.

ما أنصحك به هو أن تقبلي سفر أختك إلى كندا؛ لأنها حاليا بلا عمل، وهي ليست فتاة تنقصها الخبرة العلمية والثقافية والحياتية، الحركة بركة، فإن سافرت إلى كندا قد تتغير حياتها كثيرا، وإن تلمست الطريق هناك ووجدت أن الحياة ممكنة للأسرة كلها ترسل في طلبكم جميعا بمن فيهم أنت؛ لأن المكسب في تلك الحالة سيكون مكسبًا للجميع، وأن يلتئم شمل الأسرة.  عيب هذه النصيحة هي أن العالم مقبل على مرحلة تدهور اقتصادي كبير خاصة في البلاد الغربية، وقد لا تكون الحياة سهلة على المهاجرين والمغتربين، فما هو الحل إذن؟ الحل الأمثل هو البقاء حيثُ أنت وبذل مساعٍ أكبر؛ لكي تحصل أختك على عمل؛ لأن مثلها بما اكتسبت من خبرة لا يجوز أن تظل بلا عمل، هي مكسب لأي مجتمع مضيف، وعلى كل من يستطيع مساعدتها أن يساعدها ويقف معها.

أمل والديك هو أن تظل الأسرة متماسكة، وأن تكوني أنت وأختك معهما حين يبلغان الكبر، ربك هو موزع الأرزاق، فلا تكفي عن الدعاء بأن يرزقك بالزوج الصالح، ويرزق أختك بالعمل الشريف والزواج السعيد، تأكدي أن الله يهيئ لنا جميعا ما تصلح به الحياة. القرار في النهاية هو لأختك، فإن شاءت جازفت، وإن خافت بقيت حيث هي، ولكن قبل أن أنهي هذه السطور أقول لك: إنها لو سافرت إلى كندا فهي تجربة سوف تكسبها صلابة وخبرة، وإن لم تنجح يمكنها الرجوع إلى الأردن ولن تخسر شيئا.