سوق الألبوم.. بين الغيرة.. المجاملة.. وأشياء أخرى!

سهى الوعل- ناقدة فنية سعودية

سنوات عديدة مرت وسوق الألبوم في الخليج يعيش كسلاً (من ناحية الإنتاج)، حيث سيطرت أغاني (السنغل) على السوق وأصبحت الخيار الأسهل عندما يقوم أي فنان بالانتهاء من العمل على أغنية جيدة، حيث يسارع إلى طرحها بدلاً من انتظار أغان أخرى بنفس الجودة حتى يقوم بطرحها سوياً على شكل ألبوم، لدرجة أن عدداً كبيراً من النجوم يؤجلون إصدار الألبومات لسنوات قبل أن يطلقوا واحداً، وغالباً ما يكون بهدف المجاملة وتحقيق مكاسب مادية من العمل مع بعض الأسماء السخية.

أزمة الكورونا وانفراد النجوم بأنفسهم جعلت هذا العام بمثابة عام العودة للألبومات، فالكثير من النجوم في الخليج عادوا لإصدار الألبومات، وليس أي ألبومات بل ألبومات ضخمة لا يقل عدد الأغاني فيها عن الثمانية عشر والعشرين أغنية، حيث تتوالى الألبومات على تطبيقات الاستماع وبأعداد كبيرة، ألبومات لنجوم من الخليج وأخرى لفنانين عرب يقدمون ألبومات خليجية بالكامل!

يتساءل الكثيرون عن سبب عودة المنافسة عبر الألبومات بهذه القوة، والحقيقة أن للأمر جوانب عدة، يأتي في مقدمتها سوق الحفلات في السعودية ومغريات ما يمكن أن يحققه هؤلاء النجوم وشركاتهم من المشاركة في هذه الحفلات والتي يتم تقديمها لجمهور يتمتع بذائقة فنية كبيرة ولا يحب التكرار، بل يفضل التنويع والتجديد ولذلك أصبح الكثير من النجوم في حالة بحث دائمة عن أغاني يقدمها في حفلاته أمام هذا الجمهور بدلاً من الاعتماد على الأرشيف القديم.

أسباب أخرى كانت خلف عودة هذه المنافسة، كحقيقة أن كل هؤلاء النجوم ليسوا مُلزمين بدفع أي مستحقات مادية لمن يتعاونون معهم، لأن معظم هذه التعاونات مع شعراء أو ملحنين لا ينتظرون أي مقابل من الفنان، بل على العكس.. فهم من يدفعون مستحقات تسجيل هذه الأغاني بالكامل حتى تخرج بأفضل صورة ما يزيح عن كتفي النجوم أي أعباء مادية.

الغيرة الفنية أيضاً كانت محركاً قوياً للمنافسة عبر الألبومات خاصة بين النجمات الإناث، حيث أننا لم يسبق وأن رأينا فناناً يعلق بامتعاض بعد صدور ألبوم لفنان آخر، بينما نشاهد مثل هذه الأمور بين الفنانات خاصةً عندما تصدر إحداهن ألبوماً فترى الأخرى وهي تقلل من تجربة زميلتها وإن كان الظاهر يختلف عن ما يتم إخفاؤه بين السطور.

بين ألبوم وآخر، ورغم أن عودة النشاط لسوق الألبوم أمر صحي للغاية خاصةً بعد فترة الركود الطويلة التي شهدها هذا السوق في الخليج، إلا أن الصحافة لا زالت تتحفظ على القيام بدورها كما يجب، وربما هذا هو سبب خروج معظم هذه الألبومات بنفس النتائج، حيث تنجح أغنية أو اثنتين فقط بينما تمر البقية مرور الكرام، فالمجاملة تسيطر على صفحات معظم الصحفيين الفنيين المعروفين، الكل يمتدح "بالإجمال" وكأنه زميل في المهنة واجبه التهنئة، بينما يجب أن تكون مهنته التوقف عند كافة التفاصيل والتحدث عن الضعيف بنفس طريقة الحديث عن الجيد، دون مبالغة، أو تجريح.. فقط للفت نظر الفنان إلى أمور ربما غفلها أثناء التحضير بينما يستطيع تفاديها في تجاربه اللاحقة.

أخيراً.. وبين المؤيدين والمعارضين لعودة المنافسة بهذا الزخم لسوق الألبومات في الخليج، يبقى لنا أن نعترف أن كثرتها أفضل بكثير من "شُحَ" إصدارها، علينا فقط أن نتوقف عند التجارب التي تستحق حتى نرفع من معايير هذه المنافسة ونحصل على نتائج أفضل، لأننا دائماً.. المستفيد الأول.