منافقون بلا حدود !!

مبارك الشعلان

 

 

رمى الخليفة المتوكل عصفورًا فلم يصبه، فقال وزيره: أحسنت، فردّ الخليفة: أتهزأ بي؟ فقال الوزير: لقد أحسنت إلى العصفور حينما تركت له فرصة للحياة.. وبدأ «التسليك» منذ ذلك الوقت.

وجاء المتنبي لينفخ «البلالين» على طريقة «انفخ البلالين يا نجاتي»:

ما زلزلت مصر من كيد ألمّ بها     لكنها رقصت من عدلكم طربًا

«المطبلاتية والراقصون» لم يكونوا أبدًا حكرًا على زمان أو لمكان، بل إنهم لكل العصور يتشحون بما يناسبه.

قيلت تلك العبارة لكافور الإخشيدي حاكم من حكام الدولة الإخشيدية، وقد وقع زلزال في عهده، وما كان من منافقه إلا أن قال هذا البيت.

وكنت قد طالبت في فترات سابقة بضرورة تأسيس نقابة للمنافقين، ووجدت من يتلقف الفكرة ويكتب لتسويق المبادرة، فكتبت مدونة مشهورة تقول: اقترح السيد مبارك الشعلان، في إحدى المجلات العربية، تشكيل نقابة «منافقون بلا حدود»؛

وذلك لإعطاء هذه الشريحة من الناس الحق في مزاولة هوايتها.

وقال إن هذا ليس محرمًا دوليًا أو عربيًا، أو حتى محليًا، بل على العكس يجب علينا مد يد المساعدة والعون لهم.

أظن أن عدم الموافقة على إنشاء مثل هذه النقابة يعود إلى عدم السماح بازدواجية نقابية. وبما أن نسبة كبيرة من المجتمع تفضّل الانضمام لنقابة «منافقون بلا حدود»، فإن بقية النقابات ستغلق. ولذلك ستبقى - وللأسف- هذه الموهبة والمهنة بلا نقابة.

وأنا بدوري أقترح أن يتم تعيين أشخاص تحت شاغر «مسح جوخ» في المؤسسات والدوائر، وأن تكون وظيفتهم الوحيدة هي النفاق للمسؤولين عنهم. طبعًا لأنهم يرهقون أنفسهم بوظيفتهم الأساسية، إضافة إلى «مسح الجوخ»، المشكلة أنهم لا يأخذون علاوة نفاق، أو أجرًا، على هذا العمل الإضافي المرهق.

قرأت في كتاب عن لغة الجسد، أنك عندما تريد أن تكون مصدقًا في حوار مع شخص، عليك بفرد راحتيْ يديك، وانحناء بسيط في جسدك إلى الأمام. أظن أن هؤلاء الأشخاص بالغوا - من شدة حبهم لعملهم

- في ذلك، لدرجة تكاد تكون أجسادهم فيها كزاوية قائمة.

كل ما سبق اعتدنا عليه، واعتدنا على وجودهم بيننا، بل واعتدنا على أخذ النصيحة منهم، كونهم المقربين- في أغلب الأحيان- من المدراء، ولأن الأشخاص الذين يبدون آراءهم بصراحة، مهما كانت طريقتهم دبلوماسية، هم أشخاص قليلو الأدب، ومذمومون، وملعونون أيضًا، ولا عجب في ذلك؛ فالناس مجبولون على الكلمة الطيبة. 

لكن ما زاد العبء على المدراء، هو النفاق بين المدراء أنفسهم - ضمن المؤسسة نفسها - فالمصلحة العامة تقتضي «إديها مَيّه تديك طراوة» بين الدوائر، مما سيزيد العبء على الموظفين أيضًا، فترى الموظف متخبطًا نتيجة تخبط القرارات التي تقتضي مصلحة الدائرة، ومصلحة ما تقتضيه مسائل النفاق بين المدراء.

أظن أن المسألة باتت بحاجة إلى تنظيم وتحديد أكثر، فعوضًا عن إنشاء نقابة للمنافقين، يمكن إنشاء دائرة منافقين تابعة لكل مؤسسة، يقع على كاهلها تنظيم أمور النفاق، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية في العمل؛ نتيجة حصر المهام. وأظن أن هذه الدائرة ستكون من أهم الدوائر في جميع المؤسسات!!

 

 

شعلانيات:

. غيّر أفكارك؛ حتى أستطيع أن أغيّر نظرتي إليك!

. حاول ألا تجعل قلبك مكانًا للجميع.. بل اجعل في قلوب الجميع مكانًا لك.

. ليس هناك جميلٌ ولا قبيحٌ على طول الخط، وإنما تفكير الإنسان هو الذي يصوّر الجمال والقبح للإنسان!