mena-gmtdmp

حكمة الصمت!!

مبارك الشعلان


كلما اتسعت الرؤية.. ضاقت الكلمات.. هذه الكلمات ليست إلا كلمات منْ أوتي حكمة.. {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.. فالذين تضيق بهم الكلمات ليسوا دائما من أولئك الذين لا تسعفهم الكلمات.. ولكن غالبا من أولئك الذين يملكون ما هو أكثر من الكلمات.. يملكون الحكمة الجميلة الغائبة وسط هذا الكم ممن لا يملكونها من أصحاب المنابر.. فالكتّاب يدخلون كل يوم سوق عكاظ لشراء وبيع الكلمات.. والشعراء يبيعون الكلمات كما يبيعون أثاثهم المستعمل.. والخطباء يصرخون في الناس.. ويغلفون صراخهم بالكلمات الرديئة.

 

قلة قليلة يعرفون فضيلة الصمت.. وفضيلة الحكمة.. لذلك تراهم حكماء في صمتهم.. أو صامتين في حكمتهم.. منزوين في زوايا الحياة.. كأن انزواءهم نتيجة حتمية لحفلة الصخب والصراخ اليومي.

 

فأصحاب الأصوات العالية هذه الأيام هم من يستحوذون على المنابر.. كل المنابر.. ولكن منبر الحكمة خالٍ.. لأن من لديهم الحكمة لا يتصارعون من أجل صعود المنبر.. لأن كلماتهم ضاقت بهم.. أو ضاقوا بالكلمات.. بعد أن اتسعت الرؤية لديهم.. بينما لايزال أصحاب الرؤية الضيقة بلا رؤية.. وبكثير من الثرثرة.. يعتقدون أنهم يملكون الحكمة التي لا يدركها إلا الراسخون في علم الصمت وعلم الحكمة.

ففي البدء كانت الكلمة.. وفي البدء كانت الحكمة أيضا..

فالكلمة التي ليس بها مسحة من الحكمة.. رصاصة طائشة «تدوش»..ولا تصيب،

ولكن كلمة الحكمة.. أو حكمة الكلمة رصاصة تصيب ولا «تدوش»..ويبقى صداها عالقا وأثرها مؤثرا..

أما آن لأولئك المثرثري

 

ن أن يتوقفوا عن الثرثرة لتتسع رؤيتهم وتضيق كلماتهم بدلا من أن تتسع كلماتهم وتضيق رؤيتهم؟!

 

شعلانيات

السمعة الطيبة معناها هذه الأيام أن تكون عفيفا علنا.. وتسرق سرا.. أو أن تمارس الفضيلة علنا.. فيما أنت غارق بالرذائل سرًّا!!

 الجامعات تخرج لنا كل شيء.. العلماء والجهلاء وحتى النصابين.. بعد أن أصبح النصب علما أكاديميا!!

 أحيانا نكره الخناقة لأنها تفسد المناقشة.. ولكنك على الفضائيات تكره المناقشة لأنها تفسد الخناقة التي نتجت عنها للإثارة!!