تجربة النضوج

محمد فهد الحارثي


العطاء يمنح الحياة أبعاداً جديدة ومعاني أعمق. أكثر الناس سعادة هم الذين يتمتعون بعطائهم دون منة. تجدهم في حالة فرح دائمة وتفاؤل. لا ترهن سعادتك بالآخرين. السعادة قرار ذاتي، ويمتلك استقلالية كاملة فاتخذه بذاتك ولذاتك. من يربط قرار سعادته بأشياءَ خارجية يظل يعيش حياته في خانة التوجس والترقب والانتظار.


لا تخدعك الفلاشات العابرة، فهي مثيرة في شكلها فارغة في حقيقتها. كثيرون تختطفهم هذه الومضات السريعة، وحينما يتعمقون يكتشفون أن ما يظهره السطح يخالف ما تحته. كم من مرة أشخاص أوهمونا بصور زائفة، واكتشفنا لاحقاً صوراً رسمناها في مخيلتنا لأشياءَ لم تكن موجودة.


كن كما أنت. فحكمة الخالق هي التنوع وليس التكرار، وانظر إلى هذا المدى الواسع في الحياة، وفي الكائنات لتدرك أن الاختلاف نعمة، وأننا محظوظون كوننا مختلفين. فلو أراد الخالق أن يجعلنا متشابهين لخلقنا نسخة واحدة. ولذلك اعتز باختلافك وتفردك، واعتبره نعمة إلهية أكرمك بها الله سبحانه وتعالى. الاختلاف ميزة يمكن أن نستثمرها وليس خطيئة نخفيها.


الشراكة مسار يقودك إلى السعادة، حينما تشارك الفرح مع الآخرين وتهتم بمشاعرهم وتسعى لسعادتهم فأنت دون أن تدري تصنع السعادة لذاتك، فالأشياء الجميلة تنمو مع الآخرين. حينما نحضر فيلماً كوميدياً نستمتع به ليس فقط للفيلم، بل أيضاً لضحكات الناس ومشاركتك هذا الفرح، فهناك عدوى الفرح تنتشر بين الأشخاص.


لا تدقق في كل الأمور، فالتفاصيل متعبة ليس للطرف الآخر بل أيضاً لك. التغافل سلاح الحكماء، فلو تعاملنا مع كل الأمور بمبدأ التقييم والمحاسبة، نستهلك العمر في قضايا جانبية لا تستحق. اجعل الأهداف الكبيرة شاغلك، واجعل الرقيب الذاتي بوصلتك، فأجمل أنواع العطاء هو العدالة مع الآخرين.


اليوم الثامن:
النضوج في حياتنا يعلمنا أن إشكاليتنا هي
تجاهلنا ما لدينا بحثاً عن ما هو ليس لنا