mena-gmtdmp
الفطام النفسي للمراهق
الفطام النفسي للمراهق

من المعروف أن مرحلة المراهقة هي مرحلة انتقالية عند الإنسان، حيث ينتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب والنضج، وبالتالي فهي مرحلة حرجة يمرّ بها الإنسان، سواء كان ذكراً أو أنثى، بعدة تغيرات تؤدي إلى تشكيل شخصيته وبنائها، مما يشكّل الخط العام لها طيلة الحياة، بحيث يصعب تغييرها أو تعديلها.
من الضروري على الوالدين أن يحرصا على أن يمرّ الابن والابنة بما يعرف بالمراهقة الناضجة السليمة، والتي تبدأ بالفطام النفسي للمراهق؛ من خلال نصائح مهمة توجّه لهما أثناء التعامل معهما، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، وفي حديث خاص بها، بالاستشارية التربوية الدكتورة عبير أبوالسعود، حيث أشارت إلى نصائح مهمة تساعدين بها ابنك المراهق على الفطام النفسي مثل التوقف عن أسلوب المحاضرات، ومنحه المسؤولية، وغيرهما، في الآتي:

ساعدي ابنك المراهق على الفطام النفسي باكتشاف إيجابياته ومدحها

أب فخور بابنه
  • احرصي على اكتشاف الإيجابيات في شخصية الطفل منذ صغره، واعملي على مدحها وتشجيعها مهما بدت بسيطة، فكل سلوك إيجابي -مهما كان صغيراً- يستحق التقدير والدعم. ومع ذلك، من المهم أن تُعطى بعض الإيجابيات أولوية أكبر من غيرها، بحسب أهميتها في بناء شخصية الطفل. فعلى سبيل المثال، قد تهتمين بتفوق طفلك الدراسي أكثر من اهتمامك بترتيبه لسريره بنفسه، رغم أن كلا السلوكين يُعدّان من مظاهر التربية الإيجابية، ويعكسان اعتماده على نفسه.
    لكن يبقى التفوق الدراسي من الإنجازات التي يُفضل التركيز عليها بشكل أكبر، لما لها من أثر مهم في مستقبله وتقديره لذاته.
  • حثّي الأب على أن يكون مادحاً ومشجعاً لابنه؛ لأن الابن، ومنذ سن صغيرة، يتأثر بالأب أكثر من تأثره بالأم، ولذلك فأنتِ دائماً ما تتساءلين عن حقيقة ثابتة؛ وهي: لماذا يكون الطفل عنيداً مع الأم ومطيعاً مع الأب؟ والسبب هو غياب الأب الذي يشعر به الابن مبكراً، ويريد تعويضه بأن يكون إيجابياً معه خلال الوقت القصير الذي يقضيه معه.

ساعدي ابنك المراهق على الفطام النفسي بمنحه الفرصة لتحمل المسؤولية

  • امنحي ابنك المراهق الفرصة لكي يتحمل المسؤولية، وهذه أولى خطوات الفطام النفسي، الذي يعني أن يستقل الابن نفسياً وعاطفياً عن الكبار، فهو لن يستمر متبعاً لما يشير به إليه والداه، ولا يسير حسب بوصلة مشاعرهما، ولا تقديرهما للمواقف، ولذلك فأولى خطوات نجاحك في الفطام النفسي لابنك؛ أن تحمليه المسؤولية، وأن ينجح في ذلك.
  • كلّفي ابنك المراهق بمهام حقيقية، وليس مهامَّ ساذجة لا تناسب قدراته وعمره، لمجرد أن تشغلي وقته، وعبّري له عن حُبك وامتنانك لقيامه بهذه المهام، واختاري كلمات تشجيعية للأطفال دوماً من تلك التي تركز على العمل الذي قام به، والذي يجعله يشعر بأنه إنسان منتج وفعّال، وأنه قد خرج من مرحلة الطفولة التي يلعب ويلهو بها من دون أن يتحمل مسؤولية أي شيء في الحياة.

ساعدي ابنك المراهق على الفطام النفسي بالحوار معه

عناد المراهق
  • اعلمي بأن عدم استعداد الابن المراهق لكي يسمع نصائحك؛ هو نتيجة لما يتملكه من عناد، فمن الطبيعي أن يتسم المراهق بالعناد، وهي سمة عامة ومنتشرة عند المراهقين من الأبناء والبنات، ولذلك فمن الطبيعي أيضاً ألا يتقبل منك أي نصيحة إذا كنتِ تتعاملين معه بأسلوب الأمر والنهي والفرض، ولا تخلقين فرصة للحوار معه.
  • اعتماداً على طرق جديدة للحديث مع المراهق، ابتعدي عن أسلوب المحاضرات في الحوار مع ابنك؛ لأن الابن حين يكون علاقته بك عبارة عن محاضرات ووعظ مباشر؛ فهو سوف يظل إنساناً غير منتج وملتصقاً بكِ، ولا يفعل شيئاً سوى أن يستمع إليكِ ويبقى ملتصقاً بكِ في حالة من عدم الفطام، والاعتماد على رؤيتك ونظرتك ورأيك فقط، بل اهتمي بأن تختصري في الإجابة عن أسئلته؛ لكي تمنحيه الفرصة ليدلي برأيه ويعبّر عما لديه، وفي الوقت نفسه فإن الملل من صفات المراهقين وكذلك فهم قليلي الصبر ولديهم عصبية زائدة، يجب سحبها في اتجاه صحيح.

ساعدي ابنك المراهق على الفطام النفسي بالمصارحة معه

  • اعلمي بأنكِ بصدد أن تكوني صديقة لابنك المراهق، فمن صفات الأصدقاء أن يُصارحا بعضهما البعض، ويشجعا بعضهما لتجاوز الأزمات؛ لكي تقوى العلاقة بينكما، ولذلك فمن الضروري، لكي تساعدي ابنك أو ابنتك في مرحلة المراهقة، أن تقومي بمصارحته بمشاعرك أولاً؛ لكي تشجعيه على أن يبوح لكِ بما يشغله، بحيث تكونين مرآة صادقة له؛ يبوح ويقيم السلوك في الوقت نفسه، مثلما نفعل أمام المرآة، حيث نصلح عيوب ملابسنا ووجوهنا ونتخلص من الشوائب العالقة ونرتب شعرنا ويهذب الرجال لحاهم وهكذا، فالعلاقة بينك وبين ابنك تكون قائمة على هاتين الخطوتين.
  • راعي أن الابن الذي يفلح في الإفصاح عن مشاعره؛ يتخلى تدريجياً عن دورك في الوصاية عليه، ويبدأ في اكتشاف ذاته وبناء شخصية مستقلة، ولذلك فهي من ضمن مهارات مهمة يجب أن تعلميها لطفلتك لكي تكون ذات شخصية قوية في المستقبل وكذلك لابنك؛ وهو أن يتعلم طريقة الإفصاح والحديث عن نفسه، إضافة لأن تكوني متقبلة لكل ما يقوله، حتى لو كان مخجلاً أو خاطئاً.

ساعدي ابنك المراهق على الفطام النفسي بمنحه الفرصة ليُفصح عن آرائه

ابنة مراهقة مع أمها
  • توقفي عن أن تكوني المتكلمة عن ابنك المراهق، ولا تقفي سداً منيعاً بينه وبين العالم الخارجي، فهذه ليست طريقة للحماية، بل طريقة للسيطرة؛ سوف يضيق بها الابن والابنة لاحقاً، بل إنه سوف يصبح مادة للسخرية ممن حوله؛ في حال اتبعتِ هذا الأسلوب، وسوف يكون فعلاً بحاجة للفطام عنكِ، بعد أن تمت عملية الفطام عن حليبك.
  • اعلمي بأن من طرق الفطام النفسي للابن أن تتجنبي الإيحاءات العكسيَّة في الحديث معه واستخدام ضدها، فعلى سبيل المثال عندما يعجز عن القيام بعمل ما أو يقع في خطأ، فيجب ألا تقولي له "أنت لا تستطيع أن تفعل كذا"، بل قولي له: "يمكنك أن تحاول وتفكر"، وبالتالي فأنتِ تسهمين بدور كبير في مساعدته على تكوين وإثبات ذاته، وبناء النضج العقلي المبني على الاستقرار النفسي، وفي الوقت نفسه يجب عليكِ ألا تضعي المراهق في مواقف متناقضة، ويجب أن تكون طلباتك منه محددة؛ لكي يستطيع التصرف ويشعر بالاستقلالية.

ساعدي ابنك المراهق على الفطام النفسي بمساعدته على تجاوز صراعاته النفسية

  • ساعدي ابنك المراهق على أن يتجاوز الصراعات النفسية التي يمرّ بها وتكون طبيعية في هذا العمر، حيث إن الابن يكون متأرجحاً ما بين الطفولة والشباب، وهو لا يعرف كيف يتصرف، وكيف يرضي المجتمع من حوله! ففي بعض الأوقات يشعر أنه يريد أن يكون طفلاً، فيما ينهره الأب ويذكّره بأنه قد كبر وأصبح رجلاً.
  • احترمي خصوصية ابنك، وحافظي على كل ما يخصه، ولا تتدخَّلي مباشرة في حياته، وفي الوقه نفسه كوني مراقبة له من بعيد، من دون أن يشعر أنكِ تتلصصين عليه وتراقبينه، فهو شديد الحساسية، ولا يجب أن تنصحيه وتفضحي أخطاءه أمام الآخرين، وكذلك يجب عدم الانتقاص من قدره وقيمته أمامهم؛ حتى لا يسبب له ضغطاً نفسياً شديداً، ويدفعه إلى الانطواء وضعف الثقة بالنفس. ومن المهم أن تشاركي ابنك المراهق في نشاط معين يحبه، فهذا سيكون عاملاً مهماً في بناء شخصيته، وتحقيق التميز بين أصدقائه، وتخليصه من الصراعات النفسية، التي قد تستهلك وقته وطاقته وتدفعه إلى الفشل.

قد يهمك أيضاً: لكل أم: كيف تتجنبين الصدام مع المراهق؟