في زمن كانت فيه الأدوار العليا للنساء نادرة، بل مستبعدة، سطعت الدكتورة عائشة راتب كأول سيدة عربية تلتحق بالسلك الدبلوماسي، لتصبح رمزاً لكفاح المرأة، ونموذجاً للريادة في مجالات القضاء، والسياسة، والدبلوماسية؛ إذ ولدت عائشة راتب عام 1928 في القاهرة، لأسرة مصرية متوسطة، من أب مصري، وأم أجنبية، ومنذ طفولتها، أبدت شغفاً بالأدب، خاصة الفرنسي، والإنجليزي، ما دفعها في البداية للالتحاق بكلية الآداب، لكنها سرعان ما قررت تحويل مسارها الأكاديمي إلى كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة حالياً"، المعروفة حينها بأنها "مصنع الوزراء".
حلم القاضية
أثبتت عائشة راتب تفوقاً لافتاً، وتخرجت ضمن أوائل دفعتها عام 1949، وبعد تخرجها، تقدمت بطلب للتعيين قاضية في مجلس الدولة، لكنها قوبلت بالرفض، إذ رأت الحكومة حينها أن تولي امرأة منصباً قضائياً "يتعارض مع تقاليد المجتمع"، فتقدمت بدعوى قضائية، إلا أن المحكمة رفضت الطلب، وهو ما شكل نقطة تحول في مسيرتها.
نقطة تحول
قررت عائشة إكمال دراستها في فرنسا؛ إذ حصلت على درجة الدكتوراه في القانون العام في جامعة باريس عام 1955، وبعد عودتها إلى مصر، انخرطت في الحياة السياسية، وشاركت في إعداد دستور 1971، وفي عام 1974، عينها الرئيس أنور السادات وزيرة للتأمينات، والشؤون الاجتماعية، لتكون ثاني امرأة تتولى هذا المنصب بعد حكمت أبو زيد.
قد يهمك أيضاً الاطلاع على المرأة السعودية في رؤية 2030 قيادة وتمكين
وأصدرت خلال ولايتها إصلاحات اجتماعية شملت قوانين للمعاقين، و"معاش السادات" لمحدودي الدخل عام 1975، ومنحت الابن حتى 26 سنة معاشاً، والابنة المطلقة حق معاش والدها، ووضعت قيوداً على تعدد الزوجات، واستقالت اعتراضاً على رفع دعم الخبز خلال انتفاضة يناير 1977.
أول دبلوماسية
وفي عام 1979، أصبحت أول امرأة عربية تعين سفيرة؛ إذ مثلت مصر في الدنمارك، ثم في ألمانيا الغربية، لتدخل التاريخ كأول سيدة عربية تلتحق رسمياً بالسلك الدبلوماسي، ابتعدت عائشة راتب عن الحياة العامة في سنواتها الأخيرة، وتوفيت في ديسمبر 2013 إثر أزمة قلبية، ورحلت جسداً، لكنها بقيت حية في الذاكرة العربية كأول دبلوماسية عربية، وواحدة من أبرز الرائدات في تاريخ المرأة المصرية، والعربية.
ما رأيك التعرف هنا إلى السفيرات السعوديات في عواصم العالم