فنان يوثق عبر النماذج المصغرة مشاهد من ثقافة "الهيب هوب" 

صورة تعبيرية
hand-holding-little-tiny-autumn-leaf-over-calm-wat-2022-11-16-17-38-58-utc

لم يكن الأمريكي داني كورتيس في الأصل فناناً، لكنّ الجائحة غيّرت حياته ، ودفعته إلى التركيز بجدية أكبر على هوايته لتحويلها مصدر رزق، بعدما عمل في مجال التجارة والبناء وكذلك في مأوى للمشردين. وما لبث أن انطلق في هذا المجال عندما نشر للمرة الأولى صوراً لإنتاجه على الشبكات الاجتماعية. فشركة "ماس أبيل" للإنتاج الفني التي يُعتبر نجم الراب ناز من وجوهها، طلبت منه نموذجاً مصغراً عن جهاز الراديو وتشغيل أشرطة الكاسيت لغلاف ألبوم لمغني الراب "دي جيه بروميير" بعنوان "هيب هوب 50: فوليوم 1". ووفقاً لموقع ( abc.net) برع الفنان داني كورتيس في تحويل مشاهد ومعالم مأخوذة من الحياة اليومية في نيويورك، ومطبوعة بثقافة الهيب هوب فيها، إلى نماذج مصغّرة، وقد تطوّرت هوايته هذه، بفضل نجاحه، فارتفع سعر منتجاته وباتت مطلوبة من نجوم الراب، ومحوراً لمزاد علني لدى "سوذبيز". يقول داني كورتيس :البالغ 42 عاماً، لدى جلوسه وسط خردوات شتى في الاستوديو الخاص به في بوشويك، إحدى مقاطعات بروكلين " نحن نبقى أطفالاً طوال حياتنا (...) من منا لا يحب الألعاب؟ من لا يحب المنمنمات؟". على طاولته، عمل قيد التنفيذ هو نسخة طبق الأصل لواجهة من أحجار طوب باهتة وقذرة. وبالقرب من النوافذ، صندوق بلاستيكي يُستخدم سلّة لرياضة كرة السلة. ويوضح الفنان الأربعيني، خلال العمل بمادة البوليسترين "هذا يمثل طفولتي (...) كل شيء كان يبدو على هذا النحو، مهجوراً، وفارغاً"، "كانت المخدرات منتشرة بشدة في الحي". ومن إبداعاته الحديثة الأخرى، مطعم صيني متواضع ذو لافتة صفراء تالفة وجدران من الحجر البنفسجي والأحمر تنتشر كتابات على جدرانها.

داني معتمراً قبعة

وأمام المؤسسة - الحقيقية - لا يزال داني كورتيس، معتمراً قبعة فوق وجهه المستدير ومرتدياً سترة سوداء، يستذكر بابتسامة كيف أن مغني الراب في نيويورك جويل أورتيز، الذي نشأ في مكان قريب، أراد اقتناء المجسم مهما كلف الأمر. وقد عرض أورتيز شراءه لقاء "10 آلاف دولار"، على ما يستذكر كوريتس قائلاً "بعت أول قطعة لي بمبلغ 30 دولاراً وكنت سعيداً جداً". يصنع الفنان قطعاً للجمع مستوحاة من أماكن حضرية عادية، "تلك الأشياء الصغيرة التي نمر بها كل يوم"، والتي ينتهي بنا الأمر إلى نسيانها، لكنها تشكل المناظر الطبيعية للمدينة الكبرى. ومن أولى القطع التي ابتدعها الفنان نموذج مصغّر طبق الأصل من ثلاجات مكعبات الثلج البيضاء التي تحمل كلمة "آيس" (ICE) وتنتصب على أرصفة الكثير من متاجر البقالة، وغالباً ما تغطيها كتابات الغرافيتي الجدارية والأوراق اللاصقة أو الملصقات الكبيرة التي حرص كورتيس على إبرازها بفرشاته. وفي مجموعته أيضاً شاحنة الآيس كريم التي درج صغار نيويورك على التهافت إليها فور سماع موسيقاها والتي ظهرت في فيلم "دو ذي رايت ثينغ" لسبايك لي عام 1989. وإذا كان كورتيس يستعيد في قطعه المصغّرة مشاهد راسخة في ذاكرة النيويوركيين وتثير حنينهم إلى الماضي، فهو يضيف عليها أيضاً نماذج صغيرة لأشهر مغنّي الراب المحليين من أمثال نوتوريوس بيغ، أو وو تانغ كلان.

فنان المنمنمات الذي كان مندوباً للمبيعات والبناء

قبل أن ببحث عنه أخد كفنان منمنمات الشوارع ، عمل داني كورتيس في المبيعات والبناء. لم يكن كورتيس دائماً فناناً - فقد عمل في المبيعات والبناء وفي مأوى للمشردين. لكن الوباء غير حياته ، ودفعه إلى أخذ ما كان هواية ممتعة على محمل الجد. قال إنه بعد أن عرض إبداعاته الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي ، "انطلق للتو". قامت شركة Mass Appeal الفنية ، التي تشترك مع أسطورة الراب ناز ، بتكليفه بعمل نموذج من لعبة ghetto-blaster boombox لغلاف ألبوم صغير من تأليف DJ Premier (Hip Hop 50: Vol. 1). في مارس 2022، تم بيع أربعة من أعمال كورتيس في مزاد الهيب هوب في دار سوذبيز. وكان من بينهم شاحنة لبيع الآيس كريم وصل سعرها إلى 2200 دولار أمريكي. وقد تفرع، وقام ببناء نسخة طبق الأصل مصغرة لمطعم أتلانتا لمالكها، مغني الراب 2 تشينز.

الكثير من التغيير

لكن قلب كورتيس لا يزال في بروكلين، كما تشير مونيكا لينش، الرئيسة السابقة لشركة تومي بوي للتسجيلات والمستشارة في مزاد سوثبيز للمزادات. وقالت: "لقد استحوذ حقاً على الجو القاسي والشجاع الذي كان مسقط رأس الكثير من موسيقى الهيب هوب في التسعينيات". يحب داني كورتيس أن يبني إبداعاته على "الأشياء الصغيرة التي نمر بها كل يوم". من خلال عمله، قال كورتيس إنه يريد توثيق مكان "يوجد فيه الكثير من التغيير" ، ولا سيما حي بوشويك الذي يعيش فيه. الآن لغة عصرية تفضلها الأنواع الفنية، فهي أيضاً رمز للتحسين - لكن كورتيس قال إنه موافق على ذلك. وقال: "أعتقد أنه أمر جيد، وأعتقد أنه أكثر أماناً، على الرغم من أن بوشويك سيكون دائماً بوشويك".