هل فكَّرت يوماً في أن تستجوبَ مشاعرك؟! تتحقَّق من شعورها هي الأخرى معك؟
هل تمتلك الحريَّةَ الكافيةَ لتنطلقَ، وتُعبِّر، وتتفاعل مع كلِّ ما تراه في أي مكانٍ، أم أنها مسجونةٌ داخلك، مقيَّدةٌ، لم تكتشف بعد قدراتها، أو مداها الشعوري حتى؟!
أخيراً، طرحتُ على نفسي هذا السؤالَ، ولم يكن بدافعٍ فلسفي استكشافي، بل كان الدافعُ ربما تأكُّدي من أنني أقيِّدُ مشاعري.
وكانت هذه الوسيلةُ البسيطةُ للاعترافِ، وعدمِ الهروبِ، والمواجهةِ.
لم أتذكَّر شيئاً حينها، لكنْ هذا الاقتباسُ جعلني لا أستطيعُ الهروبَ أبداً حين تزامنَ مع سؤالي لنفسي:
«نَزْعَتُنا لِحَجْبِ ما في داخِلِنا تَخْلُقُ حاجِزاً نَفْسِياً، يَفْصِلُنا عن أُولَئِكَ الَّذِينَ نَرْغَبُ في مَعْرِفَتِهِمْ بِشَكْلٍ أَعْمَقَ» — كيث فيرازي.
أنا، مثل الكثيرين، نشأتُ على وضعِ حواجزَ كثيرةٍ لتحميني. نزعتُها من جدرانِ منزلنا، وأخذتها معي في كلِّ مكانٍ. تطوَّرت استخداماتي لها، وتعدَّدت. استخدمتُ جداراً، يحجزُ بين مشاعري والآخرِ البعيدِ، ثم الآخرِ القريبِ، فالأقربِ. ظننتُ أنني بهذا الشكلِ سأحميه أولاً من التصاقِ مشاعري به، وإيذائه، وربما فيما بعد أصبح السببُ الرئيسُ، هو عدمُ قدرتي، حتى وإن أردتُ، على هذا! لدرجةِ أنني تماديتُ في استخدامها، وأخطأتُ حينما وضعتُها بيني وبين مشاعري، قبل أن أستيقظ. وربما كانت هذه المرَّةَ الأولى التي أقرِّرُ فيها أن أحرِّرها بكلِّ أشكالها.
فضيلةُ «التحكُّم بمشاعري»، كما كنت أسمِّيها، أصبحتُ اليوم أجدُها تحرمني من أجملِ علاقاتِ حياتي. نحن بوصفنا بشراً في حاجةٍ للصدقِ، لأن نفهمَ بعضنا بعضاً، ولا توجدُ وسيلةٌ أفضل من أن نكشفَ جوانبَ عدةً من شخصيَّاتنا، وأهمُّها مشاعرنا: بضعفِها، وقوَّتِها، بالحزنِ كما الفرح، عن آرائِنا، غضبِنا، حزنِنا، وحتى ألمِنا.
لن يستغلَّنا أحدٌ ونحن على وعي كاملٍ بمشاعرنا.
علاقاتُنا في حاجةٍ لهذا النوعِ من الانكشافِ، والمشاعرِ، واللامثاليَّةِ المتناسبةِ مع طبيعتنا بوصفنا بشراً. هذا هو الطريقُ الأقربُ لفهمنا، ولتقبُّلنا، ولحصولنا على الحبِّ والانتماءِ.