mena-gmtdmp

أفلام عودة الأنثى!

يندهش الكثيرون من ميل السينما المصرية في الفترة الأخيرة إلى الحديث عن الحياة الجنسية للشباب، وبشكل خاص هذا الإهتمام المفاجئ بالحديث عن العلاقات الحميمة والنفسية للنساء.

حتى وقت قريب جداً، كانت الممثلات محرومات من لعب الأدوار الأولى في الأفلام، التي صارت حكراً للرجال، بينما خصّص للنساء دوران أو ثلاثة لا تتغيّر هي أدوار الحبيبة، والتي ليس لها دور سوى انتظار المحبوب، أو فتاة الليل الشريرة، أو الأم الطيّبة التي تدعو له بالتوفيق والفلاح.

هذه الأدوار المحدودة والسلبية التي نجدها في الغالبية الساحقة من الأفلام التي أنتجت خلال السنوات العشر الماضية تعكس الوضع المتردّي للمرأة المصرية والعربية عموماً، أو بالتحديد الوضع الذي تسعى المؤسسات الرجولية إلى نشره وترسيخه بشتى السبل. وأحد هذه السبل كان ترويج ما أطلق عليه «السينما النظيفة»، وهي أفلام «نظيفة» من شيء واحد فقط هو الأدوار الإيجابية والمؤثّرة للنساء.

من هنا، فإن ظهور أفلام مثل «بنتين من مصر» وقبله «لحظات أنوثة» و«بدون رقابة» وقبلهما «بلد البنات» و«أحلى الأوقات» وحتى أفلام كوميدية من بطولة نساء مثل «شيكامارا» و«الثلاثة يشتغلونها» وبعض الأفلام الأخرى التي تحتلّ فيها النساء ومشاكلهن المساحة الأساسية، قد بدت كظاهرة غريبة لكثير من المتابعين للسينما.

سبب هذا الإستغراب ناتج عن اعتقاد سائد بأن ما
لا نتحدّث عنه هو شيء غير موجود، وبالتالي فإن أفضل وسيلة للتخلّص من مشكلة ما هي عدم الحديث عنها، أو الحديث عنها طوال الوقت بحيث لا يتبقّى أي وقت أو طاقة لحلّها! والمشكلة التي أقصدها هنا هي تحديد موقف واضح من المرأة التي تشكّل أكثر من نصف عدد سكان الوطن العربي والعالم، في زمن الإنترنت والفضائيات والحدود التي تتلاشى بين المجتمعات.

السؤال الأساسي الذي يشغل بال الجميع يذكّرنا بمشكلة فيلم ومسرحية «القضية 68»: هل نفتح الشباك أم نغلقه؟...وهو نص تمّت كتابته بعد هزيمة 1967 حول بناية في حي شعبي مهدّدة بالسقوط وعلى سكانها أن يجتمعوا ويتخلّوا عن أطماعهم ومخاوفهم لاتّخاذ قرار جريء ينقذ البناية وحياتهم... ولكنهم يضيّعون الوقت في المناقشات والمشاجرات والسعي وراء المصالح الرخيصة حتى تنهار البناية فوقهم جميعاً.

موقف مماثل لما يدور في عالمنا العربي هذه الأيام من عدم حسم لكثير من القضايا ومنها قضية الإعتراف بوجود المرأة ودورها. وبرغم كل محاولات التعتيم والقمع، فإن المشكلة تتضخّم وتوشك على الإنفجار في وجوهنا... وهنا يأتي دور هذه الأفلام التي تتحدّث عن النساء ومشاكلهن، إما كنوع من التنفيس أو التحذير أو استغلال الموضوع بطريقة تجارية رخيصة.