العلاقة الحميمة بعد الولادة

معظم الاضطرابات الجنسية التي تصيب النساء، إن لم يكن كلها، يمكن علاجها إذا ما تم تشخيص الحالة بصورة جيدة، ومن قِبل الطبيب المختص، وبخاصة الاضطرابات المتعلقة بالرغبة الجنسية، والتي تتغير مع المتغيرات العضوية، مثل الإصابة بالأمراض المزمنة «السكري، وارتفاع ضغط الدم»، أو قد تكون مرتبطة بالتغيرات الهرمونية، مثل مرحلة النفاس أو ما يسبق انقطاع الطمث.

وهناك العديد من الأخطاء والمضاعفات التي تحدث نتيجة اللجوء إلى غير المختصين، وتقبل النصيحة باستخدام بعض الأعشاب والمستحضرات غير الطبية، والتي يمكن أن تتسبب في خلل أكبر، ومن المهم هنا أن يكون لدى المرأة قدر من الثقافة حول هذا الاضطراب بنوعيه: الوظيفي والعضوي؛ بحيث تتمكن من البحث عن العلاج المناسب لحالتها بعيداً عن الوصفات الشعبية، والتي لا يمكن ضمان مدى أمانها على الصحة العامة لها، كما يجب التنبه إلى أهمية التواصل الإيجابي مع الزوج حول مثل هذه الأمور؛ لما يمثله هذا التواصل من عامل داعم لنجاح العلاج بإذن الله.

الحالة:
ابتهاج «أم عابد»، سيدة في الثلاثين من العمر، ولديها 5 أطفال، أصغرهم لم يتم الشهر السادس من عمره، لاحظت أن هناك تغيراً في الرغبة الجنسية لديها؛ خاصة بعد الولادة؛ فهي لم تعد تشعر بها كما كانت من قبل، وبدأت تلاحظ ذلك، وقد لمّح الزوج إلى هذا الموضوع بصورة عارضة، مع العلم بأنها استعملت العديد من الوصفات الشعبية والأعشاب والمراهم التي نصحتها بها الكثيرات من صديقاتها، ولكن دون فائدة.

وتضيف: أنا أستغرب من هذا التغير الذي أصابني، مع العلم بأنني أجريت تضييقاً تجميلياً لهذه المنطقة بناء على طلبي، وكانت الأمور جيدة من كل الجوانب، وما تستغرب له أنها أحياناً تشعر بشيء من الرغبة، الا أنها سرعان ما تتلاشى، حتى قبل البدء في الجماع، نصحتها إحدى الصديقات أن تتناول عقاراً منشطاً للرغبة، ولكنها خافت بعد قراءة الآثار السلبية لهذا الدواء، وتضيف، أن الزوج عرض عليها أن يشاهدا معاً بعض الأفلام الحميمة، ولكنها لم تستحسن الفكرة لأسباب دينية تتعلق بالحلال والحرام، وتقول إنها بدأت تخشى على استمرار العلاقة الزوجية، أو أن يلجأ الزوج إلى الزواج من أخرى، أو أن يكون هناك ما يغضب الله، وتسأل: ماذا أفعل؟ هل يمكن أن تعود الحالة لما كانت عليه قبل الولادة؟ هل من دواء، أم يجب أن تستسلم للواقع وتهيئ نفسها لما هو أسوأ.

الإجابة:
السيدة إبتهاج: المشكلة التي تعانين منها تصيب أكثر من 70% - 32% من النساء، وهي التغيرات في الرغبة الجنسية بعد الولادة، وتكون عادة لعدة أسباب، منها: أن الرغبة ليست كمفتاح الكهرباء تضاء فجأة عندما يرغب الشخص فيها، إنما هي نتيجة عدة عوامل: نفسية، عضوية، اجتماعية متداخلة، ويأتي على رأس القائمة العامل الهرموني الذي يتغير مع الإنجاب أو مع التقدم في العمر، أي في فترة ما قبل انقطاع الطمث، وقد يحدث هذا التغير أيضاً نتيجة الإصابة بأي من الأمراض العضوية، إما المؤقتة مثل الحمى، أو حتى الأمراض المزمنة مثل الإصابة بداء السكري، وهنا تأتي أهمية التعرف على الحالة العضوية الجسدية لدى المرأة قبل البدء في تعاطي أي أدوية أو حتى أعشاب شعبية؛ ما يجعل احتمال حدوث مضاعفات قد تكون خطيرة.

وجد أن معظم الحالات التي تعاني من فقدان أو انخفاض الرغبة الجنسية، تكون ناتجة عن الإصابة ببعض الأمراض النفسية، مثل مرض الاكتئاب، والذي يصيب أكثر من 10 إلى 15% من النساء في فترة النفاس؛ لذلك يجب التأكد من عدم وجود مثل هذه الحالة، والتي تستوجب العلاج المتخصص بمعالجات الاكتئاب بعد التشخيص الصحيح، كما نجد أن بعض النساء يعانين من انخفاض الرغبة بعد الولادة المتعسرة نتيجة الإعياء الجسدي المصاحب للولادة والاهتمام بالمولود الجديد، وهنا تحتاج الزوجة إلى الدعم والرعاية من الزوج، والمشاركة في الاهتمام بالمولود الجديد.

وإليكِ بعض الإرشادات التي تساعدك على استعادة الرغبة، بعد التأكد من عدم وجود أسباب عضوية يجب علاجها بحسب الحالة:

أولاً: عدم التركيز على «عدد مرات العلاقة الحميمة»، وإنما التركيز على جودة اللقاء، ومدى تحقيق الرضا الجنسي بين الزوجين.. «تخلصي من الأعداد وركزي على الجودة»، واستمتعي بالعلاقة بدلاً من التوتر من أنك لم تحققي الرقم المطلوب.

ثانياً: الإكثار من، وتطويل فترة المداعبة بين الزوجين، بعيداً عن المواعيد الضاغطة أو القلق على الأطفال.. اختاري الوقت الذي يناسبك وزوجك بعد أن تكوني اطمأننت على أطفالك، ولا تجعليها، أي العلاقة «على هامش الحياة».

ثالثاً: ابتعدي تماماً عن تناول أي أدوية بدون استشارة الطبيب المختص، ويجب أن تتأكدي من ملاءمتها لحالتك قبل أن تسبب لك أي مضاعفات خطيرة، لا سمح الله.

رابعاً: هناك بعض الأمور التي تساعد على تحفيز الرغبة واستمرارها، مثل المداعبة الحميمة، والنكات الحميمة، وأي طريقة ترتاحين لها مع الزوج؛ فمثلاً وجد أن تأثير المساج الحميم من الزوج لزوجته؛ خاصة في الأماكن الحساسة، يساعد على تحفيز الرغبة وتطويل الإثارة إلى أن تتم العملية الجنسية بصورة مشبعة للطرفين.

نصيحة
الرغبة الجنسية لدى الرجال والنساء متغيرة دائماً، إما لوجود اضطرابات عضوية، مثل الخلل في الهرمونات، أو لأمور نفسية واجتماعية مختلفة، والمهم التركيز على اكتشاف أي سبب عضوي لدى الشخص، والذي يجب علاجه، كل حالة بحسب ما يراه الطبيب المختص، وليس بناءً على نصيحة، أو «الاستعانة بصديق».