mena-gmtdmp

شخصيّة رائدة تنعكس على زوايا شقّة ما تزال تحافظ على ألقها

بمجرّد أن وطأت أقدامنا الشقة التي عاشت فيها المالكة ذات الشخصية الرائدة حتى يوم وفاتها في العاشر من يناير (كانون الثاني) العام 1971 في شارع «غونبون» الراقي، حتى لاحظنا كم يعكس كلّ عنصر من عناصر ديكور هذه الشقة بقوّة وبتحدّ شخصيّتها ونظرتها للحياة وحتى مزاجها، علماً أنّه لم يتغيّر فيها أي شيء منذ أن رحلت في العام 1971. وإذ لم تتحوّل هذه الشقة إلى متحف على غرار منازل وشقق معظم المشاهير، حرصت «الدار» التي أسّستها على الإحتفاظ بها، كمكان سرّي وحميم لا تفتح أبوابه سوى للزيارات الخاصّة!  


 


بمجرّد دخولنا إلى بهو هذه الشقة، يقابلنا درج دائري مغلّف بأعمدة زجاجية من الأعلى إلى الأسفل، كان يعكس ردود فعل الأشخاص الذين كانوا يأتون لمشاهدة عروض الأزياء التي كانت تنظّمها في بهو الشقة السفلي، حين كانت تقف على أعلى الدرج ممسكة بدربازه المصنوع من الحديد المصقول، بحيث لا يراها أحد، فيما هي تتابع كل شيء وترى ردود فعل الجمهور التي كانت تنعكس على ملامحهم... أمّا العنصر الثاني الذي جذب انتباهنا فهو لون السجاد الذي زيّن به هذا الدرج، حيث كان مصنوعاً من قماش القطيفة ذي اللون البيج والذي لم يكن من الألوان المستعملة في تلك الفترة. من هنا، نستنتج مدى طليعية هذه المرأة وحبّها للتجديد وكسر رموزه التقليدية في مجتمع كان محافظاً على كل المستويات!

وعندما نقطع الدرج الزجاجي، نصل الطابق الأول، فيقابلنا باب كبير يشكّل مدخل الشقة التي لم يكن يجرأ على دخولها سوى أقرب المقرّبين إليها، في وسط الغرفة، وضعت أريكة عريضة مغلّفة بالجلد القديم كانت تجلس عليها لتدخّن سيجارتها وتتمعّن عن قرب في العارضات وهن يعرضن الأزياء التي كانت تصمّمها.

 

طفولة حزينة

وتعكس كلّ قطع الديكور المتواجدة في الغرفة الأولى شخصيّة المالكة وفلسفتها في الحياة. ومن بين هذه القطع: سنابل القمح المصنوعة من «البرونز» تارةً، ومن الخشب تارّة أخرى والتي لاحظنا تواجدها في معظم غرف الشقة  التي  أرادت أن تعكس من خلالها عدم إنجابها للأطفال، وتأثّرها بالبيئة الريفية التي كبرت في أحضانها. ولا تخلو أيّة غرفة من تماثيل لحيوانات مختلفة منها الأيل والضفادع والعصافير والأسود والجمال... ويرجع بعض المتخصّصين حبّ وتعلّق المالكة بهذه الحيوانات إلى طفولتها الحزينة حيث قضت فترة منها في ملجأ للأيتام، ويرجعها البعض الآخر إلى شخصيّتها التشاؤمية!

 

الصالون  

تخبّئ غرفة المدخل باباً ثانياً أدخلنا إلى الصالون الذي قضت فيه كلّ حياتها، حيث  كانت لا تتركه إلا في ساعة متأخّرة من الليل لتتوجّه من باب خلفي إلى شقتها الثانية التي كان تتواجد في فندق « الريتز» وسط ساحة «فوندوم». يحتوي هذا الصالون على كل ما كانت تعشقه خصوصاً الكتب،  بدون أن ننسى «البارافان» الصيني والأريكة الكبيرة التي يقابلها مكتبها الذي ما يزال كما تركته ليلة وفاتها، فحتى اليوم ما تزال نظّارتها ومروحتها وكذلك لعبة الورق التي كانت تعشق ممارستها وحتى قلمها وأوراقها.

 


غرفة القراءة

تمتاز هذه الغرفة بهدوئها ووسعها، وقد صمّم ديكورها بطريقة تبعث على الراحة والتأمّل، إذ كانت تنعزل فيها للتفكير. وقد غطّت قطع من «البارافان» الصيني الصنع ذات القيمة الفنية الكبيرة والتي يعتبرها المتخصّصون من أندر وأغلى أنواع «البارافانات» جدران هذه الغرفة، كما وزّعت فيها أرائك بيج، يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر. وتتوسّط ثريا من الكريستال هذه الغرفة، صمّمها  بول اريب  العام 1932 والذي شاركها حياتها  لفترة، حيث قام  بنحت الكريستال على شكل زهرة «الكاميليا» المحبّبة إليها.

 


غرفة الطعام    

تعتبر غرفة الطعام أصغر غرف هذه الشقة، تتوسطها طاولة من خشب الجوز من طراز لويس الثالث عشر، وضعت عليها مجموعة من «الاكسسوارات»، من بينها تماثيل الأسود وأنواع  من منافض السجائر. أمّا الكراسي فهي من طراز لويس السادس عشر، مغلّفة بجلد الأيل. و يكمن سرّ صغر طاولة الطعام وقلّة عدد الكراسي فيها في طبيعة المالكة التي لم تكن تدعو إلى مائدتها إلا أقرب المقرّبين.

 

من هي؟

1  - مصمّمة عالمية راحلة كانت رائدة في الخطّ الذي ابتدعته في عالم الأزياء.

2 - تعدّ الدار التي أسّستها واحدة من أبرز دور الأزياء في العالم إلى اليوم.

3 - تباع ملايين قوارير العطر الشهير الذي يحمل إسمها.

 

يعبّر المكان عن شخصية صاحبه، ويحمل الكثير من سمات قاطنيه. لذلك، غالباً ما تشي المنازل بهوية أصحابها وتنقل صوراً ولو مجتزأة عن طبيعة حياتهم. لذلك، سندعوكم من وقت إلى آخر إلى زيارة استكشافية لمنزل أحد المشاهير، فمن خلال مسابقة «من هو صاحب هذا المنزل»؟ والمشاركة فيها، سنقدّم فرصة للتجوّل في بيوت مشاهير العالم العربي و التعرّف على أصحابها. شاركوا وأرسلوا ترجيحاتكم عبر مساحة التعليقات.