mena-gmtdmp

عتاب فات أوانه..

مها الأحمد 

طوابير من المهام اليومية على تقويماتنا الإلكترونية، مجموعة أخرى عالقة لا نعرف لها تاريخ انتهاء لكنها تشغل الحيز الأكبر من مساحة تفكيرنا، ملاحظات على هواتفنا وأوراقنا الملونة التي تفتقد لبهجتها المعتادة. 
عالم مزدحم بالشوارع والسائقين وسياراتهم متفاوتة الأحجام، أناس تعبر الطريق ذهاباً وعودة، شاشات إعلانات منيرة، لوح محلات ضخمة، مطاعم متنوعة الجنسيات، أكشاك صغيرة وإشارات مرور جافة الطباع تعطي قرار المرور لمن تشاء وتجعل من تشاء يقف بانتظارها كي تحنو وتسمح للونها الأخضر بالظهور والتحية.
زيارات تهنئة رسمية مؤجلة وأخرى انتهت، واجب عزاء قادم، كروت معايدة بيضاء تحتاج لكلمات لطيفة لتملأ الفراغ وتقف فوق اسم المُرسل.
خبرات تحتاج للتجديد، مهارات تنتظر دورها في الصقل ومناصب تنادي للمزيد من الشهادات.
 قوائم عريضة تصرخ بالنواقص التي علينا تلبيتها في أسرع وقت ابتداءً من متطلبات أوراقنا الرسمية التي تثبت أننا على قيد الحياة، وانتهاءً بنواقص منازلنا وثلاجاتها، وفي ظل كل هذا وذاك نسينا ما تحتاج إليه أرواحنا..
نسينا أن نضحك ونهدي أنفساً وقتاً من النقاهة الصحية، أن نبتسم ونجعل صفوف أسناننا تتذوق الهواء، نسينا أن نعطي من نحب حقه في الشعور والكلمات التي سيعود أثرها على حياتنا.
نسينا أن نطرد من أدمغتنا الهموم والمشاغل، نسينا أن ندوّن يومياتنا السعيدة لتكون درعاً يحمينا من نقيضها، نسينا أن نفي بالوعود التي قطعناها على هواياتنا المفضلة حينما كنا صغاراً، نسينا أن نفتح رسائل العتب التي ترسلها إلينا أرواحنا واحدة تلو الأخرى حتى أننا تمادينا فلم نقرأ الأخيرة التي كانت تخبرنا بأنه قد حان الأوان لها لتنطفئ... فانطفأت من دون وداع.