لمتنا سعودية.. بئر حطيئة إرث تاريخي يعود لـ20 قرناً!

تحتضن المملكة العديد من المعالم الأثرية والتاريخية، ومن ضمن تلك الأماكن التي أصبحت مزاراً سياحياً وأحد أهم عوامل الجذب للكثيرين محلياً ودولياً هي الآبار، ومن الآبار التي اتخذت مكانتها من الذكر، بئر الحطيئة، وفي إطار حملة «لمتنا سعودية» نتطرق عبر السطور التالية الى عمر البئر وإرثه التاريخي والحضاري.


منْ هو الحطيئة؟


أبو مليكة جرول بن أوس العبسي، هو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية وأسلم في عهد أبي بكر الصديق، اختُلف في سبب تسمية الحطيئة بهذا الاسم، وقد قيل إنّه لُقب بذلك لقصر قامته وقُربه من الأرض؛ فقد جاء في معجم لسان العرب أنّ الحطيئة هي تصغير حطأة، وهي الضرب بالأرض أو الرجل القصير، وقيل سُمي بذلك لدمامته، والدمامة تعني قُبح المنظر وصغر الجسم.
عرف الحطيئة بالهجاء وسلاطة اللسان، ويُقال إنّ الخليفة عمر بن الخطاب قرّر إعطاءه ثلاثة آلاف درهم مقابل كفّه عن الهجاء، وأرجع المؤرخين كثرة هجائه إلى نشأته، حيث نشأ في بيئة لم تساعده على تحقيق ذاته واستكمال إنسانيّته، فقد عانى نفسياً واجتماعياً وإنسانياً، فكانت هذه العوامل سبباً في جعله ساخطاً على الحياة والنّاس، حتّى أنّه قام بهجاء نفسه.
وتجدر الإشارة إلى أنّه اشتهر بشعر المديح، والفخر، والنسيب إلى جانب الهجاء.


عن البئر

بئر


تقع البئر التي يرى المؤرخون أنّها تعود إلى 1400 سنة، في الجزء الشمال الشرقي من بلدة الغاط القديمة وبالقرب من موضع النقوش الثمودية وعلى الضفة الشرقية لوادي مرخ، وهو الوادي الذي ورد في قصيدة الحطيئة الشهيرة التي يستعطف فيها أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومطلعها:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
للبئر شهرة كبيرة في تلك المنطقة، وتُعرف عند سكان المنطقة بالحطية نسبة للحطيئة، حظيت بالاهتمام مؤخراً من قبل هيئة السياحة والتراث الوطني بعد أنّ استجابت لنداء أحد المواطنين «ناصر الحميدي» الذي غرّد في تويتر مستنكراً بأنّ الكثيرين لا يعرفون مكان البئر لعدم وجود لوحة أو دلالات تُشير إليها، فأصبحت من أهم الأماكن الأثرية والتاريخي التي أدرجت في قائمة الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية، والتي يرتادها أعداد كبيرة من الباحثين والمتنزهين والسياح.
يُذكر أنّ البئر تقع في أرض وعرة بين تلال بركانية، لذلك يحتاج زائرها إلى الاستعانة بدليل حتى يوصله إليها.

الإرث الحضاري


جسدت هذه البئر الإرث الحضاري للمملكة العربية السعودية، حيث توجد بالقرب منها أطلال لمبان قديمة تنبئ بأنّ هذا الموقع كان مأهولا في عصور سابقة، إضافةً إلى وجود حبوس حجرية من الصخور ومدارج زراعية متهالكة ومورد للمياه، كما أنّ هذه البئر تقع في محافظة الغاط التي توجد بدورها في قلب المملكة العربية السعودية والتي تتميز ببيئتها الطبيعية الخلابة حيث الواحات الزراعية والمرتفعات الجبلية، ويوجد على الجهة الشرقية منها جبال طويق وتحدها من الجهة الغربية نفود الثويرات الشهيرة بالصلابيخ، وقد حصلت هذه المنطقة على لقب أفضل بيئة جبلية في المملكة.