المصمّمة علا عابد: هدفي الابتكار بعيداً عن أي تيّار

كلّ مشروع من مشاريع مهندسة الديكور السعودية علا عابد، سواء تعلّق بالسكن أو بالتجارة أو بالمفروشات، هو مشروع خاص بشاغله (أو بمستخدمه)، يعبّر التصميم فيه عن نمط عيشه... وبالتالي، الوظيفيّة هي محرّك الأعمال التي تحمل توقيع عابد، من دون الإغفال عن عنصري الفخامة والجاذبيّة. تعدّد المحطّات التي عاشت فيها نتيجة عمل والدها، دفعها إلى الاطلاع على ثقافات مختلفة، وجعل التصميم الداخلي الفاخر مرمى لها، بعيداً عن السير في ركب طراز ما أو اتباع قواعد مدرسة بحذافيرها.. نصّ مقابلة "سيدتي" مع علا عابد، في الآتي.

تصوير| سمر جبر


في بعض المشاريع السكنيّة التي أشرفتِ عليها، يلفت كيف أن الأشجار تعيش في محيط خرساني، وأن قضبان الأشجار تتفرّع من مقاعد الـ"بوف"؟
الطبيعة هي أساس حياتنا ومحيطنا، وأكبر مصادر الإلهام لي؛ لذا أحرص عند استهلال أي مشروع أن أنصت لعميلي لأستقي الأفكار منه (أو منها). وفي غالب الأحيان، عندما أشرع في البحوث، بناء على تفضيلات العميل، أجد نفسي أستلهم الأفكار من الطبيعة. بحوثي تقوم على نظريّات علميّة، وعلى معادلات وفيزياء، والتي هي في آخر المطاف عوامل طبيعيّة، أيضاً.


اختبار المواد


هل التصميم الفخم يتعلّق باستخدام مواد محدّدة أو أشكال معينة أو طراز بذاته أو ألوان؟
لا أستطيع أن أحدّد الخامات التي أستخدمها في المشروع، سواء كان سكنيّاً أو تجاريّاً؛ فكما أسلفت أن الخامات والأفكار كلّها مستلهمة من الجلسات مع العميل والبحوث التي أقوم بها نتيجة هذه الجلسات، التي تفرض عليّ الأشكال والخامات التي سأستخدمها في التنفيذ، مع محاولة تقديم صورة متكاملة ومتجانسة تعكس فكرة المستخدم. ولكنّني، وفي أحيانٍ كثيرةٍ، لا أكتفي بما هو متوافر من مواد جاهزة، بل أبتكرها. لديّ معمل صغير أصول فيه وأجول، وأقضي وقتاً طويلاً هناك في اختبار المواد، وفي إجراء التجارب.

تابعوا المزيد: الألوان الداكنة في ديكورات غرف النوم

هل يتفق النحو إلى "المينيماليّة" في تصاميم الشقق السكنية وديكوراتها، مع الفخامة التي تميّز أعمالك؟
يعتمد الأمر على رأي العميل في الطراز المرغوب في مساحته، ولو أنّي أميل إلى البساطة المبتكرة. صحيحٌ أنّي أرغب في أن أصمّم مساحات أنيقة و"مينيماليّة" الطراز، لكنّي أحبّ الابتكار من جهةٍ ثانيةٍ، بعيداً من السير في ركب أي تيّار. أستلهم خلال فترة البحوث الأوّلية بغية بناء أفكار مبتكرة، بالشكل الذي يناسب العميل ويناسبني.

 

 


دروس وخبرات


هل يمثّل العمل على مشروع محدود المساحة تحدّياً؟
هو تحدّ بالفعل؛ أعمل حاليّاً على تصميم شقة ضيّقة للغاية، وتصوّر العميل لها واضح، ولكن قد يخيل لأي شخص أنّ هذا التصوّر مستحيل للوهلة الأولى! متطلّبات العميل قابلة للتطبيق عند التفكير بطريقة مغايرة عن العادة. وبالطبع، تساعد الخبرة الطويلة في طريقة النظر إلى الأمور، فكل يوم في العمل في مجال التصميم مليء بالدروس، ومكسب للخبرات.

 


هل قطعة المفروشات هي عبارة عن شكل جذاب للعين أولاً أم وظيفة أم شيء آخر؟
هي وظيفة أولاً؛ فالمفروشات تقدّم الحلول لحياة أكثر راحةً، اليوم، وكيف تكون الحياة سهلةً، إن كانت قطعة المفروشات غير موظّفة بالشكل المطلوب؟ وبعد الوظيفة، يأتي دور الشكل الجذّاب. لكنّي، عند تصميم المفروشات أفكّر في الشكل الجمالي والوظيفة في آن واحد؛ أقوم بطباعة القطعة بالأبعاد الثلاثة (ثري دي) للتأكد من الوزن، ثم أقدمها لمهندس المفروشات في مكتب الشركة في إيطاليا بغية صنع نموذج مصغّر عنها (يوازي حجم النموذج نحو ثلث الحجم الأساسي) بالخامات المعتمدة، وذلك للتأكد من جودتها. وبعد ذلك، تصنّع قطعة المفروشات إذا لم أجد أي مشكلات هندسيّة أو وظيفيّة فيها.


مصمّمو الديكور هم رواة للقصص على طريقتهم؛ هل تؤمنين بذلك؟
بالفعل؛ أعتقد أنّ المصمّم يقصّ قصّة العميل من وجهة نظره، ولكن الأوّل لا يكتفي بالقصّ، وإنّما يعدّ مساحة يستشعرها أي شخص يدخلها، فيصبح عند الأخير تفسير "شخصي" للقصّة (المساحة). إذاً، هي قصّة تولّد المشاعر، عن طريق الألوان المختارة لها، والإضاءة، والخامات، والروائح... وكلّها يؤثر في النفس بطريقة معينة ومدروسة من المصمّم. في هذا الإطار، يحثّني علم نفس المساحات ومدى تأثير هذه الأخيرة في الأفراد على التفكير مليّاً في المشاعر التي أريد أن أحفّزها في أي مكان أقوم بتصميمه.


استلهام من جزر الأزور


ما هي القصّة الكامنة خلف تصميم "أوستريكا"؟ 
لـ"أوستريكا" ذكرى جميلة وخاصّة لي؛ بطل القصّة هو زوجي الذي أصرّ على أن يصحبني إلى جزر الأزور في وسط المحيط الأطلسي، حيث يذهب في كل عام للصيد والاستجمام. وعندما التحقت به، لاحظت كأنّي في جنّة على الأرض.. "أوستريكا" مستوحاة من فطر المحار الذي ينمو على الأشجار في غابات الأزور؛ أتذكّر أنّي أمضيت وقتاً طويلاً في رسم هذا الفطر، وتصويره. وبعد أكثر من سنتين، طلبت مني عميلة تصميم مكتب لها، و عندئذ استرجعت الصور من الأرشيف، واستلهمت منها التصميم.
تصميم "أوستريكا" المبدئي لم يستغرق سوى ساعتين، لكن الرسومات التفصيليّة والاختبارات وطباعة الـ"ثري دي" وصناعة القالب تطلّبت أكثر من ستّة أشهر، مع الإشارة إلى أن كلمة "أوستريكا" تعني المحار باللغة الإيطاليّة، علماً أن إيطاليا هي مكان تصنيع هذه القطعة القريبة إلى قلبي.

تابعوا المزيد: ديكور طاولة الطعام في رمضان بين الكلاسيكية والمعاصرة