أفلام تشيع التفاؤل في السينما العالمية

في خضم هذا العدد الضخم من الأفلام التي تنتج كل يوم، قليلة هي الأفلام التي تلهب الأحاسيس وتشعل نار التفاؤل والحماس بداخلك، فبالرغم من جودة تلك النوعية من الأفلام ونبل محتواها، إلا أن أفلام الحركة والإثارة هي النوعية الغالبة؛ لأنها الأكثر ربحية على المستوى التجاري، ولكن من حسن الحظ يظهر من حين لآخر فيلم من نوعية الأفلام ذات الأبعاد الإنسانية الراقية، ويحقّق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وذلك لاحتياج الناس الشديد لتلك النوعية من الأفلام التي تلمس جوانب إنسانية في شخصيتهم، وتعيد شحذ الإصرار والتفاؤل والأمل في داخلهم، وفي السطور التالية سوف نستعرض أهم تلك الأفلام التي حرّكت وأثرت مشاعر الأمل والتفاؤل داخل مشاهديها.

 


"فورست جامب" دليل لمواصلة الحياة بكل إيجابية


يعتبر فيلم "فورست جامب" واحداً من أهم أفلام السينما العالمية التي أرست معاني التفاؤل والأمل في قلوب ملايين المشاهدين حول العالم؛ فقد نجح كل من المخرج روبرت زميكس والمؤلف وينستون جروم بالإضافة إلى النجم الكبير توم هانكس ورغم بساطة فكرة الفيلم، في تأكيد معاني التفاؤل والأمل. ولذلك، فالإنسان البسيط ورغم ما يعتري حياته الشخصية من مشاكل لازمته  طوال حياته منذ طفولته حتى فترة رجولته، لا يفقد الأمل والإصرار اللازم على مواصلة الحياة بكل عزم وإيجابية.


"علي" أسطورة التحدي والتفاؤل


نجح فيلم "علي" في تقديم السيرة الذاتية لحياة الملاكم الأسطورة محمد علي، في الفترة الممتدّة من عام 1964 حتى عام 1974، ولقد ركّز صناع الفيلم سواء المخرج مايكل مان والمؤلف إريك روث والفنان ويل سميث على تلك الفترة تحديداً؛ لأنها كانت أهم وأكثر فترات عمر محمد علي نجاحاً وجدلاً، ففي الوقت الذي نجح محمد علي في انتزاع اللقب العالمي لبطولة العالم للوزن الثقيل، أثار الرجل العديد من القضايا الشائكة في المجتمع الأميركي كله، وذلك بعد اعتناقه الإسلام، وصداقته للداعية مالكوم إكس، ومناصرته لقضايا الداعية لرفض التمييز العنصري ضد الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، وأخيراً رفضه الحرب الأميركية ضد فيتنام وقراره بعدم الإشتراك فيها، وذلك لإيمانه الراسخ بأن احتلال أي شعب لشعب آخر غير مبرّر تحت أي ظروف. ونتيجة لتلك المواقف المشرّفة، تعرّض محمد علي للكثير من المشاكل والأزمات، لكنه استطاع بصبره وتفائله النابع من إيمانه القوي وعزمه الحثيث أن يواصل مسيرته كواحد من أهم من أنجبتهم حلبات الملاكمة على مر العصور. وقد تمكّن فيلم "علي" من أن يكون أسطورة التحدي والتفاؤل.


"أنا سام" عندما ينتصر الأمل على قسوة القانون


ما شعورك عندما تحرم من ابنتك الوحيدة؛ لأنك لست أهلاً لتربيتها؟ وكيف ستتصرّف؟ هذا هو محور فيلم "أنا سام" الذي أخرجه جيسي نيلسون وكتبته كريستين جونسون، ولعب دور البطولة فيه النجم شين بين. تدور أحداث الفيلم حول رجل في منتصف العمر يدعى سام، يعاني من تخلّف عقلي حيث لا يتعدّى عمره العقلي عمر طفل في السابعة من عمره، يعيش في منزله بمدينة لوس أنجلوس مع ابنته الصغيرة لوسي التي تركتها أمها يوم ولادتها في رعاية والدها سام الذي سهر على راحتها ورعايتها بمفرده بكل نجاح، وبالرغم من ذلك تتصاعد أسئلة الناس المحيطين بسام حول مدى صلاحيته في رعاية طفلة مثل لوسي. وتتسارع الأحداث وتطلب الإدارة الإجتماعية التابعة للولاية من سام تسليم لوسي إليهم حتى ترعاها عائلة فوستر التي أبدت استعدادها لتبنّيها. وأمام ذلك الأمر المحتّم، اضطرّ سام إلى البحث عن محامٍ يستطيع أن يرجع له ابنته ويجعلها تحت وصايته، وبعد محاولات نجح سام في إقناع ريتا المحامية بالوقوف إلى جانبه؛ حتى يكسب قضيته. وأمام إصرار سام وأمله في أن ترجع ابنته إلى أحضانه مرّة أخرى، تتنازل عائلة فوستر عن وصايتها للوسي، وتعيدها إلى والدها سام؛ لينتهي الفيلم نهاية سعيدة غير متوقّعة كعادة الأفلام الدرامية، وليترك أثراً عميقاً في نفوس مشاهديه، كله حب وأمل وتفاؤل في حياة أفضل.


"المليونير المتشرد" وأمل الخروج من دائرة الفقر


إستطاع فيلم "المليونير المتشرد" أن يحصل على إعجاب ملايين المشاهدين، قبل أن يحصد ثماني جوائز "أوسكار" بالإضافة إلى عشرات الجوائز الأخرى في مسابقات فنية عديدة. وقد استطاع مخرج الفيلم داني بويلي والسيناريست بيوفي ومجموعة الممثلين ديف باتل وأنيل كابور أن يسلّطوا الضوء على شريحة كبيرة من المهمّشين الذين يعيشون بيننا دون أن نلحظهم، فهم خارج اهتماماتنا تماماً، كما يقعون على حدود مدننا، يحلمون ويأملون في أن تتمتّع حياتهم بقدر متواضع من المستوى الأدنى للآدمية، وخيارهم الوحيد في تحقيق ذلك الحلم هو النظر بتفاؤل إلى المستقبل، لعله سيكون أفضل من وضعهم الحالي القاسي.

تدور أحداث الفيلم حول شخصية الفتى جمال الذي لم يتعدّ عمره الثامنة عشرة، والذي يعيش في إحدى البؤر العشوائية المتاخمة لمدينة بومباي الهندية، يبتسم له الحظ حين يشترك في النسخة الهندية من برنامج من سيربح المليون، ويصل إلى مرحلة متقدّمة منه؛ ليكون بينه وبين الـ 20 مليون روبية إجابة عن سؤال واحد. وقبيل تلك الليلة تقبض عليه الشرطة متّهمة إياه بالغش والتدليس، فكيف لمتشرد مثله أن يجيب على كل هذه الأسئلة الصعبة دون أن يكون هناك شيء غير قانوني وراء تلك المسألة، ويبدأ جمال في شرح وتبرير إجابته عن تلك الأسئلة التي خدمه فيها حسه العالي، وتجاربه القليلة التي  كانت من أهم الأسباب وراء اختياره تلك الإجابات الصحيحة. وفي اليوم التالي تفرج عنه الشرطة؛ ليذهب إلى الاستوديو ويجيب عن السؤال الأخير. وبالفعل ينجح جمال في الإجابة عن السؤال الأخير، ويفوز بالجائزة الكبرى، وتُنقذ صديقته من خاطفها، ويجتمع جمال بأصدقائه وأحبابه في محطة القطار التي كانت دوماً تجمعه بهم؛ ليغني الجميع أغنية جميلة خاصة بتلك المناسبة السعيدة.

"صوت الموسيقى" يبقى الحب المصدر الأول للتفاؤل


يعتبر فيلم "صوت الموسيقى" the sound of music واحداً من أهم كلاسيكيات السينما العالمية حيث توافرت فيه كل مقوّمات العمل الجيد؛ ليظهر في تلك الصورة الرائعة التي شدّت الإنتباه إلى قوة وجمال الموسيقى في إظهار مدى جمال الحياة وروعتها، الأمر الذي أشاع روح التفاؤل والأمل منذ المشهد الأول للفيلم حتى نهايته. ولقد أجادت الممثلة الأميركية اللامعة جولي أندروز في أدائها لدور ماريا بطلة الفيلم، بالإضافة إلى وجود مخرج رائع مثل روبرت وايز، وسيناريست محنّك مثل أرنست ليهمان، فجاء الفيلم عملاً فنياً متكاملاً. وتدور أحداث الفيلم حول المربية ماريا التي يطلب منها أن تكون مسؤولة عن عائلة القبطان جورج تراب المكوّنة من سبعة أبناء من البنين والبنات، يتمتّعون بقدر كبير من الشقاوة والذكاء، ويعيبهم أنهم لا يحبون التقيّد بالنظام والقواعد، فما كان منهم إلا أن قاموا بإجبار كل مربية التحقت بالعمل في منزلهم على ترك المنزل والهروب من جحيم ألاعيبهم ، ولكن تنجح ماريا بفضل أملها في إصلاحهم وتوظيفها الجيد للموسيقى، في اكتساب محبتهم وطاعتهم. ولذلك، يخطّط الأولاد لطرد البارونة المتغطرسة إليسا من حياة والدهم، واستبدال الجميلة ماريا بها، وينتهي الفيلم نهاية سعيدة بزواج ماريا من القبطان تراب؛ لينعم الجميع بالسعادة والحب.


 "السعيد يصبح محظوظاً" محاربة للتشاؤم


يعتبر فيلم Happy Go Lucky أو السعيد يصبح محظوظاً من أهم أفلام السنة الماضية التي عرضت في مهرجان كان عام 2008 وذلك لاعتبارات كثيرة، كان أهمها أن الفيلم يرفض فكرة التشاؤم، ويحضّ على التفاؤل والإيجابية. وتدور أحداث الفيلم حول شخصية الآنسة بوبي التي لم تتجاوز العقد الثالث من عمرها، وتعمل مدرّسة في المرحلة الثانوية وتعامل الجميع برقّة ولطف، وعندما تضطرّ إلى تعلّم قيادة السيارات لرغبتها في شراء سيارة، تذهب إلى إحدى مدارس تعليم قيادة السيارات، فيوقعها حظها في المعلم سكوت وهو على النقيض منها تماماً، حيث إنه معقّد ومتشائم، وينظر للدنيا من منظار أسود. وبفعل وجودهما في مكان واحد وهو السيارة، تنشأ بينهما علاقة عجيبة، حيث يعجب بها ويصرّ على كتمان حبه لها، رغم أن كل تصرفاته تفضح حبه لها، ولكن بوبي تقرّر بعد ذلك أن يكون هذا آخر لقاء بينهما؛ لأنها كمتفائلة لا يمكن أن تجتمع مع متشائم مثل سكوت. وبرغم نصائح أصدقاء بوبي لها بعدم الإفراط في التعامل مع الحياة بكل هذا القدر من التفاؤل والأمل، إلا أن بوبي تصرّ على موقفها؛ لأنها تقرن تفاؤلها هذا بالعقل والإتّزان.


"قناع زورو"... وانتصار الخير على الشر


بالرغم من بساطة موضوع الفيلم المبني على فكرة انتصار الخير على الشر في النهاية، إلا أن تناول الفيلم لهذا الموضوع جاء رائعاً ورومانسياً، بحيث تدور أحداث الفيلم حول هروب زورو- دييجو فيجا- من السجن بعد عشرين عاماً قضاها خلف الأسوار، نتيجة دفاعه عن أهل بلدته المساكين في وجه الإحتلال الإسباني المتمثّل في عدوه اللدود رافييل مونتيرو الذي تسبّب في قتل زوجته وخطف ابنته إيلينا، ونسبها إلى نفسه حتى يمحى إسم دييجو فيجا من الوجود. ولكن، ما كان يمنع دييجو من الإنتقام من رافييل أنه لا يستطيع أن يقف بمفرده أمام ذلك الطاغية ،خاصة بعد أن تقدّم به العمر. فيختار الشاب اليجاندرو الذي يريد أن يثأر لمقتل أخيه على يد رئيس الشرطة التابع لرافييل مونتيرو. وبالفعل ينجح زورو القديم في خلق زورو جديد من ذلك الشاب الشجاع، وتلتقي إيلينا بزورو الجديد، وتنشأ بينهما قصة حب غريبة، وتتوالى أحداث الفيلم بعد ذلك حتى تنكشف الحقيقة وتعرف إيلينا والدها الحقيقي، وينتصر زورو على أعدائه الأشرار، وبذلك تعمّ روح التفاؤل والأمل خاصة بعد أن يرزق زورو وإيلينا بطفلة جميلة تمثّل مستقبلاً واعداً جديداً.


"البحث عن السعادة".. قصة واقعية مليئة بالأمل


بالرغم من المشاكل والأزمات التي تحيط بالإنسان منذ بدء الخليقة، إلا أنه لا يمكن أن ينتصر عليها إلا بالأمل والتفاؤل؛ لأنهما رهانه الوحيد، والغد سوف يأتي بالجديد والحل الأكيد لكل مشاكل اليوم، وهذا ما اعتمد عليه فيلم "البحث عن السعادة" الذي قام ببطولته ويل سميث، وكتبه ستيف كونرد، وأخرجه جبرييل موسينو. تدور أحداث الفيلم حول قصة واقعية لرجل يدعى كريستوفر جاردنر، يفقد كل مدخرات عائلته نتيجة اشتراكه في مشروع فاشل، فتهجره زوجته وترحل إلى مدينة أخرى ويصبح الرجل وابنه الصغير بلا مأوى وبلا أي نقود، فيبيتان في الشوارع ويرتحلان على أقدامهم. وفي تلك الظروف القاسية، تلوح له فرصة عمل في شركة كبرى يتصارع عليها أكثر من عشرين شخصاً، وسيفوز بها من يستطيع أن يجتاز كل الإختبارات وفترة التدريب التي ستستمر لأكثر من ستة أشهر، وبالفعل ينجح كريستوفر بعد معاناة وصبر شديدين في الفوز بتلك الوظيفة وتتغيّر حياته للأحسن بعدها.