كثيراً ما نرى النساء يزينًّ أعينهن بالكحل، وكثر هم الرجال الذين يكتحلون أيضا، إلا أنها مرات قليلة تلك التي توقفنا وتساءلنا: ما هو الكحل، وكيف يصنع، وهل تختلف تقاليد صناعته باختلاف البلدان وثقافاتها؟
في جناح "قرية التراث" ضمن فعاليات الدورة الـ 18 من "أيام الشارقة التراثية"، يمكن العثور على إجابات لهذه الأسئلة، فما أن يدخل الزائر لهذا الجناح حتى يجد نفسه أمام حياة أهالي الإمارات قبل عقود طويلة، حيث تتخذ السيدات مجالس لهن، وكل منهن مشغولة بصناعة واحدة من الحرف التقليدية، فهذه تنسج خيوط التلي، وهذه تطرز على أكمام الثياب، وتلك تنسج على النول..
مع مزيد من التفاصيل..نتابعها في السطور التالي
ما هو الأثمد؟
من بين تلك السيدات يبدو لافتاً ما تقوم به تلك السيدة التي تحمل في يدها حجراً أسطواني الشكل، يتضح أنه ثقيل من حركته على قطعة مسطحة من الحجر ذاته، إذ تدحرج الحجر وتمرره على قطعة تبدو مثل صخور سوداء، وتحاول جاهدة أن تسحنها وتحولها إلى مسحوق ناعم كالطحين. يكفي الوقوف إلى جانبها، والاستماع لما ترويه لزوّار جناحها من الكبار والصغار، إذ تقول، وهي تشير بحركة إصبعها على امتداد عينها: "هكذا كنا نصنع الأثمد (الكحل)، وهذه الحجارة تصمم بشكل خاص لطحنه"، ولكن هذه الإجابة تثير مزيداً من الأسئلة: فما الذي تطحنه بالأصل؟
الأثمد نوع من الحجارة
تقول وهي تنخّل المسحوق: "الأثمد بالأصل نوع من الحجارة يحتوي على معادن مفيدة للعين، وكان الإماراتيون الأوائل يستوردونه من المغرب، وبلاد الشام، واليمن، ويمر بعدة مراحل ليصبح قابلاً للاستخدام، إذ يجب أن ينقع في الماء فترة من الزمن، ثم يطحن، ويضاف له مسحوق بذور التمر المحمصة، والقليل من ماء زمزم، أو ماء الورد". وتتابع: "بعد أن يطحن، يتم تنخيله على قطعة قماش خاصة، بحيث لا ينزل منها سوى المسحوق الناعم جداً، ومن ثم يعبأ في القوارير ويحفظ للاستخدام، إلا أن طرق صناعته وألوانه تختلف من بلد إلى آخر، فهنالك الأسود الغامق منه، وهنالك الرصاصي الذي نستخدمه في الإمارات، ومنه المائل إلى اللّون البني".