خبيرة الفن والتراث ومؤسسة مبادرة زَي الدكتورة ريم المتولي: نعمل على إطلاق أول معرض مُتحفي رقمي يختص بأزياء الوطن العربي

خبيرة الفن والتراث ومؤسسة مبادرة زَي ..الدكتورة ريم المتولي
خبيرة الفن والتراث ومؤسسة مبادرة زَي ..الدكتورة ريم المتولي

مؤلفة وناشرة، تتمتع بخبرة تزيد على 40 عاماً في مجالي الفن والتراث.. مستشارة في العمارة الإسلامية والهندسة الداخلية والفنّين العربي والإسلامي وتراث الإمارات، قيّمة ومقتنية أعمال فنيّة وتراثية أسست مُبادرة زَيّ التي تعمل على تعزيز فهم تطور الثقافة الإقليمية وبناء الوعي العام بها، وتقدير التراث الفريد الموجود فيها، والوصول إلى الأفراد والمؤسسات ذات الصلة، وطنياً، وإقليمياً، وعالمياً. إنها الدكتورة ريم طارق المتولي، التي تحمل بكالوريوس هندسة ديكور داخلي - الولايات المتحدة الأمريكية. أما حياتها المهنية فكانت مع افتتاح المجمّع الثقافي بأبوظبي في بداية الثمانينيات.. نظمت الكثير المعارض الفنية الكبرى والبرامج الثقافية المتميزة فيه، وقامت بتأليف والإشراف على العديد من المؤلفات. تستثمر د. ريم في مجموعة من الملابس التراثية التاريخية منذ عدة عقود. ويعتمد جوهر مجموعة زَيّ على الملابس التقليدية الإماراتية، بالإضافة إلى أمثلة من دول عديدة أخرى. «سيدتي» التقت الدكتورة العراقية ريم المتولي، لتطلعنا على تفاصيل تلك المبادرة الفريدة، وتحدثنا عن مسيرتها الطويلة في هذا المجال المهم.


حوار I لمى الشثري Lama AlShethry
إشراف وتنسيق | رنا الطوسي Rana Al Tousi
مساعدة تنسيق | Icho Ducao Maestrado
تصوير فوتوغرافي | Jeremy Zaessinger
عارضة أزياء | Brysa لدى MMG Model
مكياج | رولا السمان Rola Alsaman
موقع التصوير | 8th Street Studios بدبي

 

تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2197 من مجلة سيدتي

معطف د. ريم المتولي من الحرير الهندي مطرز يدوياً من تصميم رائول مزرا
وفستان العارضة كرتة سفلي من مكة المكرمة من الحرير الهندي المشغول بخيوط الزري "الكنتيل" الذهبية والفضية من العام 1988، فوقه لباس علوي "ثوب نجدي/ ثوب منيخل" مزين مع ذيل من العام 1950. وكلاهما من مبادرة زيّ

عبر توثيق الملابس نستطيع معرفة عدة أمور مهمة، من بينها تكيّف الإنسان مع بيئته ومدى استفادته من الطبيعة المحيطة


حدثينا عن البدايات.. كيف بدأ شغفك بمجال الأزياء التراثية التاريخية؟
أنا زوجة وأم، عراقية المولد، بريطانية المنشأ، أميركية الثقافة، كندية الهوية، إماراتية الهوى.. قادني حبي ودراستي وعملي في مجال الفن والعمارة والتراث إلى إحياء الأزياء التقليدية بهيئة متجددة، وأثرى حرصي على جمع الملابس والقطع القديمة والقيمة في آن معاً، وجعلني أفكّر جدياً بضرورة توثيق الملابس العربية التقليدية أسوة بالتراثين المادي والمعنوي، فعبر توثيق الملابس نستطيع معرفة أمور مهمة عدة، من بينها تكيّف الإنسان مع بيئته، ومدى استفادته من الطبيعة المحيطة به، وتطويعها، في صناعة الملابس والابتكارات التي حققها على مستوى صناعة الأنسجة وتطور آليات خياطة والتطريز، إضافة إلى تأثير الجغرافيا والسياسة في صناعة الملابس. وسبق إطلاق مبادرة زَيّ خطوات عدة، منها مشوار طويل في بناء الحركة الفنية منذ نشأتها في دولة الإمارات، من خلال المساهمة في بناء المجمع الثقافي بأبوظبي، الذي كان أول منارة للثقافة والفن في الإمارات في الثمانينيات، إضافة إلى رسالة دكتوراه في الفنون الإسلامية والآثار من جامعة SOAS، التي تعدّ معقلاً للدراسات الأفريقية والآسيوية، فضلاً عن إصدار كتب عدة في الفن والعمارة والتراث، منها عام 2011 كتاب (سلطاني: تقاليد متجددة – بحث في أزياء دولة الإمارات العربية المتحدة خلال فترة حكم الشيخ زايد بن سلطان 1966–2004)، الذي أصبح الآن مرجعاً تأريخياً متوافراً في كثير من الجامعات والمتاحف العالمية.
في عام 2019، وُلدت مُبادرة زَيّ التي تسعى إلى تحقيق خطى ناجحة في مجال حفظ التراث المادي في مجال تعزيز فهم تطور الثقافة الإقليمية، وبناء الوعي العام، وتقدير هذا التراث الفريد، والوصول إلى الأفراد والمؤسسات ذوي التفكير المماثل على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. باختصار، مُبادرة زَيّ هي تتويج لشغفٍ واهتمامٍ شخصي بالفن والتراث عموماً، والأنسجة والأزياء والحُلي خصوصاً، وتهدف إلى تعزيز فهم تطور ثقافة العالمين العربي والإسلامي.

مُبادرة غير ربحية
ما أهداف مبادرة زي؟

(زَيّ) معجميّاً هو اسم، والمصدر (زَوَى). والزِّيّ: هو الهيئةُ والمنظر، وهو طريقة لِباس خاصَّةٍ بِبلدٍ أو بعَصْرٍ.
مُبادرة زَيّ مُبادرة غير ربحية أطلقتها وسجلتها في بريطانيا عام 2018، وحققت بفخر على الرغم من الجائحة خطوات تأسيسية جبارة في غضون سنين تُعد على الأصابع! ومُبادرة زَيّ تهدف إلى الاحتفاء بالتراث العربي والإسلامي ممثلاً بالأزياء من خلال جمعها وتوثيقها والحفاظ عليها، وتعزيز الفهم بتطور ثقافة وتراث المنطقتين العربية والإسلامية، وبناء الوعي العام لتقدير هذا النوع من التراث الإنساني الفريد من خلال طرائق ووسائل عدة، إضافة إلى دعم إنشاء مبادرات مشابهة في الهدف والمسعى، بهدف الترويج للتاريخ العربي-الإسلامي بشكل حضاري وخلّاق، وبما يحقق المنفعة المتبادلة والتعاون بين المبادرة وجهات أخرى.
وكذلك تتويج جهود مهمة سبقتنا في هذا المجال قام بها أفراد من قبلنا، على سبيل المثال وليس الحصر من أمثال الست وداد قعوار (فلسطين)، أو فريال الكيل دار (العراق)، أو د. ليلى البسّام (المملكة العربية السعودية)، أو شهيرة محرز (مصر)، لتوثيق ما هو موجود في العالم العربي من أزياء قديمة، وما يرتبط بها من خامات ومفردات وطرائق تفصيل، سواء تلك التي اندثرت أو تلك التي ما نزال نجدها في المدن أو الأرياف والمناطق النائية.
وفي سنوات قليلة من خلال مُبادرة زَيّ، تم جمع وحفظ أكثر من 2000 قطعة من مختلف أنحاء العالم العربي، بكل ما فيه من تنوع عرقي وإثني وحضاري، إلى جانب قطع من الثقافات المجاورة، كالهندية والفارسية والصينة والتركية العثمانية، التي تمثل الدول الواقعة على طريق الحرير، والتي أسهمت في التبادل المعرفي والحضاري والثقافي.
وخلال فترة وجيزة، بدأنا بتحقيق جملة أهدافها التي تتمثل في:
• جمع الأزياء العربية وأدوات الزينة والحليّ التراثية والتاريخية وتوثيقها وحفظها.
• تقديم وعرض سياقات الأزياء التراثية من خلال أرشيف رقمي ومدونة إلكترونية.
• تشجيع الحوار بين الثقافات لتسليط الضوء على قيمنا الإنسانية المشتركة.
• بناء الوعي العام، وتصويب الصور النمطية السائدة عن المراءة العربية والمسلمة، وتحفيز الآخرين على تقدير هذا التراث الفريد، من خلال تجسيد الصورة الواقعية للمرأة العربية على الأخص، عبر تسليط الضوء على الأدوار والإنجازات الحالية التي تقوم بها النساء في عالمنا العربي.
• إلهام وتثقيف المصممين من أجل خلق مستقبل مستدام.
• تمكين المرأة إقليمياً وعالمياً عبر سرد حكاياتها التي لم تُروَ بعد.

 

وفي إطار الإضاءة على جهود المرأة ونجاحاتها نطلعك على العضوة المنتدبة للمبيعات والتطوير في شركة داماك العقارية أميرة سجواني

رداء "كوسودي" مطرز بخيوط من الحرير من اليابان صُنع عام 1915 من مبادرة زيّ


أبعاد عميقة
ما أهمية توثيق تاريخ الأزياء في العالم؟

تعكس الأزياء العديد من الأمور المهمة، من بينها التاريخ والثقافة والجغرافيا والديموغرافيا، وبالتالي فإن حكايات الأزياء التاريخية ذات أبعاد عميقة، فهي أعمق من مجرد تكوين وتفصيل وتطريز وألوان. باستطاعتي القول إن الأزياء التاريخية تكشف عن عصور مضت وحضارات ولغات اندثرت. ولو تتبعنا مسيرة زي قديم معين في بلد ما لوجدنا أنه مرتبط بما سبق من حضارات وبشخصيات مؤثرة في التاريخ، وبأحداث سياسية واقتصادية ودينية كانت قد تركت أثرها في الناس، وبالتالي على جميع ما يرتبط بتفاصيل حياتهم. لذلك، ممكن أن نقول إن مُبادرة زَيّ تعمل على نفض الغبار عن صندوق ذاكرة وذكريات محتويات عميقة ومدهشة.
رويت لنا قصصاً مؤثرة عن قطع الملابس خلال عملية اقتنائها.. ماذا يعني لك البعد الإنساني فيها؟
من المؤكد أن الإنسان الأول ومنذ "ورقة التوت" التي ستر بها بعض جسده، لم يكن يدرك أن فعله هذا سيتطوّر ليصبح أحد أهم المظاهر التي تهتم بها الشعوب على اختلاف أعراقها وأماكن وجودها. وسواء كانت الملابس والإكسسوارات تغطي جزءاً من أجساد البشر أو كاملها، فهي تتبع عوامل وظروف وقيم وأعراف عدّة نشؤوا فيها وعليها، لكن ذلك كله لم يمنع من تطورّها بما يتلاءم وتطور المجتمعات.
فالإنسان سيد الابتكار، وهو في بحث مستمر لتطويع كل ما من حوله، فاليوم من الطبيعي أن تواكب أزياؤنا متطلبات عصرنا، وأكيد أنها ستتطور مع الزمن وتعكس الحياة التي تواكبها بمتطلباتها، ومن هذا المنطلق دورنا في مُبادرة زَيّ توثيق هذه الخطوات لتبقى سجلاً يعود إليه كل من يبحث عن جذوره. ومثل ما يقول المثل "الي ماله أول ماله تالي".

قفطان د. ريم المتولي مغربي بطراز الخنجر من مبادرة زيّ، مطرز بخيوط الفضة من عام 1925.
زي العارضة إماراتي من مبادرة زيّ، يتألف من كندورة مطرزة آلياً بالفضة "خوار تولة" من أم القيوين من عام 1982، فوقها لباس علوي شبكي مطرز آلياً بالفضة "خوار تولة" من دبي عام 1984، والوشاح "شيلة تلي" من الحرير بشرائط معدنية من أبوظبي من عام  1988،مع "الصروال"المحلى مزين بشريط معدني "بادلة" من الحير، والبرقع.

مُبادرة زَيّ مُبادرة غير ربحية أطلقتها وسجلتها في بريطانيا عام 2018 وحققت بفخر رغم الجائحة خطوات تأسيسية جبارة


أبرز التحديات
ما أبرز التحديات التي واجهتها في مجالك، وكيف تغلبتِ عليها؟

مع شديد الأسف، إن توثيق الأزياء بوصفها ثقافة أو هاجساً ليس موجوداً بالكيفية التي أتمناها. فمعظم الناس لا يدركون أهمية ذلك النوع من التوثيق، مع العلم أن الأزياء تعكس العديد من الأمور المهمة، من بينها التاريخ والثقافة والجغرافيا والديموغرافيا، وبالتالي فإن حكايات الأزياء التاريخية ذات أبعاد عميقة، فهي أعمق من مجرد تكوين وتفصيل وتطريز وألوان. كل ذلك تسعى مُبادرة زَيّ إلى معرفته، فنحن نحاول تتبّع أثر كل زي لدينا على حدة، وهو بلا شك عمل مضنٍ وشاق، ويستلزم الوقت والجهد والمال، ولكن لا بأس طالما أن المبادرة برأيي تسعى إلى توثيق جانب مهم من جوانب حياة البشر، بما في ذلك المفردات والحكايات المرتبطة بالأزياء التي قد يجهلها كثيرون.
كيف ساعدتك الثورة التقنية على تطوير عملية جمع الأزياء؟
أولاً: مكنتنا من خلق أول أرشيف رقمي ومعجم متخصص في الأزياء والحلي على مستوى الوطن العربي، فالأرشيف الرقمي تجربة رائعة نتعلم منها كل يوم، فهي منصة رقمية مجانية مفتوحة عالمياً يتم مع الوقت إدراج وتوثيق المجموعة فيها بمصاحبة صور رقمية عالية الدقة توضح تفاصيل ومواصفات كل قطعة، إضافة إلى سجلات ومعلومات تاريخية وصفية وقصص تشرح كل قطعة، ويدعم كل ذلك مقاطع فيديو مفصلة للقطع الرئيسة تسمح للباحث للمرة الأولى في عالمنا أن يصل إلى هذه المعلومات بأسلوب حضاري وأكاديمي دقيق، وبمتناول اليد عالمياً.
وأستطيع الادعاء أن الأرشيف الإلكتروني الخاص بمُبادرة زَيّ متفرّد من حيث ما فيه، فإلى جانب كل قطعة أزياء معلومات أساسية عنها، كالاسم المحلي، ونوع الخامة، والقياسات، والتقنيات المستخدمة في خياطتها، سيجد القارئ معلومات عن تاريخ القطعة، وتفاصيل وافية عن شكلها وكل ما فيها. وبالتالي، تحرص مُبادرة زَيّ على اتباع أسلوب عمل يقدم المعلومات، سواء للباحث المتخصص أو الطلبة أو القراء أو المصممين عموماً، والجميل أن تلك المعلومات قابلة للزيادة بطريقة عضوية في أي وقت نحصل فيه على معلومات إضافية مفيدة، وما أتمناه حقيقة أن تكون المبادرة مرجعاً للجميع.
ثانياً: أوصلتنا مباشرة عبر قنوات وسائل التواصل الاجتماعي بأفراد وجهات عالمية نتحاور معها يومياً لإثراء أرشيفنا الرقمي، وبالفعل، لا يمكن لأحد أن يتخيل مدى ثراء الوطن العربي، بما فيه من أزياء، ولهذا فإن ما تقدمه الآن مُبادرة زَيّ هو سطر جديد في كتاب حي وإلكتروني متخصص في الأزياء والفنون المرتبطة بها، ونافذة أصبح العالم يطل من خلالها على الوطن العربي، وباللغتين العربية والإنجليزية؛ يتمكن القارئ المتخصص والعادي من معرفة تفاصيل مهمة حول الأزياء التي تملكها المبادرة، والتي باتت تتضمن اليوم أكثر من 2000 قطعة غالبيتها إهداء، أو تبرع، وبعضها تم الحصول عليه من مزادات متخصصة، وجميعها مسجلة بأسلوب علمي ومحفوظة في ظروف متقنة.
أجمل ما نقوم به هو ترجمة المواد الملموسة عن طريق القصص التي تصحبها، ثم مقارنتها بالمواد الصورية والتاريخية للتعرف إلى أساليب ارتدائها؛ حيث يتم تعزيز المجموعة بسجلات ومعلومات متعددة فريدة عبر المساحة الرقمية لتُخلد خلفيات الأشياء، ولتوثق الثقافة العربية والتراث والحرف التقليدية.
فريق عمل متطوع
هل حصلتِ على دعم أو مجتمعي خلال مسيرتك؟

مع العلم أننا فريق عمل متطوع يعد على أصابع اليد الواحدة إلا أننا نجحنا في استقطاب قائمة من المتخصصين المرموقين في المجال لتكوين دائرة مستشارين لمُبادرة زَيّ، وقد سبق وذكرت أسماء بعضهن في بدء اللقاء. ويقع اعتمادنا التام على الأفراد من أمثال قرائكم ممن يغارون على إرث الأجداد. أما مقتنياتنا، فيتم جمعها بصورة عامة من متبرعين بهدف حمايتها من الضياع والاحتفاء بالحكاية الإنسانية، لذلك فعملنا جماعي، وبإمكان الجميع المساهمة في التجربة للحفاظ على ذكريات أحبائكم ومقتنياتهم وتخليد أسمائهم عبر منبر مُبادرة زَيّ. وأتمنى من جمهوركم إضافة حسابنا في الإنستغرام أو الفيس بوك ودعوة من حولهم لمتابعتنا والمشاركة في مداخلاتهم حول ما ننشر.
كما يمكن لكل قارئ أن يعود إلى خزانته أو خزانة جيل الطيبين من حولهم، وتصوير قطعة تراثية، ومن ثم إرسال هذه الصورة مع نبذة قصيرة عنها وعن صاحبها، وسنقوم بنشرها عبر حسابنا مع توثيق اسمهم، وإذا كان الشخص جاداً وينوي التكرم لنا بهذه القطعة لتُخلد اسم وسيرة من يعزون عليهم، وتكون بمنزلة صدقة أو وقف جارٍ لهم، فيمكنه التواصل معنا عبر بريدنا الإلكتروني لترتيب خطوات ذلك بسهولة.
وكذلك يمكن التسجيل في جماعة أصدقاء زَيّ لدعم جهودنا، ولمواكبة نشاطاتنا أولاً بأول، والمشاركة في حواراتنا ومعارضنا، فأدعوكم لتكونوا أصدقاء زَيّ ولو بنَزْر يسير، فتراثنا فريد ويستحق منا الكثير لنضيء عليه بفناراتنا.
ما المشاريع الجديدة التي تعملين عليها؟
طموحاتنا كبيرة، فنحن الآن نعمل على مشروع إخراج أول معرض مُتحفي رقمي يختص بأزياء الوطن العربي، ولكن اسمحوا لي أن احتفظ بتفاصيله للقاء قادم معكم.

تم جمع وحفظ أكثر من 2000 قطعة من مختلف أنحاء العالم العربي بكل ما فيه من تنوع


تطعيم الموقع بمعجم
ذكرتِ أنك تعملين على إعداد موسوعة.. هل لكِ أن تحدثينا عنها؟

هي ليست بموسوعة، بل لكثرة المصطلحات وغنى اللغة العربية، اكتشفنا أننا بحاجة إلى تطعيم الموقع بمعجم يمكن للباحث أن يستفيد منه. ولأول مرة منذ تعريفات دوزي التي وردت في قاموسه الذي صدر عام 1845، أنشأنا قاموساً رقمياً شاملاً مرتبطاً بالملابس وأدوات الزينة في الوطن العربي، وفيه شرح مبسط عن كل مفردة، وأصولها، وكيفية لفظها، وجذورها التاريخية، ويمكن الوصول إليه بسهولة ويسر من خلال تمرير الماوس فوق المصطلحات والمفردات الموجودة، وكل ذلك نقوم به باللغتين العربية والإنجليزية زيادة في الحرص والمجهود، ويمكن الوصول إليه عبر موقعنا الإلكتروني: www.TheZay.org
تملكين مكتبة رائعة في منزلك، ويبدو أنك قارئة نهمة.. ماذا تعني لك القراءة؟
القراءة غذاء الروح والعقل، تُزيل الحواجز الزمنية والمكانية، تُنمي الخيال والقدرة على التركيز، تُثري مخزون المفردات، فتدعم فن التعبير، إضافة إلى كونها أداة لكسب المعرفة والترفيه، وتعزيز القدرة على التحليل والنقد وتحفيز الفكر المنطقي، وهي أداة من أدوات التواصل، فكيف لا تكون القراءة أحد شغافي!
فأنا تربيت في منزل أمي وأبي، وفيه قراء شغوفون، مكتباتهم كانت عامرة بما لذ وطاب من الكتب، ومجلسهم لا يخلو من الكتاب والأدباء والشعراء والفنانين والمبدعين، ثم حظيت بزوج وشريك يعشق القراءة والفكر المنطقي. هذا ومن أكثر من 30 سنة منذ أن بدأت عملي في المجمع الثقافي بأبوظبي قمت بتأسيس أول مجموعة كتب ضمنها، ومع الزمن شاركت بالانتماء للعديد وما زلت أنتمي إلى مجاميع كتب، نقوم من خلالها بالقراءة والنقاش شهرياً، ونلتقي الكتاب والمبدعين للمناقشة والحوار.
ودعوني أسركم بأمر فكلما زاد محصول ما نقرأ نكتشف شحّ ما نعلم!

في إطار التعرف إلى النساء الرائدات تابعي لقاء مديرة إدارة الاتصال والإعلام في المجلس الأعلى للتعليم القطري الدكتورة عائشة جاسم الكواري

فستان كرتة سفلي من مكة المكرمة من الحرير الهندي المشغول بخيوط الزري "الكنتيل" الذهبية والفضية من عام 1988، وفي محيط الحاشية من الأسفل تظهر عبارة “ملبس العائلة الملكية السعودية” بأحرف عربية.


علاقة مميزة
تربطك علاقة مميزة بابنتك الوحيدة مي نوف، وكذلك بوالدتك.. ما النهج الذي اتبعته لبناء الجسر بين ثلاثة أجيال؟

كم نحن محظوظون في مجتمعاتنا بهذه النعمة، أن تعيش أجيال عدة تحت سقف واحد! وحتى لا أطيل عليكم أقول باختصار: الاحترام المتبادل، والحوار الدائم، وإتاحة المساحة الشخصية لكل فرد، والضحك المستمر؛ هذه رسالتنا ودربنا الذي نسير على هديه.
تعشقين الآثار بحكم تخصصك الدراسي وميولك أيضاً.. ماذا تعلّمُنا الآثار، وما المناطق الأثرية التي تتمنين زيارتها؟
أعتقد كل ما ذكرته سابقاً عن مُبادرة زَي يواكب ما يمكن تَعَلُمه من الآثار، فذلك تخليد ورواية لإرث الأوليين، أما ما أتمنى زيارته من أماكن أثرية، فهنا اسمحوا لي أن أكون طماعة، وأطمح لرؤية أكبر عدد من آثار أرضنا الواسعة، وأخص منها على الصعيد الإقليمي العُلا في المملكة العربية السعودية، وعلى الصعيد العالمي الصين.

معطف حديث من الهند من تصميم رو مانجو، صديري رجالي خمري مخمل، مطرز بخيوط الفضة من ليبيا من حقبة 1950-1930
وصديري نسائي حرير مع دانتيل فرنسي بين عامي 1920-1940


زوايا منزلك تروي قصصاً كثيرة من خلال القطع التي تضمها، ومن خلال خبرتك في التصميم الداخلي، كيف يمكن أن تعكس المساحة التي نعيش فيها شخصياتنا بأفضل صورة؟
هذا موضوع للقاء آخر أعدكم أن نتكلم به عن الفن في الوطن العربي والتصميم والآثار والتحف.
ما وجهة السفر المفضلة لديك؟
كل البلاد تستهويني، فكل مكان له عطره ورموزه ومفاتيحه التي تفتح لنا آفاقاً جديدة للتجربة والمعرفة واللذة.
كيف تبقين شعلة الشغف متقدة للعمل والعطاء على الرغم من الضغوطات التي قد نواجهها في الحياة؟
تخبرني ابنتي مي _ نوف عندما أتذمر لها من عدم صبري على التركيز في حصة التأمل، أنني أعيش يومي في دوامة إبداع أزلية، كثيراً ما تُنسيني ما يدور حولي لتغنيني عن الحاجة إلى البحث عن التأمل. بمعنى آخر، الحمد الله أنني حظيت بنعمة العمل في مجال أعشقه يسلب فكري ووقتي، ويُثير حواسي، ويُلهم عقلي، ليُزيل الغمام عن تعبي وجهدي ويُغذي عزيمتي وإصراري.

أستطيع الادعاء بأن الأرشيف الإلكتروني الخاص بمبادرة زَيّ متفرّد من حيث ما فيه


أجيال ترصد وتبحث
ما نصيحتك لفئة الشباب ممن لديهم اهتمام بالتراث بمختلف جوانبه؟

كما سبق وذكرت، لا يمكن لأحد أن يتخيل مدى ثراء الوطن العربي بما فيه من تراث وتاريخ وجذور عريقة، وهو بحاجة ماسة إلى أجيال ترصد وتبحث وتفك رموزه لترجمة مواده الملموسة وغير الملموسة، وتُعزز سجلاته وتوثق الثقافة العربية والتراث والحرف التقليدية. مُبادرة زَي بدأت بخطوة صغيرة، وهناك المزيد، وها نحن ندعوكم لتساهموا معنا في رحلة تاريخية، ننسج خيوطها معاً لتصبح حكاية لن تنتهي ولا تُنسى.
ما أهمية تثقيف المصممين من الأجيال الجديدة فيما يتعلق بالأزياء التراثية؟
كما ذكرت، فإن الملابس التراثية هي جزء من تاريخ أي أمة أو شعب أو مجموعة بشرية، وبالتالي يُعد توثيق تلك الأزياء حفاظاً على وجه من أوجه ذلك التاريخ، وفرصة لإعادة إنتاجها، سواء بأشكالها الأصيلة، أو مع شيء من التجديد، ومن شأن هذا أن يسهم حتماً في أصالة المعلومات لدى المصممين وبناء إدراكهم العلمي والتاريخي والعملي، لإخراج مخزون مبني على أسس ثابتة.
تحتفي سيدتي بعامها الـ 42 .. ما رسالتك التي توجهينها إلى القراء بهذه المناسبة؟
أولاً، أبارك لسيدتي عامها، وأشكر القائمين عليها لدعمهم للعمل التطوعي، ومنحهم الفرصة لتسليط الضوء على مُبادرة زَي، وأحب أن أقول:
اليوم.. مُبادرة زَي تفتح قلبها لكم ولجمهوركم لتسهموا معها في رحلة تاريخية، من خلال تسجيل الأسماء الفردية وقصصها الشخصية، لنسمح لأصحابها بتجاوز مفهوم الزمن، فبلداننا عبارة عن فسيفساء غاية في الروعة، تجمع بين حضارات مختلفة منسوجة من أديان وأعراق متمازجة من المحيط إلى الخليج.
مهما كان قدر إسهامكم ودعمكم فهو حتماً سيترك أثراً طيباً لصالح إرثنا المشترك.. فبمحبة صادقة نمد أيدينا إليكم لتكونوا سنداً لمبادرة زَيّ وأصدقاء لها، فتمنحوها رعايتكم لتكبر وتتألق أكثر، وتصبحوا جزءاً من تاريخها ومن أسرتها.

 

معطف د. ريم المتولي من الحرير النسائي من الصين مطرز يدوياً بين عامي 1930 - 1950
أسفله صديري نسائي من الحرير مع دانتيل فرنسي بين عامي 1920 - 1940
زي العارضة قميص «كندورة» مطرز آلياً بالفضة «خوار تولة» بين عامي 1978-1980، فوقه لباس علوي مطرز آلياً بالفضة «خوار تولة» بين 1950-1955 وكلاهما من أبوظبي، مع الوشاح والبرقع. من مبادرة زي

 

سيعجبك أيضاً التعرف إلى رائدة الأعمال سارة الشروقي