mena-gmtdmp

ألهذه الدرجة وصلنا؟!

أميمة عبد العزيز زاهد

 

لا ينكر أحد تأثير وسائل الاتصال وحجم خطورتها، بجميع أنواعها، على ثقافتنا وسلوكنا، إنَّها قضيَّة في غاية الأهميَّة لها أبعاد عميقة تمس حياتنا، وتلمس مستقبل أبنائنا، وتؤثر في نفوسهم. ودعونا نقرأ بعض الرسائل التي تردنا من خلال الهاتف أو الإيميل، منها: «ناشدتك الله أن توصل هذا النداء، فهو أمانة في عنقك إلى يوم القيامة»، و«في ذمتك ليوم الدين أستحلفك بالله أن ترسلها»، و«أقسم بالله عليك إذا كنت مؤمناً أن تنشرها»، و«إذا كنت تحب الله انشرها»، و«إذا كنت تحب الرسول انشرها»، و«لو تحب الرسول انضم معنا عشان نشوف عدد أحبابه»، و«تباً لكل شخص يرى ملابس الرسول وما يعمل لايك، والكافر من يطنش الصورة»، و«إذا ما عندك إحساس على عرضك ودينك لا ترسلها، بس لا تدعي بعدها ربي أن يستر عليك وعلى أهلك»، و«إذا لم تنشرها فاعلم أنَّ ذنوبك هي التي منعتك»، و«إذا لم تنشرها فاعلم أنَّ الشيطان هو الذي منعك»، و«من قرأها ولم يرسلها لن نحلله»، و«انشرها؛ لأنَّ شخصاً لم يرسلها مَرِض»، «انشرها وانتظر ماذا سيحدث بعد خمس دقائق.. شخص أرسلها وشُفي ابنه من مرضه.. شخص أهملها وبعد ثلاثة أيام مات»، و«‏اقرأ الرسالة كاملة، ولا تهملها وإلا ستأثم وما تشم ريحة الجنة»، و«أقسم بالله حلمت أنَّ من يقوم بنشرها فإنَّ الله يزيل عنه الهم والغم ويوسع عليه رزقه، ويحل له مشاكله، وقد علمت أنَّ أحدهم قام بنشرها فرزقه الله المال، وأخبرت أنَّ شخصاً لم ينشرها ففقد ولده في اليوم نفسه، هذه المعلومة لا شك فيها، والأمر ليس لعباً ولهواً، وسبق أن وصلت هذه الوصيَّة إلى أحد رجال الأعمال فوزعها ومن ثم جاء له خبر نجاح صفقته التجاريَّة، ثم وصلت إلى أحد الأطباء فأهملها فلقي مصرعه في حادث سيارة وأصبح جثة هامدة، وأغفلها أحد المقاولين فتوفي ابنه الكبير»، و«قمة العار أو النذل من يرى الكعبة وما يعمل لايك»، بجانب أنَّ هناك عقليّات تقرن خفة الدم بالحيلة والخداع بذكر الله مثل «شاف زرافة قال الله أكبر، أو يضع سورة الإخلاص ويقول: أتحداك تطلع الخطأ فيها، وبآخر الرسالة يقول: خليتك تقرأها وتذكر الله غصب عنك».. ألهذه الدرجة وصلنا؟! قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}. إنَّ الإسلام ليس دين المزايدات والتهديد والتهويل.. ولا يدعو الناس بتخويفهم.. الإسلام دين يُسر.. فلنتقِ الله فيما نقول وما نرسل.. فكلنا مسلمون، وكلنا نحب الله ورسوله، فلنحذر قبل إعادة إرسال كل ما يصل إلينا.. ولنحرص على توجيه أبنائنا حول ما يرسلون، فهم يعتقدون أنَّهم يحسنون صنعاً، ولا نظن أنَّ الجيل الذي نطمح إليه سيولد من فراغ، إنَّه جيل نحن مهندسوه وبنّاؤوه، وعلينا تحسين الأداء؛ ليتمكنوا هم من إنتاج الحسن في القول والعمل. «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه».