عزيزي حواري الداخلي 

مها الأحمد 
مها الأحمد
مها الأحمد

عزيزي حواري الداخلي، 

أعتقد أنك تستغرب رسالتي وتصرفي هذا وستتعجب أكثر عندما تعرف السبب الذي دفعني لأكتب لك وما هو هذا الشيء الذي سأطلبه منك..
قررت أن نتحد ونتغير معاً لصالحنا نحن "أنا وأنت"، للمرة الأولى سأعدّ أننا منفصلين وربما تكون الأخيرة من يدري!! فهذا يتوقف على التغيّر الذي سيحدث وهل سيكون لصالحي لأكون أفضل أو العكس!! وهل سننجح من أول محاولة أم أنها ستتكرر؟!
على الرغم من أن الجميع يعرف بوجودك، لكن لا أحد يستطيع التفرقة بيني وبينك، ولا أحد يستطيع تمييز ملامحك وتفاصيلك وكلماتك التي تختارها، والجمل الروتينية التي تكونك، والتي أرددها باستمرار من دون أن ينطقها لساني، فهي شديدة الاختباء والحساسية ولا تتعايش مع الأصوات المسموعة..
أتعلم هناك الكثير من الأشخاص التي لا تراقب هذه الجمل وتعتقد أنها مجرد فكرة أو مشاعر معينة بسبب موقف محدد، أو حتى من دون سبب ظاهر ومترجم!! والحقيقة هي أن الأفكار والمشاعر وردود الأفعال وحتى الأفعال نفسها تكون النتيجة النهائية المعلنة عنك.
أعلم أنك تفهمني لكنني أود أن أشرح لنقتنع أنا وأنت أكثر، يا عزيزي الجمل الروتينية التي نقولها لأنفسنا هي التي تكوّن حوارنا الداخلي والذي ينتج عنه أفكارنا وانفعالاتنا، وهذا يعني أنك أنت من تحدد أفكاري وانفعالاتي بصفتك حواري الداخلي، وإذا استطعنا معاً أن نغيرك سأستطيع أنا أيضاً أن أتغير بشكل تلقائي.

تخيّل أنهم يقولون إن الذي يحركك ويتحكم بك لست أنا ولا حتى أنت!! بل هو صندوق خفي جُمع في داخله تراكمات كثيرة سابقة وقديمة منذ الطفولة يدعى "العقل الباطن"!! 
قد يكون هذا صحيحاً لكنني سأرفض تحكمه بنا أكثر وسأنقلب عليه من دون أن يشعر، وأستبدل كل ما في داخله وأضع رقابة على نوع المشاعر والذكريات التي ستخزن به، وأمنعها من الدخول قبل أن تتعافى وتتطهر وأتأكد من نوعها ونواياها.


عزيزي حواري الداخلي هل تفهمني؟! هل استوعبت رسالتي وطلبي؟! 
أنا لا أنفي أنك في كثير من المرات تدفعني لأكون أفضل وتجعلني شخصاً أكثر سلاماً وسعادة.
لكن أود أن تكون ألطف، وأن تستبدل كلماتك شكلاً وأثراً وأن تتغير لأتغير معك، ففي آخر مرة جعلتني أردد كلمات آذتني لأنني صدقتها حتى تمكنت مني، هل تتذكر كيف وصفت خطأ بسيطاً ارتكبته بالفشل فأحبطتني؟!! وهل تذكر حينما أصبت بنوبة من الهلع والأفكار السلبية بسببك؟!! والأسوأ أنني لم أستطع إيقافك، فأنت كنت سريعاً ومقنعاً أكثر من المطلوب.
 كان بإمكانك أن تخبرني أن قلقي كان بسبب فكرة، وأن هذه الفكرة ليست صحيحة..
  أرجوك في المرات القادمة ابذل كل هذا المجهود ولكن بهدف أن تحميني، افعل هذا وتغير لأجلنا معاً..