الحساسية الغذائية عند الرضع ليست حالة نادرة، بل هي واقع يعيشه 10% من الأطفال الرضع حول العالم، - وفقاً لمنظمة الصحة العالمية-، ما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الأسر، إلا أن الكشف المبكر، والوعي الكافي، واتباع التعليمات الطبية، كفيلة بالتقليل من المخاطر وضمان نمو صحي وآمن للأطفال، وأكثر ما تظهر الحساسية في السنوات الخمس الأولى من حياتهم، من هنا كانت هناك أهمية للدور المحوري الذي تقوم به الأمهات، في رصد العلامات المبكرة لهذه الحالة والتعامل معها بوعي ومسؤولية.
"سيدتي وطفلك" في هذا التقرير التقت والدكتور حازم المهدي أستاذ طب الأطفال؛ للتعرف إلى أعراض الحساسية الغذائية لدى الرضع، والأسباب الأكثر شيوعاً لها، وأهمية الكشف المبكر، وأفضل سبل التشخيص، في خمس نقاط محورية.
الأعراض المبكرة لحساسية الطعام عند الرضع

تبدو علامات الحساسية الغذائية عند الرضع بأشكال مختلفة؛ بعضها قد يكون واضحاً وسهل الملاحظة، وقد تكون الأخرى خفية، وتتطلب قدراً أكبر من الانتباه. من بين الأعراض الأكثر شيوعاً:
تفاعلات جلدية: مثل ظهور طفح جلدي، احمرار، بثور صغيرة، أو تفاقم حالات الأكزيما.
مشاكل في الجهاز الهضمي: قيء متكرر، إسهال، غازات مؤلمة أو مغص بعد تناول أنواع معينة من الطعام.
أعراض تنفسية: سعال، عطس متكرر، انسداد الأنف، أزيز في الصدر.
تورم في الوجه أو الشفتين: وصعوبة في التنفس، وانخفاض في ضغط الدم في الحالات الشديدة.
وهذه الأعراض غالباً ما تظهر خلال دقائق إلى ساعات من تناول الطعام المسبب للحساسية؛ لذا يتوجب على الأمهات مراقبة ردود فعل الطفل بعناية بعد إدخال أي نوع غذاء جديد.
الأطعمة الأكثر تسبباً للحساسية

ليست كل الأطعمة متساوية في احتمالية تسببها لحالة من الحساسية؛ هناك مجموعة محددة من الأطعمة تُصنَّف بأنها الأكثر شيوعاً في إثارة ردود الفعل التحسسية لدى الرضع، وهي:
- حليب الأبقار ومشتقاته.
- البيض، خصوصاً بياض البيض.
- الفول السوداني والمكسرات (الجوز واللوز والبندق).
- الصويا.
- القمح ومنتجاته.
- الأسماك بأنواعها.
- المأكولات البحرية (الروبيان والكبوريا).
لهذا يُوصى بتقديم هذه الأطعمة بشكل تدريجي، وعند إدخال صنف جديد، يجب الانتظار من ثلاثة إلى خمسة أيام قبل تجربة صنف آخر، مما يسمح للأم بملاحظة أي أعراض غير طبيعية.
أهمية تقديم الأطعمة المسببة للحساسية في سن مبكرة

أظهرت الدراسات الحديثة أن تأخير تقديم الأطعمة المسببة للحساسية -وفقاً للمعتقدات القديمة- قد يساهم في تقليل خطر الإصابة بالحساسية، ومن الأفضل التعرف إليها مبكراً.
تدعو منظمة الصحة العالمية والهيئات الطبية المختصة، إلى البدء في إدخال الأطعمة الخارجية في عمر الستة أشهر، بالتوازي مع استمرار الرضاعة الطبيعية.
والهدف من هذا الاتجاه؛ تدريب الجهاز المناعي للطفل على تقبل هذه الأطعمة، مما يعزز مناعته تجاهها مستقبلاً.
مع ضرورة الالتزام بالتدرج والمراقبة الدقيقة لأي رد فعل غير طبيعي.
مع الحرص على تقديم الأطعمة في أوقات مناسبة -خلال ساعات النهار وفي وجود أحد الوالدين- لتفادي أي طارئ صحي قد يحدث.
كيفية تشخيص الحساسية الغذائية لدى الرضع

التشخيص سيدتي الأم ليس بالأمر البسيط، ويتطلب تقييماً دقيقاً من قبل أطباء مختصين، من أبرز طرق التشخيص:
جمع التاريخ الطبي:
حيث يقوم الطبيب بمراجعة تاريخ العائلة المرضي، وسرد الأعراض التي ظهرت على الطفل بعد تناول طعام معين.
نظام الحذف الغذائي:
يتم فيه إزالة الطعام المشكوك فيه من نظام الرضيع الغذائي لفترة محددة، ثم إعادة إدخاله تحت مراقبة طبية لمعرفة مدى تأثيره.
اختبارات الجلد:
وتُستخدم لتحديد وجود حساسية تجاه أنواع محددة من الأطعمة، بجانب اختبارات الدم؛ للكشف عن الأجسام المضادة المرتبطة بالحساسية.
اختبار التحمل الفموي:
ويُجرى في مراكز طبية متخصصة وتحت إشراف طبي صارم، ومن الضروري أن تتم جميع هذه الإجراءات تحت إشراف طبي مباشر، نظراً لاحتمالية حدوث تفاعلات خطيرة أثناء الفحوصات.
تأثير الحساسية الغذائية على حياة الرضيع وأسرته

تؤثر الحساسية الغذائية بشكل كبير على نمط حياة الطفل وعائلته؛ إذ تتطلب مراقبة دقيقة لنوعية الطعام، ويقظة مستمرة لتفادي التعرض للحساسية، بجانب أن القلق من حدوث ردود فعل خطيرة قد يؤثر نفسياً على الأمهات.
تشير تقارير طبية إلى أن الأطفال الذين يعانون من الحساسية الغذائية يواجهون تحديات اجتماعية وصحية قد تؤثر على نمط حياتهم اليومي، من هنا تبرز أهمية التوعية المجتمعية، وتوفير الدعم النفسي والمعنوي للأسر.
على المدارس ودور الرعاية التعامل مع هذه الحالات بجدية؛ بوضع خطط للطوارئ، وتدريب الكوادر التعليمية على كيفية التصرف في حال حدوث تفاعل تحسسي مفاجئ.
يبقى دور الأم محورياً في مراقبة العلامات الأولى، والتواصل المستمر مع الأطباء، واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة؛ لأن الوقاية خير من العلاج، وخطوة صغيرة من الوعي قد تنقذ حياة طفل.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.