لا يتجلّى السحر في عالم المخرجة نادين لبكي الذي نراه عبر شاشة السينما، وشخصياتها المكتوبة بحرفية عالية من الحقيقة فقط، ولكنّ ذلك السحر يحلّ عليك أيضاً إذا ما جلست معها وسمحت لك بدخول عالمها الخاص. نادين لبكي لا تريد من الحياة الكثير. تبحث عن الحب والحرية، وهي تعلم تماماً أنها طلبت من الحياة أبسط ما يصعب تحقيقه في هذا الزمن. ولأنّ عالمها ثري من الداخل كما أفلامها، أرادت "سيدتي" أن تشارككم ما صرّحت به لبكي في هذا الحوار الخاص. إليكم التفاصيل.
ــ نادين، تقدّمين فيلماً كتبته بنفسك وللمرة الثانية بعنوان "وهلأ لوين"، لماذا يجب أن يكون الكاتب هو المخرج؟
والعكس صحيح أيضاً. لا أعتقد أنها حالة يجب تعميمها، إذ بالمقابل نستطيع القول إنّ معظم المخرجين يأخذون سيناريوهات كاملة، لكني أشعر بأنها طريقة تعبير خاصة بي، فعندما أكتب مشكلتي و"أفشّ خلقي" عبر كتاباتي يسهل عليّ أن أحكيها على الورق ومن ثم أخرجها، ربما الأسهل أن أقرأ سيناريو منتهياً وكاملاً لأحد الكتّاب، لكنني عندما أكتب أكون أكثر صدقاً. أضيفي إلى ذلك أنني بحاجة لأن أكتب قصصي أيضاً.
ــ بعد فيلم "وهلأ لوين" أنت إلى أين تتّجهين؟
أسافر إلى المهرجانات مع الفيلم، فمن واجبي أن أسوّقه. وبعدها، أريد أن أرتاح قليلاً، وأن أقضي وقتاً مع عائلتي.
ما أريده لابني
ــ من يتابع أفلامك يعرف أنك تحثّين على الاقتراب من عالمك الخاص وأنك تطالبين ببساطة، بحق العيش. لكنني أودّ أن أسألك: أنت، ماذا تريدين أن تقولي؟
لا أعرف إن كان حق العيش هو رسالتي. ولكنّ أفلامي هي حالة أحب أن أعبّر عنها. فعندما كتبت أول فيلم لي، كنت أودّ أن أحكي عن الاختلافات وعن الأشياء التي نحلم بها وعن التفاصيل التي نفعلها ونقول عكسها، هناك الكثير من الضغوط و"التابوهات" والعِقد، فكرة "ماذا سيقول عنا الناس" والثرثرة التي نخشاها هي التي تمنعنا أن نقول ما نريد، في فيلم "كراميل" هناك نساء يختلسن لحظات الفرح والحب، أما في "وهلأ لوين" فأردت من خلاله أن أقول إني أريد لابني أن يعيش في مجتمع ليس فيه أي سبب منطقي ليحكم عليه طوال حياته. وأنا بالطبع أتكلم عن وضعنا في لبنان. فنحن نعيش كجيران مع بعضنا البعض، لكن أي سبب يجعلنا نقتل بعضنا، لذلك تطرقت للموضوع وخاصة بعد أحداث 2008. يومها تساءلت: ما هو هذا العالم الذي سيعيش فيه ابني؟ جرّبت أن أغيّر الواقع ولم أستطع، لكن حتى ولو أني لم أغيّر فعلى الأقل أستطيع أن أفكر على طريقتي الخاصة.
ــ أحياناً، بعد خروجنا من السينما، نفكر في الفيلم، لكننا سرعان ما ننسى بعد قليل. إلى أيّ حدّ تغيّر الأفلام المجتمعات؟
أعتقد أنّ النقاش في موضوع طرحته يكفيني. وطالما أنه خلق جدلاً وأحاديث فهذا هو المطلوب، وانتقائي لممثلين من الحياة أبطالاً لأفلامي، يجعل المشاهد يفكر أكثر، لأن وجود ممثلين محترفين يجعلنا نصدق الفكرة من الخارج وليس بشكل عميق، لأننا نعلم في النهاية أنهم ممثلون يعيشون حياة لا تشبه ما رأيناه في السينما أو الفيلم.
خوف من الآخر
ــ كيف تنظرين إلى واقع المرأة في العالم العربي، وماذا ينقصها؟
لا أريد التعميم. هناك مجتمعات لم تأخذ المرأة فيها حقوقها وأخرى أخذتها كلها، فهي في لبنان حرة.
ــ ماذا ينقصها؟
لا شيء..
ــ تبحث المرأة، اليوم، عن علاقة حقيقية وثابتة في حياتها. ألا ينقصها الحب؟
الرجل أيضاً تائه مثلنا وليس نحن فقط، يريد أن يعيش حرية الرجل الغربي بشكله و"ستايله" وفي الداخل لديه شرقيته. بكل الأحوال، لست أنا من يجب أن يدافع عن حق المرأة لأنها ليست قضيتي، لأنني لم أشعر مرة بهذه النظرة الدونية للمرأة.
ــ إذا كان الرجل والمرأة تائهين والعلاقات الإنسانية تحوّلت مع الزمن، فما هي المشكلة؟
الإنسان تغيّر، لذلك أنا أحب أن أحلم بعالم بديل وطريقة تفكير بديلة، ولذلك أكون صريحة عندما يقال لي إن تلك الضيعة التي قدّمتها في الفيلم ليست موجودة في الحياة، وأقول لهم نعم هي غير موجودة في الحياة وهذا ما دفعني لأن أبدأ الفيلم بجملة "حكايتي حكيتها ولمين ما كان بهديها"، كنت أريد أن أختبر طريقة تفكير مختلفة، فإذا كانت الناس تنعتني بالجنون في الحياة، ها أنذا أضع جنوني في الفيلم ليصبح الجنون أكثر احتراماً في الفيلم. الحب غير موجود كما يجب في الواقع، وتعاملنا مع بعضنا البعض ليس كما يجب، وأنا أعلم ذلك. في الغرب، نعيش مع جيراننا لسنوات ونحن لا نعرف كيف هو شكلهم، وهناك خوف من الآخر. وهذا يطبّق على الحب في عالمنا.
ــ تصرّين على منح طفلك حياة خاصة. هل ستربّينه على مبدأ "الغاية تبرّر الوسيلة" لينجو في واقع قاس، أم كيف؟
الغاية لا تبرّر الوسيلة في قاموسي، وكل ما أريده هو أن أعلّمه الحقيقة. الطفل يخلق حراً كالفراشة، يتحدّث بصوت عال ويرقص ويغني، ومع الوقت نبدأ بتأطيره عبر "قل شكراً، افعل ذلك، ولا تفعل، لا تتحدث مع فلان". يخلق الإنسان فراشة وينتهي متقوقعاً على نفسه وأنا أريده أن يكون حراً كالفراشة. أريده حراً بتفكيره وليس مقيّداً.
ــ هل حريته ستجعله ينجو في الحياة؟ هل حريتك أنجتك؟
أنا لست حرة كثيراً. أيضاً القمع وكلمة العيب من المجتمع، خلقت لدي خوفاً أكثر من نظرة الآخر. وأنا أعتقد أني لو ما كنت هكذا وما تعرّضت لذلك الخوف والعقد، لحققت أشياء أكثر في الحياة وبشكل مبكر أكثر.
لمحة شخصية
نادين لبكي من مواليد 18 فبراير 1974. هي مخرجة أفلام وكليبات وممثلة لبنانية. يعتبر فيلم "سكر بنات" أو "كراميل" أول فيلم سينمائي طويل لها بعد إخراجها للعديد من "الكليبات" لفنانين أشهرهم نانسي عجرم. وقد اعتبرت نادين أنها أحدثت موجة جديدة في مجال إخراج "الفيديو كليب". هي متزوجة من خالد مزنر مؤلف موسيقى فيلم "سكر بنات" الذي حقّق نجاحاً باهراً لم يسبق له مثيل في السينما اللبنانية، وحصد الكثير من الجوائز. وقد شارك في مهرجان "كان" عام 2007 قبل أن يتمّ توزيعه على عشرات البلدان في أوروبا وكافة أنحاء العالم. أخرجت فيلمي "سكر بنات" 2007 و"هلأ لوين؟" 2011
مخرجة وممثلة
- بالإضافة إلى كونها مخرجة ناجحة، شاركت نادين كممثلة في دور ثانوي في:
- الفيلم القصير "رماد"
- فيلم "الكلاب السبعة"
- دور علياء في فيلم "البوسطة" لفيليب عرقنجي.
- دور ليال في فيلمها "سكر بنات".
- دور نهى في فيلم "رصاصة طايشة" لجورج الهاشم.
- دور أمال في فيلمها "وهلأ لوين"
كليباتها
-طير الغرام، باسكال مشعلاني
-شوفلك حلّ، نورا رحّال
-ما فينا، كاتيا حرب
-أخاصمك آه، نانسي عجرم
-حبيب قلبي، كارول سماحة
-الأردن، غي مانوكيان
-يا سلام،آه ونص، ياي، لون عيونك، انت ايه، يا طبطب ودلّع في حاجات، نانسي عجرم
-اطّلع فيّ، كارول سماحة
-جايي الحقيقة، "ستار أكاديمي"
-يا شاغلني، نيكول سابا
-بحبك موت، يوري مرقّدي
-بعينك، نوال الزغبي