كما في كلّ عام، في كلّ زيارة لمعرض الرياض الدولي للكتاب، نجد آلاف المواضيع لنسلّط الضوء عليها؛ فلا نَملّ الحديث مع الكتّاب والمفكرين وممثلي دُور النشر، عمّا يقدّمونه من منجزات جديدة ضمن هذه النسخة. وبالمقابل ما يمثله الحدث نفسه من قيمة يحرص أهل الثقافة والعلم والفنون على مواكبتها.
نأخذكم في جولة جديدة بين أروقة المعرض؛ للإضاءة على جوانب أخرى من هذه التظاهرة الثقافية الإبداعية السنوية.
تغطية وتصوير: عبير بو حمدان
الاحتفاء بالأدب والفكر والترجمة

بدايةً كانت لنا زيارة إلى جناح "دار مدارك" التي تشارك سنوياً في المعرض، وفي هذا العام كانت المشاركة مميّزة؛ كون الدار تحتفل بمناسبة مهمة. وفي هذا السياق التقينا بالشاعرة سارة الزين، المدير العام لشركة مدارك للنشر والتوزيع، التي قالت: "كما هو معلوم، شركة مدارك للنشر والتوزيع هي من أكبر وأقدم دُور النشر في الخليج وفي العالم العربي، نحتفل الآن على مرور 15 عاماً وأكثر على تأسيس شركة مدارك، نحتفي بمؤلفينا بكتّابنا بقرّائنا وبالعاملين معنا؛ لأن كلّ هذه الجهود التي وصلنا إليها الآن، هي ببركة وفضل وسواعد وأقلام وكتابات لكبار المؤلفين من السعودية وصولاً إلى العالم العربي والعالمية".

وعن أبرز الإصدارات التي تُعرض في جناح مدارك في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، أكّدت: "لدينا إصدارات جديدة وترجمات كثيرة ومهمة؛ لذا ندعوكم إلى زيارة جناح دار مدارك للاطلاع عليها، ومتابعة توقيعات الكتب التي ستكون يومياً ابتداءً من الساعة 6 وصعوداً إلى الليل، ندعوكم إلى جناحنا B265 لتكونوا شاهدين على الاحتفاء بالأدب والفكر والترجمة".
الرياض وجهة العالم

الإعلامي المختص بالشؤون الثقافية صالح اليامي، عدّ في كلمة خاصة لـ«سيدتي» أن: "معرض الرياض للكتاب هو الآن من أهم المعارض الموجودة في المنطقة؛ خاصة للناشرين وللمؤلفين ولتدشين الكتب". وأضاف: "عددٌ كبير من المهتمين بالمعارض الكتابية أو معارض الكتاب والقراء والناشرين، يحرصون على أن يكون في خريطتهم الثقافية التواجُد في هذا المعرض".

وأوضح: "أكثر من 2000 دار ناشر، عددٌ كبير من الدول، أيضاً قسم الترجمة، الإعلام الدولي، الأدب بشكل عام، كلها تواجدت في هذا المعرض. هناك نُسخ من المعرض تحت إشراف هيئة الأدب والنشر، تكون في المدينة المنورة، والمنطقة الشرقية وفي عدد من مناطق المملكة، ولكن الرياض كونها الآن وجهة العالم، وإحدى الوجهات الأدبية الرئيسية العالمية، نلاحظ إقبال عدد كبير من الكتّاب الأوروبيين، وأيضاً من أمريكا الجنوبية ومن آسيا، وكما هو شعار المعرض باختصار: الرياض تقرأ".
فن فريد من نوعه

الفنان ماهر الحاضري، مختص بفن الكتابة بالخيط، أخبرنا في حديث خاص عن فن ابتكره بنفسه، وهو فن الكتابة بالخيط، وقال: "نحن مشاركون في جناح دار الفنون لنقدّم فن الكتابة بالخيط، هذا الفن حديث ويقدَّم بهذه الطريقة لأول مرة في العالم. أنا ابتكرته، وإذا كان موجوداً سابقاً فليس بهذه الطريقة؛ فالذين يعملون بهذا المجال، يقومون بطباعة الأسماء أو العبارات على القماش، ثم يطرزونها. أما نحن؛ فنقوم بالكتابة بشكل مباشر وبخط متقَن".

وأضاف: "من أعمالنا، أول مصحف مكتوب بالخيط والإبرة في العالم، وزنه 200 كلغم، مؤلَّف من 12 مجلداً، كلّ مجلد مؤلَّف من جزئين. العمل أخذ منا تقريباً 12 سنة، وهناك أعمال أخرى مثل، وصايا الإقبال الحكيم وأحاديث للإمام النووي، وأعمال أخرى موجودة لدينا هنا بالجناح مثل، الآيات القرآنية والأسماء والعبارات".
في سياق الفنون أيضاً اقرأي: انطلاق النسخة الثانية من مسابقة الخط العربي في معرض الرياض الدولي للكتاب
الاهتمام بالمحتوى والشكل

من الكتّاب الذين كانت لهم مشاركة مميزة هذا العام في المعرض، الكاتب عبدالله القوماني من الكويت، والذي حرَص من خلالنا على شكر هيئة الأدب والنشر والترجمة ووزارة الثقافة، على تنظيم هذا المعرض، وقال: "نحن حريصون على المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب في كلّ سنة، هذا العام يُعرض لي 11 كتاباً في دار شغف، أحدثها رواية "البقى لغيرك" التي تتكلم عن قضية اجتماعية وبنفس الوقت جريمة بوليسية، وتدور حول قصة فتاة مهتمة بالخيل وكانت موجودة في لندن، وبعد فوزها بالمركز الأول، اتُهمت بجريمة قتل وسُجنت، وبعدها تبدأ الأحداث، ونتابع كيف اتُهمت من دون ذنب، وكيف تخرج من السجن".

لفتنا في كتب القوماني، اختياراته للأغلفة، وعن ذلك أخبرنا: "الكاتب يهتم بالمقام الأول بمحتوى الكتاب، لكن بنفس الوقت عليه أن يهتم أيضاً بالشكل والعنوان اللذين يعَدان من أبرز عناصر التسويق للكتاب، وعليه أن يكون ذكياً في اختياراته للأغلفة والعناوين".
أما عن أبرز المواضيع التي تحظى بشعبية وإقبال اليوم، قال: "تعَد المواضيع البوليسية وقصص الجرائم، من أكثر المواضيع التي تحظى بإقبال كبير خلال السنوات الخمس الأخيرة. لكن لا بد للكاتب من ألّا يتخلى عن مبادئه والمواضيع والقضايا التي يهتم بها؛ حتى ولو كتب ما يطلبه السوق، ولكن يكتبه بأسلوبه الخاص".
شغف الشباب بعالم الأنمي

ولأن لمعرض الكتاب جمهورَه المتميّز من الشباب والجيل الجديد؛ فيكون لهم في كلّ عام حيزٌ من المحتوى، يناسب اهتماماتهم وتطلعاتهم. وكون "عالم الأنمي" يحظى بشعبية كبيرة بين أبناء وبنات هذا الجيل، خُصصت أجنحة عديدة في المعرض لعرض منتجات وصور ومجسمات خاصة بشخصيات هذه القصص والأعمال التليفزيونية. في أحد الأجنحة التقينا بمجموعة من الشباب الذين كانوا يتفحصون المنتجات الجديدة، ويختارون منها ليضموها إلى مجموعاتهم.

سيف محمد، من محبي مسلسلات الأنمي، قال لنا: "المعرض جميل جداً، وأنا موجود هنا اليوم من أجل مسلسل الأنمي كيميتسو؛ فأنا من المحبين لهذا المسلسل، لدرجة أنني أتابع كلّ ما يتعلق به، وأجمع أغلب الأغراض التي تتعلق به، وهو الأنمي المميز هذه السنة، وهو مسلسل ناجح والشخصيات أسطورية والقصة لا مثيل لها".

أما عبدالرحمن فهد؛ فقال: "سعيدٌ بوجود أجنحة لمتاجر شخصيات الأنمي، أعجبتني كثيراً شخصيات مسلسل جوجوتسو كايسن؛ فهو من أفضل الأعمال بالنسبة لي، وأنا أقوم بجمع منتجات خاصة بهذا المسلسل، الذي كان بداية تعرُّفي إلى عالم الأنمي من خلاله، وكانت بداية حلوة جداً حفزت عندي هواية التجميع، ومع مرور الوقت باتت مجموعتي تكبر أكثر وأكثر، وشغفي يكبر في هذه الأعمال؛ لذلك عندما يصدر موسم جديد، أسارع لشراء قطع جديدة".
القراءة بأسلوب تفاعلي

كما للمراهقين والشباب حصتهم من الحدث، كذلك للأطفال، وعن ذلك تحدّثنا إلى غسان مطر من دار قرطبة، قسم الأطفال، الذي قال: "العالم في تطوُّر مستمر، وكان ضرورياً أن نطوّر طرق القراءة لاستقطاب الأطفال؛ للحصول على المعلومة والاستمتاع بالقراءة؛ فبعض الأطفال عزفوا عن القراءة، ونحن مهمتنا جذبهم ليعودوا إلى هذا العالم الجميل والمميز".

وأضاف: "نحن الآن في جناح قرطبة، الخاص بالأطفال، لدينا منتجات مميزة، منها: قاموس العالم الثقافي، والذي صُمم بطريقة رائعة جداً للأطفال؛ لتشجيعهم على القراءة، وفيه نوافذ مقسّمة ضمن القارات، تتضمن معلومات عن الحضارات وثقافتها والاهتمامات والملابس والأكل والعادات المعروفة عندهم، وأيضاً حسب البيئة الموجودة فيها سواء بَحرية أو على الجبل. هذا منتَج رائع جداً أنصح باقتنائه، وهناك قاموس آخر مخصص للحيوانات والبيئات التي تعيش فيها ونمط حياتها، هذا إلى جانب الكتب التفاعلية التي تُقدّم المعلومات بطريقة حركية وصوتية معيّنة. مثلاً كتاب سلسلة الطاهي التي يتفاعل الطفل مع المحتوى فيها بشكل جميل، كأن يُعِد المكوّنات ويحرك الطبخة على النار، وكأنه يقوم بهذا الأمر بشكل واقعي، لكن من خلال تصميمات ورسومات آمنة ومتحركة".