المصمّمة ندى دبس: ستبقى بيروت مركزاً للإنتاج الإبداعي

المصمّمة ندى دبس: ستبقى بيروت مركزاً للإنتاج الإبداعي

فرغت المصمّمة اللبنانيّة ندى دبس أخيراً، من العمل على مجموعة خاصّة برمضان، لعلامة "إيكيا" السويديّة. وفي مقابلة مع "سيدتي"، تتحدّث المصمّمة الممتلئة طاقة، عن المجموعة التي ترسل من خلالها تحيّة لممتهني حرفة النقش على النحاس اليدوية، وعن التمسّك بالبقاء في البلاد على الرغم من الواقع الصعب، وعن كيفيّة الإبقاء على بيروت مركزاً للإنتاج الإبداعي؟
نصّ حوار "سيدتي" الشائق مع المصمّمة ندى دبس، في الآتي.

تصوير| فاتشيه أباكليان

 

يحمل التعاون بين "إيكيا" و"استديو ندى دبس"، في جانب منه، تحيّة إلى ممتهني حِرفة النقش على النحاس بوساطة الإزميل والمطرقة اليدويّة 




تعاونتِ أخيراً مع علامة "إيكيا"؛ حدّثينا أكثر عن دمج حِرفة النقش على النحاس اليدوية، بمجموعة صادرة عن علامة سويديّة تعرف بمنتجاتها المينيماليّة؟
كانت "إيكيا" أطلقت في العام الفائت المجموعة الأولى المُسمّاة LJUV (أي "لذيذ" في اللغة السويدية)، نتاج التعاون مع "استديو ندى دبس"، وهي عبارة عن 45 قطعة من إكسسوارات المنزل وأدوات المائدة. ثمّ، رغبت العلامة السويديّة في إعادة العمل على الأواني النحاس ضمن المجموعة، لمناسبة رمضان 2021، وأطلقت اسم LJUVARE عليها. وبالطبع، كان هناك تحدّ في جعل حِرفة الطَرق على النحاس اليدويّة المعروفة في آسيا، وفي منطقتنا العربيّة تحديداً، تحلّ في منتجات علامة ذات عقليّة سويديّة، ولو أنّه ساعدني في الوصول إلى الهدف كلّ من رغبة "إيكيا" في البُعد عن توظيف الأرابيسك التقليدي في العمل، ونشأتي في اليابان حيث تشبّعت بالطراز الياباني الذي يقرب من ذلك الإسكندينافي، لنواحي الأشكال البسيطة والاهتمام بالتفاصيل، ومعرفتي بالثقافة الشرق الأوسطيّة... وبالتالي، أعدت العمل على قطع محدّدة في المجموعة عبر تطويع تقنيّة الطَرق على النحاس في تصاميم معاصرة وجّهت من خلالها التحيّة إلى الحرفيين الذين ما يزالون يقومون بهذا العمل شبه المندثر، كما في منطقة القلمون (شمال لبنان).


سنوات النشأة في اليابان


ماذا بقي من سنوات النشأة في اليابان، في بالك؟
كان لكلّ محطّة في مسيرة حياتي أثر في أعمالي، لكن سنوات النشأة في اليابان علّمتني كيفيّة النظر إلى الأشياء، وتبسيط الأمور، فهذه البلاد معروفة بأنّها تركّز على الجوهر، وفي مجال التصميم تحديداً تتخلّى الأعمال عن الزخرفات إذا كانت لا تخدم فكرة التصميم. وهذا بالضبط ما أقوم به عند الاشتغال في الحِرَف الشرق الأوسطيّة، التي أحاول دمجها في تصاميم معاصرة ذات أشكال بسيطة، الأشكال التي تجذب النظر في الدرجة الثانية، رغبة منّي في تسليط الضوء على الحِرَف بذاتها.

تابعوا المزيد: موضة الموسم الأثاث دائري الشكل

كيف أثّرت هجرة الفنّانين اللبنانين، في إثر انفجار بيروت صيف 2020، على المشهد الإبداعي؟
صحيح أنّ هناك هجرة من بعض المصمّمين، لكنّي أعتقد أن انتقالهم سواء إلى دول عربيّة قريبة أو إلى أخرى أوروبيّة يجعل منهم أفراداً ضمن مجموعات كثيرة العديد من المصمّمين. بالمقابل، ما يزال المصمّمون المبدعون داخل البلاد، ولو أنّهم ينازعون، لأنّهم يفتقدون إلى من يطلب أعمالهم. علماً أن هذا الوجه (الإبداع) من وجوه اللبنانيين ليس عامّاً في الشعوب. وسواء تعلّق الأمر في الخياطة الراقية (هوت كوتور) أو في فنون الطعام أو في الديزاين، فإن هناك ما يذهل، بخاصّة لناحية الذكاء في دمج الأفكار والتفنّن والدقّة. أسافر في استمرار لأغراض العمل، ولا أرى هذه الطاقة الإبداعيّة في أي مكان آخر، لذا على الفنّانين أن يتمسّكوا بذلك. وهذه نقطة قوّة، يدعمها موقع البلاد الجغرافي على مفترق طرق بين الشرق الأوسط وأوروبا. وفي هذا الإطار، وعلى الرغم من الأوضاع العصيبة التي نعيشها بصورة يوميّة، أحاول أن لا أستسلم أو أفقد الأمل...

عرف "استديو ندى دبس" أضراراً جسيمةً جرّاء انفجار بيروت؛ ما هي انعكاسات حالة البلاد المتوترة على نتاجك الفني؟
في اليوم التالي لانفجار مرفأ بيروت، سارعت مع فريق العمل إلى رفع الدمار عن "الاستديو"، والعودة إلى الميدان؛ ففي بالي دائماً فكرة أن هناك أناساً كثيرين يعاونونني في الإنتاج الإبداعي، وهم في حاجة إلى أن يبقى "استديو ندى دبس" قائماً، وبخاصّة الحرفيين أساس المهنة. الحرفيّون الذين يكدّون، وأقدّر أعمالهم للغاية. لذا، أجهد في جعل عمليّة الإنتاج لا تبرح بيروت، ولو أني في بحث دائم عمّن يهتمّ في هذا الإنتاج الإبداعي في الدول العربيّة والأوروبيّة، بالإضافة إلى البحث عن حرفيين جدد، للحفاظ على المهن اليدوية في التصميم من الاندثار.

 



هل يمكن الحديث عن مستقبل للتصميم والديزاين بعد جائحة "كورونا"؟
أرى أنّ المصمّمين الداخليين المبدعين سيعرفون مستقبلاً باهراً؛ من ناحيتي حفّزتني الجائحة على إعادة التفكير في كيفيّة استخدام أغراض المنزل، سواء تعلّق الأمر بطاولة فيه أو بأدوات الطعام... بخاصّة في ظلّ الحجر الوقائي الذي ألزم الناس على عدم مبارحة مساكنهم، والتعلّق فيها، وبالتالي طلب خدمات المصمّمين حتّى يؤمّنوا لهم كلّ ما ينقص فيها. وفي هذا الإطار، ترد إلى "استديو ندى دبس" أخيراً طلبات كثيرة متعلّقة في تصميم طاولات الأكل، وذلك لاجتماع العائلة وقت الطعام، أو لاستضافة أشخاص قليلين إلى المأدبة.



المقعد حصوانيّ الشكل


Crafted Pebble Seats: انطلقت ندى دبس في العمل، من تصميم كانت أعدّته من قبل هو الـ"بوف" حصواني الشكل، ومن فكرة مفادها أن الناس تحبّ الأثاث المتحرّك، بالإضافة إلى اهتمام المصمّمة بالمفروشات القابلة للتكيّف مع حاجة كل إنسان مهما كانت متغيّرة عن الآخر، والمقعد قابل أيضاً للتفصيل حسب رغبات كل شخص. وبالتالي، هي أضافت إلى الـ"بوف" مسند ظهر من الخشب الماهوغاني، مع فتحة صغيرة فيه، ما سمح بحمل المقعد غير الثقيل للغاية، ونقله.

تابعوا المزيد: المصمّمة رولا عادل: اهتمام الشباب بالهندسة الداخليّة "أونلاين" إلى ازدياد