((عادة المص))

أحمد العرفج


حكاية الناس مع عاداتهم غريبة وعجيبة، فهم يحولون رغباتهم إلى سلوكيات، والسلوكيات مع الوقت تتحول إلى عادات.
ومع الوقت تتحول هذه العادة إلى قوة جبارة، ويصبح الشغل الشاغل للإنسان هو الدفاع عن عادته، والزعم بأن عاداته هي طبائع جاءت مع كتلوجه حين خرج من بطن أمه.
إن العادات ليست طبائع، وتخضع للرغبات والسلوكيات، ومن الممكن أن يغيرها الإنسان إذا كانت رغبة صادقة في التغيير، واتبع قوانين تغير العادة، ولعل أقوى طريقة لتغيير أي عادة هو طرح السؤال على النفس حول لماذا هذه العادة، وكيف اكتسبتها، وكيف أقلل منها؟


وحتى أختصر قوانين العادة أذكر لكم هذه القصة حيث تقول الكتب:
ذهب مريض في الثانية والثلاثين من عمره لاستشارة المعالج الفيزيائي «ريتشارد كراولي» وقال له شاكياً: لا أستطيع التوقف عن مص إبهامي..!
أجابه كراولي: لا تقلق فقط اختر إصبعاً مختلفاً للمص في كل يوم من أيام الأسبوع.
وبالفعل بذل المريض جهده لاتباع هذه النصيحة، فصار كلما رفع يده إلى فمه وجب عليه أن يختار بشكل واعٍ الإصبع الذي سيمصه في ذلك اليوم، وماهي إلا أيام من هذا العمل حتى تخلص من عادة المص وشفي وصار بأحسن حال، وفي النهاية أقول:


إن العادات ممارسات يتعود عليها الإنسان ويعيش داخلها كما يعيش السجين في سجنه، ومع الوقت يتحول صاحب العادة إلى مدافع عنها، خذ على سبيل المثال: عدد الذين اعتادوا شرب القهوة في الصباح، وكيف يربطون يقظتهم وقوة نشاطهم باحتساء فنجان القهوة.


وفي النهاية أقول:
هؤلاء لو اتبعوا السؤال الذي طرحه صاحب المص، وقالوا أي قهوة نشرب، وبأي مذاق، وكيف نشربها؟
سيكتشفون بعد أسبوع أنهم ببساطة قد يتخلون عن شرب القهوة، فتنتقل من سيطرة العادات إلى خانة جماليات اكتشاف القهوة في المناسبات.