النجاح إرادة توجهها الإدارة


شعرة رفيعة تفصل بين القسوة والحزم، وبين الطيبة والسلبية، والعاقل الحكيم هو من يستطيع أن يميز بين أبعاد تلك الصفات، فالمدير أحيانًا في أي إدارة، وفي أي مجال وأي قطاع، قد يستغل منصبه استغلالاً سيئًا، ويفقد طيبته لو افترضنا أنه يملكها أصلاً، ويظن أن النظرة الفوقية لمن حوله هي من أولويات قيادته وإدارته، يأمر فيطاع، ينهي فيستجاب له، يظن أن الإصلاح والإنجاز والعطاء والابتكار والإبداع لن تتحقق إلا بالشدة والعنف ومواجهة الآخرين بالصراحة المنفرة والمؤذية، فكيانه يمتلئ بروح القسوة والاستبداد، ويعتقد بذلك أنه يجبر الآخرين على عدم التهاون في العمل، وعلى احترامه وتقديره، وبهذا التصور يكون قد وقع في خطأ كبير، خطأ من الصعب محو آثاره من نفوس من حوله، فالمناصب الإدارية ليست طاردة للطيبة وحسن التعامل، فهناك الكثير من العظماء في ماضينا والقليل في حاضرنا يمثلون قمة الوداعة والطيبة والحكمة، ويسعون لحل المشكلات وتذليل العقبات، ودعم ومساندة الضعفاء، وتشجيع الإيجابيين والناجحين، فكسبوا حبهم واحترامهم وإخلاصهم وتفانيهم وقوة انتمائهم لمكان عملهم، فالمدير يعرف بحكمته ورصانته متى يهدأ؟ ومتى ينفعل؟ ومتى يصمت؟ ومتى يتدخل؟ وكيف يتصرف في المواقف، وفي أيها يكون حازمًا، فتعليماته وقراراته وتوجيهاته ممزوجة بالمحبة والإقناع، يتصرف بحزم بعيدًا عن الغضب والتعصب، وأن يوافق قوله عمله، فالمدير الأكثر مرونة في تعامله يكون تحكمه في الأشياء أكثر، وعليه يقع العبء الأكبر بالمصارحة ومواجهة الصعوبات والاعتراف بالأخطاء ثم معالجتها، كما أن الاعتراف بالسلبيات وحده لا يكفي، ولا بد من مرحلة يواجه فيها بشجاعة واقع إدارته، ويأخذ قرارات حاسمة حتى وإن كانت مؤلمة، إن الرغبة والقدرة على تخطي الصعاب وتجاوز المحبطات هي من سمات المدير الناجح، فالإدارة القوية تعني التحلي بالمعرفة، وبسعة الأفق وقوة البصيرة، وبالنظرة المستقبلية، وبالتخطيط والتطوير، وبالصبر في مواجهة المعوقات وإيجاد الحلول المناسبة لها، فالإداري الناجح يمتلك الثقة باللَّه وقوة الإيمان والعزيمة والإرادة والثقة بالنفس؛ لأنه سيواجه كمًّا هائلاً من التشكيك والتنقيص بجانب عينات محبطة من المتشائمين والمتذمرين والشكائين واليائسين، عدا مواجهته لكثير من المحسوبية والوساطة، فلا بد أن يتميز بالقدرة على تحمل المصاعب، والصبر على تجاوز الأزمات وإدارتها، حتى يتحقق المأمول، ويصل للهدف المرسوم والمنشود مهما صعب المشوار، إنها صفات ومميزات لا يمتلكها إلا كبار النفوس.

لقد قرن الله تعالى القول بالعمل، فقول بلا عمل لا يكفي لتحقيق النجاح، قال اللَّه جلَّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} سورة الصف. فيجب أن يقترن القول بالعمل؛ ليتحقق صدق الإيمان، ويكفينا اتباع منهج أعظم قائد ومدير للبشرية، والأسوة الحسنة محمد بن عبدالله صلى اللَّه عليه وسلم.

فنحن نحتاج إلى السلام النفسي والاجتماعي أكثر من أي وقت مضى، فأين نحن الآن من تحفيز الفكر المستمر لمزيد من الاستقصاء الحافز للذهن، والدافع إلى تعرية الإجابات في سبيل علاج هدر الوعي.

 

أنين مسؤول

تمر في حياتنا كثير من المرارات علقمًا كمرارة الصبر، نحاول أن نتفهم ونتفاهم، نحاور، نقنع، نعاني بصمت، نتصبر، نصبر، نتجرع بحرقة، نتألم، نتأمل، نستوعب «لا نغضب»، نعتصر، فجأة تقرع في جوفنا أجهزة إنذار تُنبئنا بأمراض قادمة، ونرتجف وهو يلمح ما حوله، نشتكي إلى الله أولاً وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا وفي كل حال، فما بين ثقافة القيم والمبادئ والإدارة الإلكترونية العادلة وثقافة الوساطة والمحسوبية، هنا تقع أزمة الفكر والنفس والبدن، ويبقى كما قال صلى اللَّه عليه وسلم: «من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» معيارًا حقيقيًّا عادلاً نحتكم إليه.