إنَّ العلاقة الحميمة بين الزوجين هي أقدس علاقة يتبادل فيها الزوجان أسمى معاني الرحمة والمودة، وهي لغة خاصة بينهما تمنحهما السكينة والأمان، ووسيلة للتواصل والاندماج، والواحة التي يلجأ إليها كل طرف؛ ليتزود منها بما يعينه على تحمل أعباء الحياة ومشاكلها. ويعتبر تأثيرها قوياً في استقرار الزواج ونجاحه، فإذا تباعد الزوجان، أو أصبحت العلاقة بينهما روتينيَّة وعمليَّة آليَّة فقدت كل معاني الود والرحمة والأمان والسكينة والاحتواء. ومن البديهي مع مرور الوقت، ومع تزايد الأعباء والمسؤوليات وضغوط العمل، تتغير طبيعة هذه العلاقة، ومع الأسف هناك العديد من الزوجات من تصبح هذه العلاقة بالنسبة لهنَّ كابوساً، وهاجساً، وتتعدد الأسباب التي تدفع بأي زوجة أن تمتنع عن زوجها. تقول إحدى الزوجات إنَّ زوجها حاد الطباع سليط اللسان، لكن عندما يرغب بها يعاملها بلطف، ويساعدها في أعمال المنزل، وشراء ما تحبه، وهي تعرف سبب هذا التحول؛ لأنَّها لا تتلقى عادة مثل هذه المعاملة إلا لغرض واحد، وتحس لحظتها بأنَّها مجرد شيء مهمل لا يحتاج إليها إلا لإشباع رغبته حتى كرهت هذه العلاقة، وزهدت فيها وفيه. وأخرى تقول إنَّ زوجها دائم الإهانة لها، ويعاملها بقسوة أمام أبنائها وأهلها، ويضربها، ثم يريدها أن تنصاع لرغباته وكأن شيئًا لم يكن، حتى باتت تكره الليل فهو يمثل لها عبئًا ثقيلاً لأنَّه سيجمعها بزوجها الذي لا يهتم برغبتها، أو بمرضها، أو بتعبها ولو رفضت هدَّدها بغضبه عليها، وبالتالي فإنَّ الله سيغضب عليها وأحيانًا لا يسأل الزوج زوجته عن ماذا تريد، وما تحتاجه ولا يلتفت لمشاعرها وينصب كل اهتمامه على احتياجاته، فهو أناني لا يفكر إلا في نفسه، وعندما تهمس له بمشاعرها قد يتهمها بقلة الأدب، كذلك تتعدد الأسباب التي تعتذر فيها الزوجة عن عدم القيام بواجبها، فإما أن تبرر ذلك بمرضها أو بمرض أحد الأبناء، أو أن لديها عذراً شرعياً. عموماً إنَّ الرفض التام لهذه العلاقة له أضرار كبيرة وخطيرة، فهي حق من حقوق الزوج والزوجة معاً، ولو تفهم الزوج أنَّ طبيعة الزوجة غير طبيعته، ولو فهم أنَّ العاطفة والملاطفة والاهتمام بمشاعرها تمثل لديها الشعور بالمتعة، فسيدرك أنَّ كل ما تحتاجه هو الشعور بالرضا والالتقاء السليم. وعلى الزوجة ألا تصد زوجها لأسباب غير منطقيَّة، فلو شعر بتهربها فستصبح حياتها جافة قاسية يسودها القلق، فكلما زاد البعد وسعت الفجوة بينهما أكثر.
فعدم التوافق العاطفي في العلاقة الحميمة بين الزوجين يسهم بشكل قاطع في الشعور بعدم الرغبة في الاستمرار، ويجعلهما في حالة توتر دائم، ويميل كل منهما لتصيد أخطاء الآخر، وإلى الثورة والانفعال على أتفه الأسباب بسبب التأثير المتبادل بين العلاقة الحميمة وبقيَّة العلاقات الأخرى. وهناك العديد من الطرق التي يمكن التفكير فيها؛ لتدارك انهيار العلاقة قبل فوات الأوان.