أنت من الداخل 

عبدالله سليمان السحيمي
عبدالله سليمان السحيمي
عبدالله سليمان السحيمي

تأخذ المشاعر منا أبعاداً واتجاهات متعددة حينما تقف على اتجاهها لتأخذك من مشاعر تتردد إلى جانب آخر يدعو إلى معرفة الاكتشاف لما في دواخلنا، هل نحن الذين نقيس مداها ونعرف حدودها، ونبتعد عن الوقوع في أحضان تلك المشاعر؟
من الداخل تحتاج إلى سكينة تريح ذاتك تقزم من شعور ينتابك وردات فعل تحاصرك وقد تنال منك لتصبح صاحب السؤال الذي يخاف الإجابة!
نحن أحرار بكل شيء إلا مشاعرنا، كما يقول نجيب محفوظ.
الشعور بالسكينة والاطمئنان هي طاقات لا نلمسها؛ بل نحس بها ونستشعر من خلالها ما في دواخلنا من حالات تنتابنا من خوف أو تردد أو هزيمة أو كره أو عدم قبول.
لكن السكينة سلوك مكتسب قادرين على أن نوقظه وأن يعيش معنا ونتعايش على أطلالها، وذلك من خلال الحب الذي ينهي الاشتعال في الخصومة ويزرع الرضا والقبول والظن الحسن.. إنه إلهام إلهي ينزرع في نفوسنا ويتغذى وفق معطيات من هم حولك لينشدوا خلفيات الحب ويزرعوا نبتته، ونبقى متوقفين بين فهم دواخلنا ومعرفة من يشبهنا ومع من نلتقي معه.. ومن نخافه ونهابه حينما تتراكم تجارب سابقة ومواقف حية تنطق بصمت حول الخوف والموت والفقر وعدم النجاح.
سلسة من المنعطفات والطرق الوعرة نستشعرها وقد تسيطر علينا ونحن نحولها إلى معتقدات تداهم أفكارنا رغماً عنا.
والحقيقة أن كل مريض في داخله طبيب يستطيع أن يعالجه، كما يقول أبقراط،
ومهما تماسكنا وتمسكنا، علينا أن نعرف ما في دواخلنا وأن نسقط فوضى الأفكار التي تداهمنا ونحن نفرّغ مشاعرنا على ألا نكون ضحية للغضب أو أن تأخذ مساراَ غير صحيح لنعرف أن الدموع ليست كلها دموع! لكننا نؤمن بأن الدموع كحقيقة علمية تكون 1٪، والمشاعر تكون 99٪، وتبقى المشاعر في دواخلنا تمتلك الإحساس الذي نعبر به ونعمل عليه.
وهكذا عليك أن تعرف وترى وتلاحظ وتدرك ما بداخلك، وتجعل من الفهم حقيقة إدراكية وحقيقة عاطفية من دون أن تفرّط فيهما، فلا يغلبك شعور الوصول إلى النجاح من استحضار الخوف من الفشل، ولا تأسرك وتنجرف خلف الاحتمالات الانفعالية ويختل توازنك واتجاهك وتعيش صراع الاختيارات المطروحة.
لا تشوه نظرتك لنفسك وللعالم من حولك، حينما تتداخل العواطف مع الأفكار، وربما ينفلت الزمام وينكسر المرتكز فنصبح مقادين لمشاعرنا بعد أن كنا نقودها.
أنت من تصنع داخلك.. وأنت من تكتشف دواخلك، وأنت من تحقق الأمان والسكينة والاطمئنان حينما تكتشف أسرارك الداخلية التي أنعم الله عليك بها.