شدّ على يد إنسانيتك بقوة، وتمسك بعفوية قلبك قدر استطاعتك، ولا تشوّه بياضك الداخلي بمشاعر كاذبة تشبه الوهم كثيراً، فأنت لن تكون النسخة الأخيرة منك على الأرض، فالحياة تكرر الشخصيات كثيراً، حتى حين تختلف الملامح والأسماء والعناوين، والأماكن، والأزمنة.
فذات يوم سيأخذ أحدهم مكانك على الأرض، وسيمارس دورك في الحياة كأنه أنت، وسيرسم أحلامه على خارطة عمره كما كنت أنت تفعل، وسيقتني الأشياء التي كنت تقتنيها، وسيقرأ الكتب التي كنت تقرؤها، وسيتصفح الصحف التي كنت تتصفحها، وستشده الصفحات التي كانت تشدك، وستدهشه الأخبار التي كانت تدهشك، وسيسير على الطرقات التي كنت تسير عليها، وسيبتسم في الوجوه التي كنت تبتسم لها، وسيجلس على مقعدك المفضل في المقهى الذي اعتدت زيارته بشكل يومي، وسيحتسى القهوة التي كنت تحتسيها باللذة ذاتها، وسيدخل المطاعم التي كنت تدخلها، وسيطلب الوجبة التي كنت تطلبها، وسيكرر طلبها كما كنت أنت تكرر، وسيتجول في الأسواق التي كنت تتجول فيها، وسيتوقف أمام المحلات التي كنت تتوقف أمامها، وسيختار الألوان التي كنت تختارها، وسيسير بصحبة رفاقه كما كنت تسير بصحبة رفاقك، وسيتحدث في اللقاءات الاجتماعية الأحاديث التي كنت تتحدثها، وسيهتم بالقضايا التي كنت تهتم بها، وسيناقش المواضيع التي كنت تناقشها، وسيجادل في المناقشات كما كنت تجادل، وسيسهر لياليه كما كنت تسهر لياليك، وسينصت لأغانيه المفضلة كما كنت تنصت لأغانيك المفضلة، وسيعيش تلك الحكايات المشابهة لحكاياتك، وسيمارس الطقوس كما كنت تمارسها، وسيفرح كما كنت تفرح، وسيحزن كما كنت تحزن، وسيختبئ ليبكي وحيداً كما كنت تفعل أحياناً، وسيسافر إلى المدن التي كنت تسافر إليها، وسيحرص على وضع كتابه المفضل في حقيبة سفره كما كنت تحرص دائماً، وسيزور المكتبات التي كنت تزورها، وسيرتاد المتاحف التي كنت ترتادها، وسيشتري الهدايا التي كنت تشتريها، وسيحتفل في المناسبات التي كنت تحتفل فيها، وستكون له أمنيات مستحيلة تشبه أمنياتك المستحيلة، وسيجاهد لتحقيق أحلامه كما كنت أنت تجاهد من أجل أحلامك..
ثم يمضي تاركاً خلفه الكثير من التفاصيل، كما مضيت أنت وخلفك من التفاصيل الكثير..
هو لا يتقمص دورك على الأرض متعمداً!
لكنها الحياة، تكرر الشخصيات، وتكرر الحكايات، وتكرر الأدوار
والأفراح والأحزان والهزائم والانتصارات والانكسارت.
قبل النهاية بقليل:
عِش حياتك بلا غرور، فكلّ الأشياء تتكرر على الأرض، حتى الإنسان!
