هل تنقذ 750 مليون جنيه رقبة المتّهمين بقتل سوزان تميم؟

عندما بدأت أولى إعادة جلسات محاكمة المتّهمين بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، فوجئ الجميع بمجموعة من الألغاز زادت موقف المتّهمين هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري تعقيداً، والبداية حينما رتّب فريق الدفاع عن المتّهمين أنفسهم على أن العرف قد جرى أن يتناول رئيس المحكمة في الجلسة الأولى بعض الإجراءات الروتينية، ثم يقوم بتأجيل القضية شهراً، ولكن رئيس المحكمة واصل نظر القضية في مفاجأة للجميع ممّا ينبّئ أنه سينهي القضية سريعاً، وتساءل البعض: متى قرأ المستشار عادل جمعة ملف القضية؟ ورغم سياج السرّية المفروض من جميع أطراف القضية، إقتحمت «سيدتي» هذا السياج للحصول على إجابات في هذا التحقيق:

 

 

 

المفاجأة الثانية التي مازال فريـق الدفــاع عن المتّهمين حتى كتابة هذه السطور يبحثون عن حلّ لها هي مبلغ 750 مليون جنيه (150 مليون دولار) حدّدته المحكمة كرسوم مقابل حصول الدفاع على صور كاميرات دبي، وكان السؤال: من سيدفع هذا المبلغ؟ وإذا لم يتمّ تسديده فهل سيدفع المتّهمان الثمن فادحاً؟ قبل بداية المحاكمة، سألت «سيدتي» بهاء الدين أبو شقة محامي هشام طلعت مصطفى عن السيناريو المتوقّع خلال الجلسات الأولى للقضية، وبكل بساطة قال: «لن يخرج الأمر عن السيناريو المتعارف عليه في معظم جنايات القتل، فملف القضية انتقل منذ أيام قليلة للمحكمة، ومن المؤكّد أن المستشار عادل جمعة ودائرته سيعطون أنفسهم الفرصة لقراءته، والجلسة الأولى ستكون مجرّد إجراءات حيث يتلو القاضي منطوق اتهامات النيابة، ويواجه محسن السكري وهشام طلعت مصطفى بتهم القتل والتحريض، ومن المنتظر أن يقوم القاضي بتأجيل القضية لمدّة شهر؛ حتى يدرسها بشكل جيد تمهيداً للجولة الثانية منها».

 

أحداث غير متوقّعة

من المتوقّع طبقاً لبعض المصادر القضائية أن يحجز المستشار جمعة القضية للحكم ويحدّد موعداً بعد ثلاثة أشهر للنطق به؛ حتى يعطي نفسه ومعاونيه الفرصة للتشاور مع أعضاء الدائرة قبل إصدار حكمهم، وهذا السيناريو تكرّر معظمه في قضايا المستشار عادل جمعة المعروف عنه الحسم والهدوء، وإعطاء الفرصة لفريق الدفاع لممارسة حقّه في طلباته الجوهرية.

 

8 آلاف ساعة

المفاجأة الثانية في الجلسات تكمن في مبلغ 750 مليون جنيه الذي حدّدته المحكمة كرسوم مقابل الإستجابة لطلب عاطف المناوي محامي محسن السكري الذي طلب نسخة من كاميرات المراقبة في دبي، ووافق المستشار عادل جمعة على الطلب، وانصرف فريق الدفاع وهم سعداء بالإستجابة لطلبهم، ولكن ما حدث في غرفة المداولة كان يمثّل مفاجأة حقيقية لدفاع المتّهمين، بل ورطة.

كانت موافقة المستشار عادل جمعة مشروطة بدفع الرسوم المقرّرة عن نقل كل صورة، وخبير التسجيلات أكّد أن «الهارديسك» الذي يحتوي على صور الكاميرات سجّل أكثر من 8 آلاف ساعة، والثانية الواحدة فيها 25 لقطة، بعض هذه اللقطات تضمّ صوراً للمتّهم الذي تشير أجهزة التحقيق إلى أنه محسن السكري، بينما يصرّ الدفاع على أنه شخص آخر. وداخل غرفة المداولة، جلس المستشار عادل جمعة ومعاونه د.أسامة جامع لحساب تكلفة اللقطات، وكانت النتيجة مذهلة، حينما أكّدت الحسابات أن محامي محسن السكري مطلوب منه أن يدفع 750 مليون جنيه مقابل الحصول على الصور بعد أن حدّدت المحكمة جنيهاً للقطة الواحدة.

المحامون تلقّوا القرار بصدمة، حيث لم يتوقّعوا هذا المبلغ، وأكّد فريد الديب أنه لم يطلب الحصول على الصور، كما أكّد عضو في فريق الدفاع عن المتّهمين أنهم لم يطلبوا نسخاً من اللقطات بل نسخ «الهارديسك» على «هارديسك» مقابل، وقرّر فريق الدفاع أن يقدّموا طلباً لرئيس المحكمة في الجلسة المقبلة يطالبون فيها بإلغاء هذه الرسوم.

 

«شو» إعلامي

سيشهد سيناريو الجلسات المقبلة طلبات لإعادة مناقشة الشهود من المدّعين بالحق المدني، ومنهم منتصر الزيّات محامي عادل معتوق الذي أثار الجدل بعد ظهوره في أولى جلسات المحاكم، وحدثت مشادة خفيفة بينه وبين فريد الديب المحامي الذي اتّهمه بالبحث عن «شو إعلامي»!

أكّد الزيات أنه ليس بحاجة إلى هذا الـ«شو»، لكنه جاء للبحث عن حق زوج سوزان تميم، وقدّم الزيّات للمحكمة ما يثبت أن معتوق كان هو الزوج الأخير لسوزان، ومن ضمن هذه المستندات أوراق إعلام الوراثة ووثيقة الزواج.

واستعرض هشام طلعت مصطفى في محبسه مع أسرته وفريق الدفاع عنه خطة الجولة القادمة في القضية، حيث أكّد المحامون لهشام أنهم سيلجأون إلى التشكيك في أدلّة الإتهام التي قدّمتها النيابة، والتي بنت عليها محكمة أول درجة حكمها.

ومن النقاط التي سيتمّ التركيز عليها طبقاً لفريق الدفاع عن المتّهمين تناقض أقوال محسن السكري في ما يخصّ مقابلته هشام طلعت للحصول منه على الأموال، ولم تكن المكالمات الهاتفية المسجّلة بين المتّهمين والتي أذاعتها المحكمة على الهواء تمثّل مشكلة لفريق الدفاع عن هشام طلعت رغم وضوح صوته وهو يطلب من محسن إنهاء العملية مثل عملية سعاد حسني وأشرف مروان. وسرّ عدم اهتمام فريق الدفاع بتمحيص هذه المكالمات هو أنها لم تصدر بشكل قانوني وبإذن من النيابة، ولا يجوز للمحكمة أن تستند إليها أو تبني عليها حكمها.

 

كيـف يمـضي أيامه في السجن؟

في سجن مزرعة طرة، واصل هشام طلعت لقاءاته بزوجته هالة عبد الله ووالدته وشقيقته سحر طلعت، وأكّد هشام لجميع أفراد أسرته أنه لم يفقد الأمل لحظة في الحصول على البراءة، وأنه يشعر بأن الغيمة ستُزاح قريباً. كما أكّد الشهود أن حالته الصحية جيدة، ويواظب على الصلاة وتلاوة القرآن، ويحظى بصلات طيّبة مع نزلاء سجن المزرعة، وكلّهم من الصفوة سواء القضاة أو ضباط الشرطة أو رجال الأعمال الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.