لا أريد الطلاق

قالت  بكل ألم مصحوب بثقة: يدفعني أهلي لطلب الطلاق وأنا لن أتكلم أو أبحث عن الأسباب والدوافع أو حتى تحديد المسؤوليَّة التي أوصلتهم لدرجة اتخاذ قرار يخصني ويحددون مصير حياتي. وإني ألتمس لهم بعض العذر فمن وجهة نظرهم قد أحسوا بأنني زوجة غير سعيدة، وأنا يا سيدتي أعرف أنَّ الأصل في الزواج هو الاستمرار والاستقرار والتحمل والصبر والتضحية والتفاهم والمودة والعشرة والسكن. وكل ما أرغب بقوله إنني لا أريد الطلاق من زوجي، قد تكون هناك مبررات للطلاق، لكن من وجهة نظري أعترف أنَّه بالصبر والتضحية والتغاضي يمكنني أن أتجاوزها، فالحياة ليست سهلة، وتحتاج إلى مثابرة، وتحمل فلا يوجد إنسان كامل، فكل طموحاتي وآمالي مرتبطة بأسرتي، كما أنني لا أملك القدرة على مواجهة الحياة وحدي، وأبغض نظرة المجتمع الظالمة للمطلقة، وأنا ضد ما يقوله أهلي وصديقاتي بأن أنهي حياتي معه، وأبدأ حياة جديدة مع إنسان يقدرني ويقدر الحياة الزوجيَّة قبل أن تهرب مني الفرصة فمازلت في مقتبل عمري، وأنا لا أتصور أن ينتهي زواجي بعد خمس سنوات عشتها معه، ولا أتخيل نفسي مع إنسان جديد، ورجل آخر غير زوجي، فأنا على الأقل عرفت عيوبه وعايشتها، وذلك أفضل من المجازفة مع آخر، فقد أجد عيوبًا أعمق وأسوأ.

 الحقيقة أنَّ زوجي بعيد عني نفسيًا ومعنويًا واجتماعيًا، ونحن في نفس المكان، لكن في كل الأحوال نظل اثنين، وتظل عيوبه في الابتعاد وليس في سوء خلقه. إنَّ الطلاق بالنسبة لي دمار وخراب وتحطيم وانهيار وفوضى وألم وتشتت، وموضوع البقاء أكرم تضحية أقدمها؛ لكي أجنب ابنتي تبعات الانفصال، وهدم حياتها المستقرة، ولن أتحمل الجراح العميقة التي سأسببها لها لو أدخلت في حياتها رجلاً غير أبيها، أو عاشت مع امرأة غير أمها، وسوف أراعي مصلحتها على مصلحتي، وأحافظ على مشاعرها أكثر من مشاعري،‏ فلا توجد امرأة في العالم تسعى للطلاق إلا إذا وصلت لقمة اليأس، وعجزت بعد أن استنزفت جميع الطرق لمعالجة مشاكلها، وأنا لم ولن أيأس، فلدي إيمان عميق بربي -سبحانه- بأنَّه بمرور الوقت ستتضاءل المشاكل، وسيلتفت لي ولابنته ولبيته، ولدي ثقة ويقين بأنَّ الله سيغير حالي لأحسن الأحوال. إنني مقتنعة بأنَّ المرأة هي صانعة الحبِّ، ونبع حنان منحها الله قدرة عظيمة على احتواء زوجها.. كما أنَّه ليس بالضرورة أن يكون كل زواج ناجح هو زواج سعيد، وأنا أعيش بنظرة عاقلة لمعالجة الأمور؛ حتى أستطيع أن أمتلك السعادة التي أريدها مع زوجي، وأدعو الله سبحانه وتعالى في كل الأوقات أن يهديه ويمنحني القوة؛ لتستمر حياتي معه حتى نهاية العمر.

أنين الكلمات

العمر نصيب، الحياة قرار.. المرض نصيب، العلاج قرار.. الزواج نصيب، الطلاق قرار.. الحزن نصيب، الفرح قرار.. وجود أشخاص بحياتك نصيب.. الاحتفاظ بهم قرار.. الحبُّ نصيب، النسيان قرار.. فإن لم تكن تملك النصيب فأنت تملك القرار.