العلاقة الحميمة بعد الأربعين

من المعروف علمياً أن نمطية الأداء تفقد العلاقة الحميمة الحيوية والإثارة، ما يجعلها مجرد أداء واجب تعود عليه الشريكان، حيث يؤدي ذلك إلى فقدان الرغبة لدى العديد من الزوجات، وعدم التفاعل الإيجابي أثناء العلاقة، ما يجعل الزوج يعتقد أن الزوجة أصبحت تعاني من «البرود الجنسي»، وهو موضوع مختلف تماماً عن فقدان التفاعل، وهنا سنعرض هذه المشكلة التي تصيب نسبة كبيرة من العلاقات الزوجية في حين أن الحل ممكن إذا ما تم التعرف على المشكلة في بداياتها.

الحالة:
السيدة أم عدنان، في أواخر الأربعينيات من العمر، متزوجة منذ أكثر من 20 عاماً، ولديها العديد من الأبناء والبنات، وتصف زوجها بأنه على الرغم من أنه في أوائل الستين من العمر إلا أنه لايزال يتمتع بالحيوية والنشاط، أما في العلاقة الحميمة، فلايزال وكأنه «في شهر العسل»؛ بنفس الرغبة والقدرة، ولكن بالأسلوب الممل لها، ما جعلها تفقد الرغبة في هذه العلاقة، فهي أصبحت تعرف ما سيقوم به في الفراش، وتحفظ ما سيقوله من «كلمات حميمة»، بل وأصبحت تشعر بالنفور من هذه العلاقة، خاصة بعد أن طلبت منه بعض التغيير في المكان والزمان، وأزعجها ردة فعله وتعليقه أنه مرتاح لأسلوبه ولا داعي للتصابي، فهو لا يهتم إلا بما تعود عليه. وتضيف أنها حقيقة تشعر بالضجر من نمطية تكرار العلاقة الحميمة على مدار السنين، وكلما سألت صديقاتها يقلن إن الأزواج عامة يخافون من التغيير في أسلوب العلاقة الحميمة بعد فترة من الزواج؛ خوفاً من الفشل واحتمال عدم قدرتهم على مواجهة التغيير الحاصل، حتى لا تبدأ الزوجة في الشك والقلق. وتسأل هل ما يحدث مع زوجها أمر طبيعي؟ وتطلب أن نوضح لها بعض النصائح؛ حتى تشعر بالحيوية في العلاقة الحميمة. علماً بأنها لا تعاني من أي برود، ولا تعتقد أن هذا هو الوصف الدقيق لحالتها.. عندما سألت بعض المختصين فهي تشعر بالإثارة حتى مع المشاهد الحميمة، ولكنها غير قادرة على الاستمتاع بهذه العلاقة بعد الآن.

الإجابة:
الكثير من النساء، خاصة في المجتمع العربي، يعانين من عدد كبير من المشكلات في العلاقة الحميمة، ولكن لا يستطعن أن يناقشن أو يتحدثن عنها، خاصة مع الزوج؛ لعدة أسباب، مثل الخوف من نظرات الشك، أو أن تتهم بأنها «شبقة»، أو لأسباب أخرى عديدة. فشكراً لك على طرح هذه القضية.
أولاً: نجد معظم الرجال يشكون من المشكلة التي تعانين منها، وهي نمطية بعض الزوجات في العلاقة الحميمة، وعدم التجديد أو حتى الترحيب بالتغيير في أساليب هذه العلاقة لإضفاء الحيوية والشباب عليها، ومحاربة الملل الذي يعد العدو الأكبر للإثارة، ما قد يجعل الزوج يلجأ إلى عمل أشياء أخرى؛ بحثاً عن هذه الإثارة، سواء من أمور يبيحها المجتمع أو حتى تلك التي تحرمها العديد من المجتمعات الإنسانية. وعند سؤال هذه الزوجات عن السبب في عدم الاستجابة أو القدرة على التغيير نجد أن معظم الإجابات تحتاج إلى تغيير ثقافة الزوجة حول أهمية تطوير أنماط العلاقة الحميمة، وتحسين الأداء بعد مرور فترة من الزمن على الزواج.
ثانياً: في بعض الحالات نجد العكس؛ فالزوج يكون مرتاحاً لآلية معينة في العلاقة الحميمة، ويخشى التغيير فيها؛ لعدة عوامل، منها ما هو متعلق بنمط الشخصية وثقافة الزوج ومعتقداته حول ما قد تعتقده الزوجة من أسباب وراء التغيير، كما نجد أن البعض منهم يخاف من أن تبدأ الزوجة بالتجرؤ عليه، وهو أمر نابع من الاعتقاد الذكوري، الذي لايزال يسيطر على عقول بعض الرجال في العديد من المجتمعات، التي يوجد بها نوع الأزواج مثل «سي السيد»، وهنا نجد أن الرجل يعيش حياة مزدوجة؛ فهو داخل البيت «الرجل المتحكم» حتى في العلاقة الحميمة، والتي تصبح مجرد أداء واجب تجاه الزوجة، أما في حياته الخفية فيعيش كإنسان مليء بالإثارة والمغامرة والتجربة لكل ما يباح أو لا يباح في العلاقات الحميمة.

ثالثاً: قد ينسى البعض من المتزوجين أن العلاقات الحميمة يصيبها الملل، وتصبح غير مرغوب فيها إذا لم تتلق الرعاية والتجديد بصورة دورية، حيث نجدها تصبح عبئاً على الفرد (من الجنسين)، وخاصة الزوجة، والتي تبدأ أحياناً في التهرب والتعذر من إقامة هذه العلاقة، ما يجعل البعض يعتقد خطأ أنها تعاني من «البرود الجنسي»، في حين قد تجد المرأة الراحة المؤقتة في ممارسة الإثارة الذاتية مع تأثير الخيال والفانتازيا.

وإليك سيدتي بعض الإرشادات التي تساعد على تحفيز الرغبة في التغيير عند الزوج:
أولاً: احرصي على أن تكوني متأنية، وطويلة البال في تحقيق التغيير المطلوب مع الزوج، فكما تعرفين أن التغيير في السلوك النمطي يكون أسهل في المراحل العمرية المبكرة، ويتطلب وقتاً وجهداً أكبر مع التقدم في العمر.

ثانياً: ابدئي بأمور بسيطة، مثلاً أن تساعديه في الاستحمام مع المداعبة، حتى ولو لم يكن هناك ممارسة، فالهدف هنا أن تستمتعا معاً.

ثالثاً: مشاركته في مشاهدة ما تشاهدينه من أمور تشعرك بالإثارة، مع التواصل اللفظي، والتعبير عن أحاسيسك، واهتمي بسؤاله عن مشاعره.

رابعاً: لا تجعلي كل التركيز على التغيير المفاجئ والكبير في الأمور المتعلقة بالممارسة الحميمة بصورة مفاجئة، وإنما اهتمي أكثر بتحقيق الإشباع، سواء حدث جماع أم من خلال المداعبة.

خامساً: لا تقارني أبداً بين ما ترينه على الشاشة مثيراً وبين ما يحدث في واقع الحياة، هناك عامل مهم، وهو التأثير السلبي لمثل هذه المثيرات؛ قد تسبب تأثيراً وانعكاساً سلبياً لدى بعض الرجال.

نصيحة
العلاقة الحميمة تحتاج إلى الاهتمام والرعاية في كل الأوقات، وليس فقط في سنوات الزواج الأولى، فبالتأكيد مع مرور الوقت لابد من عمل «ميك أوفر» make over، وأيضاً إلى نيولوك؛ لتحافظ على القدرة في تحقيق الإثارة والمتعة، وأيضاً الإشباع والرضا بين الزوجين.