mena-gmtdmp

حملة «ما تيجي نطبطب على بعض»!!

مبارك الشعلان

كان دائمًا لديَّ أكثر من سبب ليكون الفنان الراحل أحمد زكي أحد أشخاصي المفضلين.. وليس للأمر علاقة بعمله الفني فحسب فهو يستحقه.. ولكن لديه من عمق التجربة الإنسانية ما يجعل من يتابعه ويقرأ مقابلاته يقترب منه أكثر كمشروع صديق، على طريقة صديقك المفضل بدلاً من نجمك المفضل.

وقبل أيام كنت أقلّب في أوراقي وقصاصاتي، فوجدت ما يستحق أن أتوقف عنده.. وجدت ما أعاد ذاكرتي إلى عام 1997 عندما التقيت أحمد زكي في فندقه المفضل شيراتون الجزيرة، حيثُ كان يقيم، وكنت أفضل أخذ قهوتي في هذا الفندق الذي لا يكتفي أن يطل على نهر النيل فحسب، بل يقع في أحضانه.. عندما سألت أحمد زكي عن عزلته الاختيارية وإقامته في الفندق، أجاب بأنه يشعر بالوحدة والعزلة الداخلية، وأنه على الرغم من وجود كل هذا العدد الكبير من المعارف والأصدقاء ومدعي الصداقة، فإنه يشعر بأنه لم يجد من «يطبطب» عليه.

وقرأت في هذه القصاصة كلمات مؤثرة وعميقة لأحمد زكي يقول فيها: «أنا أقع في مشكلة مع ابني هيثم.. فأنا أب مع وقف التنفيذ.. فأنا في الوقت الذي يريدني أن «أطبطب» عليه كأب.. أحتاج منه أن «يطبطب» عليَّ كصديق.. فالمصيبة أنني بنفس القدر الذي أريد أن «أطبطب» على هيثم أحتاج إلى معاملة بالمثل.. وأريد أن يطبطب عليَّ».

ففي زمن عزّ فيه الأصدقاء وكثرت العيادات النفسية أصبح الناس يخافون أن «يفضفضوا» لبعض.. خايفين يشوفوا بعضهم صح.. لأن كل واحد خايف من التاني.. وعنده حق.. أنا كويس لكن أضمن منين كل الناس كويسين.. كل واحد لازم يسأل نفسه من بـ«يطبطب» عليه.. كل الناس عايزين «طبطبة».. وكل الناس عايزين «يطبطبوا» على بعض.. وكل الناس بيشتكوا إن مافيش حد بـ«يطبطب» عليهم.. وهم مش عايزين «يطبطبوا» على بعض؛ لأنهم غرقانين جوه بعض.

 

ما تيجوا «نطبطب» على بعض.. نحب بعض.. نشوف بعض.. نسمع بعض.. نحس ببعض.. أسمعك وتسمعني.. أفهمك وتفهمني.. لا تفرض عليَّ رأيك.. ولا أفرض عليك رأيي.. صدقني الحب هو اللي ينقذنا.. الحب بلا مقابل.. ومن دون فواتير.

 

شخصيًّا أعتقد هذه «الفضفضة» الإنسانية تحتاج لإطلاق مشروع إنساني كبير يكون تحت شعار «ما تيجوا نطبطب على بعض».. أو «الحب بلا مقابل.. ومن دون فواتير».. يعيد الناس لاكتشاف أن لديهم مشاعر إنسانية لم تستخدم منذ سنوات.. وأن هذه المشاعر تجعل الناس أكثر مناعة ضد الجفوة والكراهية.. وأن هذه التجربة الإنسانية لا تكلف الناس شيئًا.. فهي يمكن توزيعها مجانًا متى ما كانت هناك رغبة صادقة في استخدام «مسحوق غسيل» للقلوب.. فكثير من الناس «تغتسل» كل يوم.. وكلها تنسى أن «تنظف» قلبها، الذي يعد هو الماكينة وصمام الأمان لكي تنطلق من جديد بروح محبة للحياة والناس، بدلاً من القسوة والكراهية وزيارة العيادات النفسية التي «تطبطب» على الناس.

 

 

 

شعلانيات

< كثير من الناس يحترمهم الناس أكثر مما يجب لأنهم لا يعرفونهم أكثر مما يجب!!

< مشاكلنا الكبيرة نتيجة أننا نقول «نعم» بسرعة.. ولا نقول «لا» ببطء!!

< الوهم أعظم سعادة.. والسعادة أعظم وهم!