"تيبي" فتاة الأدغال

15 صور

تعد شخصية «ماوكلي» فتى الأدغال، من أكثر الشخصيات المحبوبة في أدب الأطفال، والرسوم المتحركة، ولكن ماذا لو أن «ماوكلي» قفز من «كتاب الأدغال»، وأصبح واقعاً بالفعل؟.

لابد أن من يقرأ قصة «ماوكلي» الواقعية، سوف يفتن بها، وخاصة إذا كانت البطلة فتاة. فلطالما ذكر في الحكايات أن الحيوانات البرية لا تؤذي صغار أي نوع من الكائنات، ولكن هذه النظرية لم تختبر في العالم الحقيقي، إذ سمعنا الكثير عن أسود أو نمور تأكل الإنسان، أو أشخاص التهمتهم التماسيح، وهذا ما يجعل قصة «تيبي ديغري»، أو «ماوكلي» الحياة الواقعية.

«تيبي» هي الآن بعمر 23 سنة، كانت الطفلة الوحيدة لمصوري الحياة البرية الفرنسيين، «آلان ديغري»، و«سيلفي روبرت»، أتاح لها عمل والديها عيش طفولة فريدة من نوعها، وفرصة للتفاعل مع الحيوانات البرية بشكل لا يصدق، فسماها والداها؛ تيمناً بالممثلة «تيبي هيدرن»، التي أدت دوراً في فيلم «The Birds»، وهو فيلم رعب للمخرج ألفريد هيتشكوك، والتي يقال إنها أبقت أسوداً في منزلها كحيوانات أليفة، ولم تختلف «تيبي» عن مثيلتها، مثبتة قدرة مبكرة على التآلف بشكل غير عادي مع المخلوقات البرية، كما كانت تدعى أيضاً «أوكانتي»، ومعناها «النمس» بلغة «أوفامبو»، إحدى القبائل الناميبية.
ووفقًا لوالدة تيبي، «سيلفيا»، كانت الحرية في الطبيعة مع هذه الطفلة أمراً ساحراً، فقد كانت فتاة صغيرة محظوظة جداً، ولدت وترعرعت حتى سن العاشرة في البرية.
تقول الأم: «كنا نعيش ثلاثتنا في البرية مع الحيوانات دون كثير من البشر، وقد انسجمت «تيبي» مع عقلية الحيوانات، واعتقدت أن تلك الحيوانات من حجمها وأنهم أصدقاؤها؛ بل وحتى ألعابها، وكانت تستخدم خيالها للعيش في هذه الظروف المختلفة.

فتاة الأدغال
من الجميل مشاهدة صور «تيبي» الصغيرة مع الحيوانات، فهي لا تبدو مختلفة جداً عن «ماوكلي»، بشعرها الأشعث ومظهرها الجامح، مرتدية الملابس الجلدية، وبطنها بارز قليلاً، وقد بدت مرتاحة ومستأنسة في عالم الحيوان، وفي الوقت نفسه من الصعب أن نعتقد أنها في الواقع صور حقيقية! وإحدى أجمل صور «تيبي»، وهي تعانق ضفدعاً ضخماً، كما يعانق الطفل ذو ستة الأعوام دميته، عدا عن أن إمساكها للضفدع كان بقبضة محكمة، والمخلوق المسكين يبدو غير مرتاح، تظهر «تيبي» في صور أخرى، وهي تجلس على الفيلة، وتقبل الزواحف، وتقف على قدم واحدة على رأس تمساح، وترجع بفخر رأسها إلى الوراء وهي تركب النعامة، أو يلعق الفهد يدها. أما أصدقاء طفولتها؛ فقد كانوا نمراً اسمه «جي آند بي»، بالإضافة إلى فيل، وتماسيح، وأشبال أسد، وزرافات، ونمس، ونعامة، وفهد، وثعبان، وحمار وحشي، وبعض الضفادع العملاقة.

الطفلة المدللة للقبائل
من المستغرب جداً تقبل حيوانات تعتبر في غاية الخطورة لـ «تيبي» واعتبارها واحدة منهم، يقول والداها إن الحيوانات كانت لطيفة جداً معها، وتحرص على ألا تؤذيها؛ خصوصاً «ليندا» النعامة، التي كانت تخاف من إيذاء الفتاة؛ لدرجة أن والدي «تيبي» نادراً ما حصلا على فرصة لتصويرهما معاً؛ فليندا لا تتحرك على الإطلاق و«تيبي» تجلس عليها؛ خوفاً من أن تسقط الطفلة، وعن علاقة ابنتها مع الفيل «آبو»، تقول الأم سيلفيا: «لم يكن لديها خوف، ولم تدرك أنها لم تكن بنفس حجم «آبو»؛ فقد كانت تنظر في عينيه وتتحدث معه، ولم تكن الحيوانات فقط التي اتفقت مع «تيبي» بشكل جيد، فمع نشأتها بين قبائل السكان الأصليين في ناميبيا؛ احتضنوها تحت جناحهم، وعلموها كل وسائل البقاء على قيد الحياة في البرية؛ فكانت قادرة على تكلم لغتهم، والصيد، وتعرف كيف تطعم نفسها من الجذور وثمار التوت، فكانت طفلتهم المدللة.

الكتاب الأكثر مبيعاً
عاشت «تيبي» في البرية على مدى السنوات العشر الأولى من حياتها، وبعد ذلك عاد والداها إلى موطنهما الأصلي فرنسا، حيث أرسلت إلى إحدى المدارس الحكومية الفرنسية، وكانت تعد من المشاهير المحليين، ولكن الأمور لم تسر على ما يرام بالنسبة لها في المدينة، ولم تتقبل الحياة الحضرية كما أمل والداها، إذ كانت المدرسة صعبة بالنسبة لها؛ لأنها لا تملك نشاطاً مشتركاً مع الأطفال الآخرين في باريس، فلم تذهب إلى المدرسة إلا لمدة سنتين فقط، وبعد ذلك لجأ والداها إلى التعليم المنزلي، ولكن نشأتها ستضمن بقاءها إنسانة فريدة في الحياة؛ فقد اختارت «تيبي» دراسة السينما، وأشرفت على علاج ورعاية النمور التابعة لعروض دولية مشهورة في فرنسا، وألفت كتاباً بعنوان «تيبي أفريقيا» Tippi of Africa، الذي أصبح من أكثر الكتب مبيعاً.

واليوم لا يعرف إلا القليل عن حياة «تيبي»، وآخر ما ذكر عنها أنها أرادت الحصول على جواز سفر ناميبي؛ لأنها آمنت دائماً أنها أفريقية، كما قيل إنها قد تعود إلى أفريقيا لاستئناف صداقتها مع الحياة البرية.
قصة تيبي وصورها، عميقة جداً، بحيث لا تمل النظر إليها، فمن منا لا يرغب بعيش طفولة مدهشة كهذه؟