جميعنا مسؤولون عن حماية أطفالنا ورعاية مصالحهم، فقضية تزويج الفتيات الصغيرات واغتصاب طفولتهن مسؤولية الجميع، فهو زواج يتم بموجب صفقة بين ولي الأمر والزوج، أب يقدم على بيع طفلته، وليس تزويجها، قد يكون بعض من هؤلاء الآباء يعاني من خلل في صحته العقلية، أو يتسم بكراهية النساء أو يريد الانتقام من زوجته السابقة أو يرغب بالتخلص من المسؤولية أو يتسم بالتسلط الأسري، لكنه في النهاية أب يتصف بالأنانية، وخلو قلبه من الرحمة، وعدم الخوف من الله عزَّ وجلَّ، فهذا الزواج في الأساس صفقة تندرج تحت مسميات عديدة، وبأي شكل من الأشكال، ولأي سبب من الأسباب، فالاتفاق على مثل هذا الزواج يكون لتحقيق منفعة شخصية، ومكاسب مادية للأب، وتجديد شباب للزوج، الذي يعتقد أن في الزواج من الصغيرات استرجاعًا للفتوة والعنفوان، سمعت عن معاناة متزوجات من كبار السن تدمي لها القلوب، ورصدت بعضًا منها، فقد لجأت إحداهن إلى شرب مادة الكلور محاولة الانتحار، فيما أدخلت أخرى قسم العناية المركزة بالمستشفى ليلة دخلتها من آثار ما تعانيه من الليلة الأولى، في حين حملت أخرى لقب مطلقة، وهي لا تزال في مراحل الطفولة، ولا يتسع المجال لذكر العديد من المآسي، فحالات زواج القاصرات نالت اهتمامًا إعلاميًّا كبيرًا، والحالات كثيرة ونتائجها مرعبة، تتمثل في كثرة حالات الطلاق والترمل، بالإضافة إلى المشاكل الصحية والنفسية، وبحسب تقرير لجنة طبية وطنية بالسعودية؛ تبين وجود آثار سلبية لزواج القاصرات، فهو يتسبب في أضرار نفسية وجسدية تهدد صحة أطفال الأمهات القصر، وأن هؤلاء الفتيات يتعرضن لمشكلات جسدية ناجمة عن عدم استعداد أجسادهن لخوض تجربة من هذا النوع، كما يصبحن مهددات بالإصابة باضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل، والولادة المبكرة، علاوة على تزايد حالات الإجهاض وارتفاع مخاطر إصابتهن بهشاشة العظام.
أما فيما يختص بالجانب النفسي، فزواج الطفلة قد يتسبب بمعاناتها من الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من عيش مرحلة الطفولة، ما قد يؤدي- عند تعرضها لضغوط - إلى حدوث ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية، كما قد ينجم عن ذلك اضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين، ناتجة عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة، مما يؤدي إلى عدم نجاح العلاقة وصعوبتها، بالإضافة إلى معاناة الفتاة من قلق واضطرابات عدم التكيف، نتيجة للمشاكل الزوجية وعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج، ومسؤولية الأسرة والسكن والمودة، وقد ينتهي الأمر بهروبها نحو الإدمان نتيجة تلك الضغوط، هذا غير صحة مواليد تلك الفئة من المتزوجات؛ فقد حذر تقرير اللجنة من احتمالية معاناة هؤلاء الأطفال من عدد من المشكلات الصحية، مثل اختناق الجنين في بطن الأم، وما يصاحب ذلك من مضاعفات مثل قصور في الجهاز التنفسي، لعدم اكتمال نمو الرئتين، واعتلالات الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى تأخر النمو الجسدي والعقلي، وزيادة مخاطر الإصابة بالشلل الدماغي، والإصابة بالعمى والإعاقات السمعية.
ولا أدري لماذا نقطف الزهرة قبل أوانها؟ إنها عملية وأد البراءة وقتل الأمل واغتيال السعادة لبراعم لم تتفتح بعد، إنها جريمة تدفع ثمنها الصغيرات.
أنين الحياة
المال يشتري كل شيء.. لكننا جميعًا مسؤولون عن جعل المال يتوقف قبل أن يشتري الإنسان، فقد خلقنا الله سبحانه، ذكرًا أو أنثى، لكي نعمل ونعمر الأرض، ونستقيم إلى الله بجوارحنا وألسنتنا وأعمالنا.. ولم يخلقنا لكي نتحول إلى سلع تذهب في النهاية لصاحب النقود الأكثر!
فاطمة العتيبي