كاتبات شابات: كيف سيفهم الناس كتاباتنا وماذا سيقولون؟

عندما تجتمع الكاتبات الصغيرات، هناك أثر لا بد أن يتركنه في عالمهن، الذي يبدأ صغيراً ثم يكبر، وهنّ يقتبسن من حياتهن، وتفاصيل حياة الآخرين، التي يوصلنها إلى الآخرين عبر رسائل متأصلة في البيئة الثقافية، لا يخترقن فيه تقاليدهن الدينية والمجتمعية المبنية على حب تطوير الذات، والبحث عن الفرص... وضع بعضهن لمستهن المتمردة عندما تلمّسن صداقة للقلم.. وعدنه بالاستمرار، ووعدهنّ بمستقبل لا مفر للوصول إليه، عبر زمان يشبه النسيج القابل للتمدد، وقد يرفع قبعته لقوى الجاذبية. 5 كاتبات إماراتيات صغيرات، بعضهن أطلقن كتابهن الأول في سن مبكرة، وأخريات ينتظرن الحصاد، التقتهن «سيدتي»، للكشف عن خبايا أوراقهن الأولى وعلاقتهن بالقلم.

 

 


ملاحظة: تم التصوير في مكتبة الشيخ محمد بن راشد

 


مريم الساعدي:

 

مريم الساعدي

 

مريم الساعدي: أبحث عن قوتي في أبسط التفاصيل المحيطة بي؛ لأنني أستحقها




أحب التحكم في شخصيات قصصي كحجر الشطرنج


تدربت مريم الساعدي، طالبة تخصص هندسة كيميائية على الكتابة؛ لأنها تحب تطبيق ما تقرأة منذ كانت في سن الـ 15. رجعت إلى علاقتها بالقلم، وتذكرت ذلك الصندوق الذي تضع فيه أفكارها لفترة قد تنساها، ثم تفتحه لتجدها مزدحمة، تدفعها مرغمة للكتابة، تتابع مريم: «كنت أكتب الخواطر، وحالياً أميل إلى القصص القصيرة، التي أحب التحكم في شخصياتها كحجر الشطرنج، لكن الرقعة تظل واقعية بتفاصيلها».

تطرقت مريم إلى مواضيع الفقر، التي تأثرت بها عبر السوشيال ميديا، وكل ما كتبته كان بتشجيع من معلماتها اللواتي احتفظن بكتاباتها، وطالما ناقشن أساليبها التعبيرية، ومواطن ضعفها، تستدرك مريم: «في البيت اكتشفوا موهبتي بشكل متأخر؛ لأنني كنت أخفيها عنهم».


فكّرت بالتراجع!


أول عبارة كتبتها مريم، ولفتت أنظار من حولها إليها كانت في حفل تخرج في الثانوية تتذكرها قائلة: «يقولون الأم جنة.. عجباً أو ليست تحت قدميها».

فكرت مريم بالتراجع، خاصة عندما دخلت المجال العلمي، أو لأنها خافت من التفسير الخاطئ لعباراتها، تتابع قائلة: «أحياناً الجملة تصلح لتفسيرات عدة».

مريم التي تبحث عن قوتها في أبسط التفاصيل المحيطة بها؛ لأنها تستحقها أكثر من أي وقت مضى، كما تقول، تطمح إلى الوصول أكثر إلى قضايا الفقر والحروب والتشرد، لتصورها في كتابها الأول. تعلّق قائلة: «عنوانه يؤلمني»!

تابعي المزيد: في يوم المرأة الإماراتية الكاتبة أسماء المطوّع: أتصور أديبات المستقبل أكثر انفتاحاً


موزة عمران:

 

موزة عمران

 

موزة عمران: إن فشلت فانهضي ولا تقبلي بنصف حياة




أصعب ما في الكتابة أنها تذكرني بأشياء أريد أن أنساها


كانت مجرد تساؤلات طرحتها على نفسها، تلك الشابة الصغيرة، التي تبحث إمكاناتها في الكتابة والأدب، لكن وفاة خالها، هي التي شحنت قدراتها الإبداعية، هذا ما تؤمن به موزة عمران، خريجة «آي تي سيكيورتي»، وتابعت: «اكتشفت عدم قدرتي على الكتابة في حالة الفرح؛ لأنه شيء نعيشه فقط، إلا أنني عندما فقدت خالي، الذي كان في عمري ثقلت الكلمات المؤلمة على قلبي، ولم أجد إلا القلم صديقاً كي أخرجها».

صديقات موزة هنّ اللواتي دعمن هذا القلم بين يديها، كما تقول، لكنها عندما دخلت دورة لوزارة التسامح عن نشاط قصص الأطفال، وجدت الدعم الكافي من والدها لنشر كتابها الأول وكان بعنوان: «أول كل الأشياء».


هدفي طرح روايتي


لا تتذكر موزة أولى عباراتها التي كشفت عن موهبتها، علّقت قائلة: «هي عبارة كانت تلامس الألم والفراق.. فأصعب شيء في الكتابة أنها تذكرني بأشياء عليّ أن أنساها، لكنني عندما أغوص بين الأسطر أستعيد كل الذكريات»!

موزة تلازم قلمها وأوراقها لتحقيق هدفها بطرح روايتها الأولى للقرّاء، تكشف قائلة: «عندما أتمكن من ربط الأحداث ببعضها، سأصدر روايتي، لذلك أطلب من كل فتاة إماراتية أن تجازف وتخاطر، وإن فشلت لتنهض مرةً أخرى، وأن تحيا من أجل ما تؤمن به ولا تقبل بنصف حياة».

تابعي المزيد: الأديبة شيماء عيسى الوطني: المرأة في القصة البحرينية لها حضور مميز


شيخة الحمادي:

 

شيخة الحمّادي

 

شيخة الحمادي: خرجت كتاباتي من شرائط الطالبات المدرسية على شعورهنّ المنسدلة




إلى كل العثرات السابقة أهدي نجاحاتي القادمة


بدأت قصة الكتابة مع شيخة الحمادي، خريجة هندسة كيميائية، في سن مبكرة، مع أول نص شعري مهدى لأمّها، تتابع قائلة: «كنت في الـ 13 من عمري، لم أفكر أن القلم يدفعني لإخراج ما في داخلي، لم أستمع لأزيزه، فابتعدت عنه، ثم عدت إليه في المرحلة الثانوية، وحاولت كتابة الرواية في الصف العاشر، لكنني توقفت، ربما لأنني كنت أبحث عن النضج في الكلمات».

خرجت نصوص شيخة من المقاعد المدرسية، وشرائط الطالبات على شعورهنّ المنسدلة في المدارس، تستدرك قائلة: «في عائلتي كان شيئاً جديداً»!


حبكتي وندمي


لم تفكر شيخة بالتراجع، لكنها لم تستوعب أنه من الممكن الدخول إلى هذا المجال، تستطرد قائلة: «ربما لأننا نعيش في مجتمع محافظ، يتساءل عن الفتاة التي تظهر، اكتشفت بعدها أن مخاوفي كانت بيني وبين نفسي وأنا التي حبكتها، لذلك ندمت لاحقاً أنني لم أكتب منذ البداية».

شيخة التي تهدي نجاحاتها القادمة، إلى كل العثرات السابقة، نشرت رواية بعنوان: «هنّ» تحكي قصة كفاح شابة طموحة، أعادتها المشاكل إلى ما قبل الصفر، تتابع شيخة: «في البداية أحجمت عن نشرها خوفاً من الانتقادات، لكنني فوجئت برسائل القراء الإيجابية التي ما زالت تصلني».

تابعي المزيد: أغرب طقوس الكتابة عند أشهر الأدباء


مارية بن كرم:

 

مارية بن كرم

 

مارية بن كرم: أعرف نقطة في بحر، وأحتاج إلى التعلم وأن أغلط أكثر كي أتعلم




«الكلمة تدمّر والكلمة تعمّر»!


بدأت مارية بن كرم، خريجة إعلام تطبيقي، بالكتابة عندما كانت بعمر العاشرة، كانت شخصية كتومة، لا تحب إظهار أحاسيسها لمن حولها، تكتب عبارات متفرقة عن محيطها، وكل مساء، تجمع كتاباتها في دفاتر، تخبئها في صندوق من خشب الصندل، داخل غرفتها، تفوح منه رائحة العود والعنبر.

بدأت مارية بكتابة الشعر النبطي، للتعبير عن الألم، من دون أن تجعل من حولها يشعرون بميولها، تتابع قائلة: «يوم طبعت كتابي الأول بعنوان «بداية النهاية»، وهو عبارة عن نصوص أدبية، أصيب من حولي بالصدمة لأنني أخفيت الأمر عنهم».

الكتاب الثاني لمارية كان بعنوان: «لم أجد طريقاً»، تعلّق قائلة: «هي نصوص تحكي الإيجابية والسعادة والفرح والحزن، أضع فيها نفسي مكان الشخص الذي يمر بالموقف وأترجم أفكاره».


ولادة الأفكار


تطمح مارية إلى كتابة رواية واقعية تحكي قصصاً حقيقية عما حولنا، لكنها تجد صعوبة في ولادة الأفكار، تستدرك قائلة: «الأصعب كيف أعبر عن الأفكار لأوصلها إلى القارئ، بكلمات تسكن قلبه وعقله، حتى اسم الكتاب لا بد أن يكون له علاقة بمستواه الفني، فأنا من أؤمن بعبارة: «الكلمة تدمر والكلمة تعمر»!

تتوقع مارية لمستقبلها ما هو جميل: «أعرف نقطة في بحر، وأحتاج إلى التعلم وأن أغلط أكثر كي أتعلم، لكنني أتوقع أن يكون لي مستقبل جيد في الكتابة، خاصة أنني لم أستخدم السوشيال ميديا كي أظهر، فالكتاب هو الذي يبرزني وليس أنا من أبرزه».

تابعي المزيد: الكاتبة بشائر محمد: الرواية فن اجتماعي بامتياز!


حمدة سالم:

 

حمدة سالم

 

حمدة سالم: في الكتابة يفتح باب انتقاد للتفكير والكلمات على مصراعيه




«انظر أعمق مما تَظُن، وأوضح مما تَرى»


على الرغم من أن لغتها العربية ودائرة مفرداتها كانت ضيقة وركيكة، كما تقول، فإن حمدة سالم، بكالويوس إعلام وصناعات إبداعية، صديقة قلم مُنذ صغرها، تكتب حتى لو كانت سطوراً قليلة، تعلّق قائلة: «ذلك أني وعَدت نَفسي أن القلم سيكون هو صَديقي المُقرب وصوتي الثَّاني». لم تكن تعرف حمدة أن الكتابة ميول ونوع من أنواع الفَن، لكنها عندما تعمقت فيها واكتشفت أساليبها المختلفة للتعبير والسَرد، وبدأت طريقها بنفسها، إلى أن وصلت إلى نَشر الكتاب، تعلّق: «كانت لحظة صادمة لجميع من حولي».

حمدة التي تردد: «انظر أعمق مما تَظُن، وأوضح مما تَرى»، لم تفكر بالتراجع فَقط من الميدان الأدبي، بل بالانسحاب التام؛ لأنه كما تقول: «صعب جداً أن تكمل وأنت تفكر بـ كيف سيفهم الناس، وماذا سيُقال عنك عندما تعلن كلماتك لهم.. معاناتك.. ببساطة لقد فتحت باباً ينتقد تفكيرك وكلماتك على مصراعيه، وربما لن يُغلق أبداً».

الصعوبة في الكتابة كما تجدها حمدة، وقد عانتها عندما أصدرت كتابها «كنف»، الذي استهلكها فيه لساعات جمل البداية، لتربط أساس السلسلة، تتابع قائلة: «أجد نفسي مستقبلاً، كاتبة قصص بوليسيَّة ودرامية، أمَّا على الصَعيد الشخصي، فبإمكانكم أن تطلقوا عليّ لقب (الجوكر)؛ لأن لدي خبرات مختلفة في المجال الفَني وأينما أتواجد أصنع نتائج إيجابية مع الجميع».

تابعي المزيد: صورة الرّجل في الإبداع النسائي مزيجٌ من المعانقة والتفهّم وخيبات الأمل