الركض خلف الموديلات!

أحمد العرفج

 

ما زلتُ مُغرماً بالحديث عن المال وأسواقه، وادّخاره واستثماره، والحديث في المال يشرح الصدر، وقد تعلَّمتُ ذلك من شيخي «أبي سفيان» –غفر الله له- حيثُ يقول: «يا ولدي يا «أحمد»، الكلام في المال والزواج يشرح الصدر، ويُفرِح الخَاطِر»!


قبل فترة، صدر كِتَاب لمجموعة من المُؤلِّفين، تتزعَّمهم السيدة «إليزابيث دان»، وكان الكتاب يحمل عنوان: «المال السعيد»، وتحت هذا العنوان، عنوان فرعي صغير كُتب بين قوسين، وهو: «علم الإنفاق الذكي»!
لقد كُنتُ دائماً أسأل نفسي: لماذا يُغرَم الناس بالأشياء الجديدة؟، وقد بدأ هذا السؤال يعتمل في ذهني؛ منذ أن كنتُ في المرحلة الثانوية، وفي مادة البلاغة تحديداً؛ حيث قرأنا آنذاك بيتاً من الشعر يقول:
لكلِّ جديدٍ لذَّة غَير أنَّني
وَجدتُ جديد المَوتِ غَير لَذيذ!


لماذا يُولَع الناس بالجديد، ويتهافتون عليه؟، استمر هذا السؤال معي، حتى وجدتُ كتاب السيدة «إليزابيث»؛ حيث تقول في مقدّمته: «الأشياء الجديدة والمختلفة؛ تستحوذ على انتباهنا سريعاً».


ثم تُسهب في شرح هذه الفكرة، مُبيِّنة ومعتمدة على الدراسات، التي أُجريت على التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، فقد أظهرت الصور أنَّ البشر حينما يرون شيئاً جديداً؛ فإن «مركز الإبداع» في الدماغ، والمعروف باسم «المادة السوداء»، أو المنطقة الغشائية، يُصبح نَشِطاً؛ لذلك يحصل التفاعل بين الدماغ والأشياء الجديدة، والغريب أن ما نراه جديداً اليوم؛ سيكون غداً من الأشياء القديمة!


وأخيراً تقول السيدة «إليزابيث»: «إن اقتناء سيارة فارهة جديدة، سوف يمنحك قدراً أكبر من السعادة لمدة معينة، ولكنك سريعاً ما ستعتاد على المقاعد الفارهة، وعجلة القيادة المكسوة بالجلد الفاخر، التي أَسَرَتك في البداية، كما أن هذه الأشياء سوف تتراجع إلى خلفية المشهد، وأنت تلهث مسرعاً في الصباح؛ لتلحق بعملك».


في النهاية أقول: الحمد لله أن الأشياء التي تأسرني كثيرة، منها: الكتب والجمال، والطبيعة والماء البارد، ولكن ليس من بين هذه الأشياء الركض خلف الجديد، أو مُلاحقة ما يُستَجد من الموديلات، والمنتوجات والمصنوعات.